لماذا وكيف أتزوج؟
أولاً: لماذا أتزوج؟ وما هي النيات التي يمكنني أن أتوشحها لكي أجعل من زواجي قربة لله تعالى؟ وهل يجوز أن تخالط هذه النيات نيات أخرى، مثل الاستقلال والاستقرار ونحوهما؟ وهل يمكنني أن أتطلّع للزواج بشكل قويّ وبدافع من داخلي؟
ثانياً: كيف أتزوج؟ هنا تكمن العقبات، وأتخوّف من كثرة التنازلات؛ فإليكم أرسم بعضها:
** أول العقبات أمام زواجى: أمي وأختي التي تكبرني: فقد تقدَّم إليَّ خُطَّابٌ أَكفَاءٌ، وكان أهلي يردونهم؛ لأن أختي التي تكبرني لم تتزوج بعد، والآن تقدّم إلي شاب كفء وخيرني أهلي فيه؛ وعندما سألتُ أمي عن أختي التي تكبرني، قالت: لن نستمر في الرد عنك.
لكنني أشعر أن والدتي يقلقها همُّ أختي، علماً بأنني أظن أنها – أختي - لا تعلم شيئاً عن السابقين الذين رددناهم؛ وكذلك أرجِّح أنها لن تتقبّل مني - الرضا بخطبتي قبلها - لو فاتحتها بالموضوع ؛لوجود فروق فردية بيني وبينها؛ فأشعر أنها دائماً لا تتقبل كلامي.
فكيف أتعامل مع أختي بعد ذلك، علماً بأن عمري 24 سنة وهي تكبرني بـ 6 سنوات؟ هل أمضي في قبول الموضوع أو من اللائق أن أحترم أختي وأرفض إلى أن ييسر الله لها رزقها؟
** العقبة الثانية أمامي هي: حفظ القرآن الكريم وطلب العلم: فالخاطب الجديد سأل عن جديتي في طلب العلم الشرعي عن طريق أخته - صديقتي - وهي تعلم عني الكثير في هذه الأمور، والحمد لله أنها أوصلت إليهم طموحي في طلب العلم -كما أشارت لي- هذا كله قبل أن يتقدموا إلينا رسمياً.
وأنا الآن في حيرة؛ حيث إنني أريد أن أشترط إكمال حفظ القرآن لي وله، علماً أنني رُشحت من قبل الدار التي أدرس فيها للالتحاق بدورة للحصول على إجازة في رواية حفص عن عاصم، والخاطب يعمل في منطقة نائية؛ فهل أشترط عليه: الالتحاق والحصول على الإجازة، أو أقبل وأنظر ما رأيه فيما بعد، مع أنني أعد الأمر الثاني تفريطاً في أمر عظيم؛ فما رأيكم ؟
** العقبة الثالثة هي: الرؤية الشرعية: الخاطب طلب الرؤية الشرعية وأنا ولله الحمد مقتنعة تماماً بها من قول الحبيب - صلى الله عليه وسلم -لكن أحس أن العُرف في تلك الرؤيا عندنا فيه خلل.
فكيف يتسنى لي الدخول على رجل أجنبي؟! أتوقع أن قدميّ لن تحملني، علماً أنني استشرت إحدى الداعيات فأجابت عليّ: إذا طلب الرؤية وجب عليك الخروج له؛ وكذلك أخي لا يؤيد أن "من حيث لا تشعر".
والآن ذهب على طلبه قريباً من الشهر أو يزيد؛ ولم أفعل شيئاً، وأخي لم يناقشني بالموضوع مع العلم أنه على تواصل مع الخاطب؛ فهل استعجل أخي لننهي الموضوع على القبول أو الرفض قبل أن ينتشر الأمر؟! أم أُريح بالي وأترك لهم ذلك؟! مع العلم أن أخي يقول: معنا وقت؛ لكنني خجلة أن أبقى في ذهنه؛ فرأيي أن ننهي الموضوع، إن كان بالقبول، فاللهم بارك، وإن كان غير ذلك، فاللهم يسِّر لنا ما يرضيك في عافية. وجهونا إلى الصواب؛ بوركتم.
العقبة الثالثة: الورع والزواج: أحس أن هذين الأمرين لا يمكن أن يجتمعن في العصر الحديث؛ لعدة أمور يتطلبها الزواج، وتتنافى مع الورع، ومن هذه الأمور ما يلي:
- لا أتقبل هذه الأمور مع أن هناك شيئاً بداخلي يقول لي: من حقه -الرجل- أن يتمتع بما أحله الله، ولكنني أجد في نفسي منها شيئاً؛ فتأملوا من فضلكم هذه الخلطات:
- "ليكون جسمك أنعم من الزبدة، وأبيض من القشدة، اخلطي طحينة مع حليب، واعجنيهما بقليل من الماء، ثم ادهني جميع جسمك، عدا وجهك؛ لأنه حساس، ثم إذا جفّت على الجسم، فتتيها؟ بطريقة دائرية واغسليها بالماء، وكرري ذلك مرتين في الأسبوع".
- "للتخلُّص من البقع التي قد تظهر في الجسم، ضعي عليها عصير ليمون، وزيت زيتون" ... إلى غير ذلك من الخلطات.
فأيهما الأولى؟! أن أشتغل بذلك وأزعم أنني أتزين له، أم أستبدل ذلك بما ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: « »، و « »، و « »، وقوله تعالى عن العسل: {فِيهِ شِفَاء لِلنَّاسِ} [النحل:69]، مع العلم أن مستحضرات التجميل لا تغني عن الخلطات لما ثبت من ضررها؛ أفتونا بوركتم أينما كنتم .
- أحاول -قدر جهدي- أن يكون لباسي واسعاً ساتراً، وحينما طرأ عليَّ هذا الأمر، أحسست أنه من الصعوبة أن أجعل الفساتين واسعة، ولكن؛ قررت وعزمت بإذن الله أن أجعل لباسي له غير لباسي لغيره، فهو له الضيق، والمفتوح، والشفاف، وكل شيء، أما لغيره فلن ألبس بإذن الله إلا الواسع ،مع حرصي على الأناقة والتجديد، ولكن هذا سيكلِّف الكثير، وأخاف أن أقع في الإسراف، وكذلك أخاف من أن أقع في التقليد في لباسي عنده، لأن الغالب فيما عندنا في الأسواق يُرى في الفضائيات ونحوها، ولا أعلم ما الضابط فيها؛ فهل من رأي في ذلك، بورك فيكم؟
- أنا الآن لا أقص شعري بل أسدله من الخلف فقط، ولا أحب الخُصل، ولا التسريحات، والتقليعات، التي أراها، فما بالكم بالتسريحات التي يزعمون أنها "للعرايس" ونحوها ... فيا تُرى ما هو الأفضل والأولى والأفقه في هذا الأمر؟ وجهونا سُددتم.
كثيراً ما أقرأ وأسمع أنها –الأشياء السابقة- مضرة بالجسم بعد طول الزمن أما إن قرأت عن تركيبتها فهنا ما لا أطيقه ولا تحتمله نفسي ..فهل من الأولى أن أتحملُّها علماً أنني الآن لا أستخدمها .. أم أتركها وأبدو على طبيعتي وأنظر هل يطلبها مني أم لا.
** العقبة الرابعة -في طريق الزواج-: السبعون ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب: لا أحب الذهاب للطبيب؛ طلباً لأن أكون من السبعين ألفاً الذين يدخلون الجنة بلا حساب، وأحسُّ أن هذا مع الزواج منتفٍ؛ لأن أمور الحمل والولادة وما إلى ذلك، تستدعي متابعة الأطباء، فما رأيكم بوركتم؟
** العقبة الخامسة: التسوق والتجهيز: من عادات والدتي جزاها الله جنات الفردوس، ألا تذهب إحدانا إلى السوق إلا وهي معنا، هي مشاعر لطيفة ورائعة، لكنها مّتعِبة لها جداً، وكذلك أنا أريد فترة الخطوبة فترة حفظٍ للقرآن، ومراجعة جيدة، وليس تنقُّل في الأسواق، وضياع للتفكير والوقت، في ردهات المحلات.
فكيف أخفف العبء عن والدتي وعني، بتفادي كثرة الخروج للتسوق في أثناء تجهيزي؟
** العقبة السادسة: التفكير والهواجس:
- التفكير في المتقدِّم - قبل الملكة - له حدوده وضوابطه.
- ثم بعد الملكة.
- ثم في الإعداد والاستعداد والتهيؤ النفسي.
مثل هذا الموضوع مقلق كثيراً، وأريد ضوابط للتفكير من جهات كثيرة.
** العقبة السابعة: صلاتي ثم صلاتي: كيف أتخلص من الدنيا عند أدائها؟ وما حدي من السنن المطلوب مني تركه من أجل الزوج؟
أعتذر في النهاية عن الإطالة، وأرجو منكم أن تشيروا عليّ دائماً بما هو أقرب للتقوى، وأورع، وأفضل.
كذلك سوف أخبر صديقاتي عن الرد؛ لأنني كثيراً ما أتناقش معهن في هذه الجوانب، لكن لا نجد إجابة فقهية شافية كافية، وسأحاول نشرها بأوسع نطاق ممكن، إذا كنت -فضيلتكم- تؤيد هذا الفعل.
الحمدلله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
أما عن سبب الزواج والهدف منه؛ فاعلمي أن الله قد شرع الزواج لمقاصد كثيرة، يضيق المقام عن استقصائها، ونشير إلى بعضها:
- فمنها: حفظ النسل، وحفظ العِرض، وتحصيل العفة، وتحصين الفرج، وغض البصر.
-فالزواج من أنجح الوسائل المساعدة على ذلك ففي الصحيحين حديث ابن مسعود أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «
».-ومنها: أن الزواج طاعة لله، وامتثالاً لأمر رسوله صلى الله عليه وسلم؛ قال الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [النور:32].
-ومنها: أن في الزواج تحصيناً للنفس، واستمتاعاً بما أحل الله، وطلباً للعَقِب الصالح، وتكثيراً لنسل المسلمين؛ قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «
»؛ (رواه أبو داود عن معقل بن يسار).-ومنها: السكن والاستقرار النفسي، الذي لا يكاد يوجد إلا في الزواج؛ قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم:21].
هذا؛ وكل تلك المقاصد العظيمة لو نواها المسلم في زواجه، لكان زواجه - بلا شك - طاعة عظيمة لله، كما حققه أبو حامد الغزالي في الإحياء.
- تعدد النيات في العمل الواحد:
أما مخالطة نيات أخرى، مثل الاستقلال والاستقرار ونحوهما فمشروع، كما قيل: "النيات تجارة العلماء"؛ فالذاهب للمسجد ينوي الصلاة، ورؤية أخٍ في الله، وتفريج مكروب، وقراءة القرآن، وما شابه ومن هذا الباب قوله تعالى: {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة:198]، وروى البخاري في تفسيرها عن ابن عباس، قال: "كانت عكاظ ومَجَنَّة، وذو المجاز أسواقاً الجاهلية، فتأثَّموا أن يتجروا في المواسم فنزلت الآية".
أما التطلّع للزواج فلا شيء فيه، مادام لا يترتب عليه محذور شرعي، بل لو كان التطلع من أجل تحصيل المقاصد السابقة لكان طاعة يُؤجر عليها لقوله - صلى الله عليه وسلم -: «
»؛ (متفق عليه من حديث عمر).- الزواج رزق من الله:
أما قبولك للشخص المتقدم فننصحك بالموافقة عليه، مادام كفئاً لك - كما تقولين - فقد يترتب على تأخير الزواج بعض المفاسد، ويجب ألا يكون فيه جرح لمشاعر أختك؛ وذلك لأن لكل واحدة منكما قَدَرُها الذي قدره الله لها، فالزواج من الرزق الذي قسمه الله بين عباده؛ قال تعالى: {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَةَ رَبِّكَ نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ [الزخرف:32].
وعليك أن تبذلي ما تستطيعينه من الصلة والإحسان إلى أختك؛ ابتغاء مرضاة الله، وأن تتحببي إليها، وتتلطفي معها غاية التلطف، حتى وإن صدتك، ويمكنك أن تستعيني بمن تثق هي به، كي يسدي إليها النصح، واعرضي عليها هذه الفتوى لبيان الحكم الشرعي.
ويجب أن تعلمي أن تأخير زواج البنت -مع رغبتها وحاجتها إليه، ومع وجود الزوج الكفء- نوع من العضل، الذي نهى الله عنه أولياء النساء؛ في قوله تعالى: {فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كَانَ مِنكُمْ يُؤْمِنُ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} [البقرة:232]،
وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: « »؛ (رواه الترمذي)، فلا مانع - شرعاً ولا عقلاً - من تزويج البنت الصغرى قبل الكبرى.
- الاشتراط في الزواج:
أما اشتراطك أن تكملي حفظ القرآن الكريم والحصول على الإجازة، فمن الأشياء المحمودة والتي ننصحك بها، ولكن من غير أن يترتب عليه، تفريط في حق زوجك، أو التقصير في واجباتك المنزلية، وما شابه، ولكن إن كنت تقصدين تأجيل الزواج حتى إكمال حفظ القرآن، فالجمع بين الأمرين أولى، بل وتقديم الزواج –على فرض التعارض– أحرى لما ذكرناه سابقا في مقاصد الزواج. ولقطع الحيرة نوصيك بصلاة الاستخارة قبل اتخاذ أي قرار، كما قالت أم المؤمنين زينب بنت جحش –رضي الله عنها– لما أرسل إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم– يخطبها: "مَا أَنَا بِصَانِعَةٍ شَيْئاً حَتَّى أؤامِرَ رَبِّى عَزَّ وَجَلَّ"؛ (رواه مسلم).
- الرؤية الشرعية:
أما رؤية الخاطب لمخطوبته: فإنه يندب أن ينظر إلى ما يدعوه إلى نكاحها، لما روى مسلم في صحيحه عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: "كنت عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار، فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «
وفي المسند وسنن أبي داود عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « »، وزاد أبو داود: قال جابر: « ».
وبين رسول الله -صلى الله عليه وسلم-العلة في ذلك؛ وهي دوام العشرة؛ فروى أحمد والترمذي عن المغيرة بن شعبة قال: "خطبت امرأة، فقال لي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «
» قلت: لا. فقال: « »، قال الحافظ ابن حجر: "فيه استحباب النظر إلى وجه من يريد تزوجها، وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة وسائر الكوفيين وأحمد وجماهير العلماء".ولا يشترط في ذلك إذنها ولا إذن أوليائها -عند جمهور أهل العلم- اكتفاءً بإذن الشارع، ولعموم الأحاديث.
أما قول أحدى النساء الداعيات لك: "إذا طلب الرؤية وجب عليك الخروج". فغير صحيح؛ وإنما الرؤية مستحبة، كما سبق من قول الجمهور.
- التزين للزوج:
أما الاستفسار عن الخلطات المذكورة: فليس في الشرع ما ينهى عنها؛ إذ الأصل في الأشياء الإباحة، ولكن؛ ننصحك بمراجعة أهل التخصص؛ لمعرفة مدى جدواها أو عدمه.
وليعلم أن تزين المرأة لزوجها من الأمور المشروعة، التي تؤجر عليها الزوجة إن صلحت النية، سواء مما ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -كزيت الزيتون أو غيره، أو من المستحضرات الحديثة، فكل ذلك جائز ما لم يشتمل على محرم.
أما تحديد الأفضل في استخدام مستحضرات التجميل، أو عدم استخدامها، فهو يرجع إلى الذوق الخاص بكل زوج، وما يروق له، بشرط ألا يترتب ضرر من استخدامه.
- التداوي في الإسلام:
أما التداوي: فإنه مباح، ولا يقتصر -أيضاً- على ما ذكرتيه من الحبة السوداء والعسل وما شابه؛ فإن استعمال الأدوية الحديثة يدخل في قول النبي -صلى الله عليه وسلم-: «
أما طلب التداوي فهو -مع احتساب الأجر من الله- لا يتنافى مع الصبر. والتداوي -بالنظر إلى عموم الناس- أفضل من تركه، لما رواه أبو داود والترمذي عن أسامة بن شريك، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: « »، وقد يكون الصبر على البلاء أفضل في حق بعض الناس دون بعض، لما يرجوه من الثواب، والأجر العظيم على الصبر، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الفتاوى":
"التداوي غير واجب ومن نازع فيه خَصَمَته السنة في المرأة السوداء التي خيرها النبي - صلى الله عليه وسلم - بين الصبر على البلاء ودخول الجنة، وبين الدعاء بالعافية؛ فاختارت البلاء والجنة"، إلى أن قال: "وخَصَمَه حال أنبياء الله، المبتلين الصابرين على البلاء، حين لم يتعاطوا الأسباب الدافعة له، مثل أيوب - عليه السلام - وغيره، وخَصَمَه حال السلف الصالح كأبي بكر الصديق - رضي الله عنه - حين قالوا له: "ألا ندعو لك الطبيب؟ قال: قد رآني، قالوا فما قال لك، قال: إني فعال لما أريد"، ومثل هذا ونحوه يروى عن الربيع بن خثيم وعمر بن عبد العزيز وخلق كثر لا يحصون عددا".
- ضوابط اللباس في الإسلام:
أما الضابط في اللباس، وقصات الشعر، ومساحيق التجميل، وما شابه: فهو عدم التشبه بالكافرات أو الفاجرات؛ فمخالفة أهل الكفر، وترك التشبه بهم، من مقاصد الشريعة؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: « »؛ (رواه أحمد وأبو داود)، وكذلك عدم التشبه بالرجال؛ فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: « » (رواه البخاري).
وعليه: فإن الضابط في التشبه المحرم: هو أن يفعل المتشبِّه ما يختص بالمتشبَّه به، فما كان من الألبسة خاصا بالرجال أو بالكافرات، فلا يجوز للمسلمة لبسه، أما ما انتشر بين المسلمين وصار لا يتميز به الكفار، فإن لبسه لا يعد تشبهاً، إلا أن يكون محرماً من جهة أخرى.
- التفكير والهواجس:
أما التفكير قبل الملكة –البناء– وبعدها، فننصحك بالانصراف عن التفكير في هذا الأمر وأن تتوكلي على الله، وراجعي كتاب "آداب الزفاف" للشيخ الألباني، و"تحفة العروس" للإسلامبولي و"تحفة العروسين" لمجدي الشوري، وستعينك تلك الكتب على التهيؤ النفسي اللازم.
- الخشوع في الصلاة:
أما تحصيل الخشوع في الصلاة، وعدم التفكُّر في الدنيا، عند أدائها، فيلزم له عدة وظائف:
- منها: الالتجاء إلى الله تعالى، والتضرع إليه، والاستعانة به، أن يصرف الدنيا عنك في الصلاة.
- ومنها: تدبر ما تقرئينه من القرآن، وتعقُّل معاني الأذكار.
- ومنها: الحرص على تحقيق ثمرة الصلاة، التي تتمثل في الكف عن الفحشاء والمنكر، وهي لا تتحصل بدون الخشوع؛ قال تعالى {اتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتَابِ وَأَقِمِ الصَّلاَةَ إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت:45]
- ومنها: استشعار الوقوف بين يدي الله تعالى، وأن الله تعالى مُطَّلِعُ على سِرِّه وعَلَنِه، مع تذكر ما وعد الله به الخاشعين في الصلاة؛ قال: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ . الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاَتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:1،2].
- ومنها: حضور الذهن، والفكر أثناء الصلاة، وننصحك بمراجعة كتابي: "تعظيم قدر الصلاة" لمحمد بن نصر المروزي، و"الصلاة" لابن القيم.
- التسوق والتجهيز:
أما بالنسبة للتسوق والتجهيز: فيمكنك أن تحصري كل ما تحتاجينه في قائمة، وكلما تذكرتي شيئا دونيه، وهكذا حتى يكتمل التدوين، فتذهبين للتسوق مرة واحدة.
- الزواج والنوافل:
وأما حدُّ السنن الذي يتطلب من الزوجة تركها من أجل القيام بمصالح زوجها: فليس في ذلك حدّ -فيما نعلم- وإنما يجب على المرأة أن تنظم وقتها؛ فلا تذهب لعبادتها: من طلب علم، وقراءة قرآن، وصلاة نافلة ... وغيرها، حتى تفرغ من حق زوجها، ثم تستأذنه؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير؛ لأن حقه واجب، والقيام بالواجب مقدم على القيام بالتطوع.
وننصحك بمطالعة كتاب "أسعد امرأة في العالم" للدكتور عائض القرني، وتطالعي ما في موقعنا من استشارات أخرى باهتمام؛ حيث إن كثيراً منها يرد فيه المتخصصون على معظم الهواجس والأفكار التى تَعنُّ لك، ويناقش القضايا المثارة بينك وبين صديقاتك، وتخبريهن بها، فالدال على الخير كفاعله، ونتمنى لك حياةً سعيدة، عامرة بالطاعات، ونرحب بك مرة أخرى.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: