أحكام صدقة الفطر وصلاة العيـد

منذ 2014-05-26
السؤال:

 ما هي أهم أحكام صدقة الفطر وصلاة العيـد؟

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وبعد:

هذا مجمل لأحكام صدقة الفطر وصلاة العيد.

حكمها: قال ابن المنذر أجمع أهل العلم على أن صدقة الفطر فرض. والدليل: «فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر، صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من تمر، أو صاعا من أقط، أو صاعا من زبيب» (متفق عليه).

وقت وجوبها: تجب بأوّل ليلة العيد،  فمن مات، أو أعسر، قبل غروب ليلة العيد، فلا زكاة عليه.

وقت إخراجها: يوم العيد قبل صلاة العيد لحديث: «أمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة» (متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما)، ولحديث: «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أدّاها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات» (رواه أبو داود ، وابن ماجة ، من حديث ابن عباس رضي الله عنهما). ويجزيء إخراجها قبل العيد بيومين، أي ليلة العيد، والليلة التي قبلها، لحديث ابن عمر: "كانوا يعطون قبل الفطر بيوم، أو يومين" (رواه البخاري). ولايجزىء إخراجها قبل ذلك، لأنها مواساة يقصد بها إغناء الفقراء عن السؤال يوم العيد.

كيف تُخرج: الواجب على كلّ فرد صاع تمر، أو زبيب، أو بر، أو شعير، أو أقط لحديث أبي سعيد: "كنا نخرج زكاة الفطر، إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من طعام، أو صاعا من شعير، أو صاعا من زبيب، أو صاعا من أقط" (متفق عليه). ويجزئ الصاع من طعام الناس، مثل الرزّ إن كان قوتا، قال العلماء: من كل حبّة، أو ثمرة تقتات. ولاتجزىء القيمة في أصح قولي العلماء، للحديث السابق.

على من تجب: يخرج كل مسلم عن نفسه، وعن عياله، إن كان عنده فضل عن قوت يومه، وليلته.

هل يجب عليه الإخراج عن امرأته، أم يجب عليها هي؟ قال جمهور العلماء: يخرج عن امرأته، لأنه تجب عليه نفقتها بالنكاح، فوجبت عليه الفطرة، وقال أبو حنيفة، والثوري، وابن المنذر: لاتجب عليه فطرة امرأته، وعلى المرأة فطرة نفسها لحديث "صدقة الفطر على كلّ ذكر، وأنثى" ولأنها زكاة مثل زكاة مالها، فوجبت عليها هي، وهذا أصح. ولكن إن تبرع الزوج بإخراج الزكاة نيابة عنها بإذنها، جاز ذلك.

ولا يجب إخراجها عن الجنين، لأنه لا تثبت له أحكام الدنيا، إلاّ في الإرث، والوصية بشرط أن يخرج حيا، ومن أخرجها عن الجنين فحسن.

من نسي أو تكاسل عن إخراجها حتى صلى العيد: يخرجها بعد الصلاة لأنها تبقى في ذمّته كالدّيْن، ولاتكون حينئذ زكاة، بل صدقة، وجب عليه إخراجها، والناسي لا إثم عليه، والمتعمّد عليه التوبة والله أعلم.

أحكام صلاة العيد:

صلاة العيد فرض كفاية عند كثير من أهل العلم، وذهب بعض أهل العلم إلى أن صلاة العيد فرض عين كصلاة الجمعة، فلا يجوز لأيّ مكلّف من الرجال الأحرار المستوطنين أن يتخلف عنها، وهذا القول أصحّ، لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم أمر بالخروج إليها، حتى أمر الحُيّض على أن يعتزلن الصلاة.

ويُشرع للنساء حضورها مع الحرص على الحجاب، والتستر، وترك الطيـب؛ لما ثبت في الصحيحين عن أم عطية رضي الله عنها أنها قالت: "أمرنا أن نخرج في العيدين العواتق، والحيض، ليشهدن الخير، ودعوة المسلمين، وتعتزل الحيض المصلى، وفي بعض ألفاظه: فقالت إحداهن: يا رسول الله لا تجد إحدانا جلبابا تخرج فيه، فقال صلى الله عليه وسلم: «لتلبسها أختها من جلبابها» (صحيح مسلم).

السنة لمن أتى مصلى العيد لصلاة العيد، أن يجلس ولا يصلي؛ لأنّ  التنفُّـل في مصلّى العيد، لم تنقل عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه رضي الله عنهم فيما نعلم، إلاّ إذا كانت الصلاة في المسجد، فإنّه يصلّي تحية المسجد؛ لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا دخل أحدكم المسجد، فلا يجلس حتى يصلي ركعتين» (متفق على صحته).

والأفضل أن تُصلّى صلاة العيد في الفضاء لحديث أبي سعيد: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يخرج إلى الفطر، والأضحى إلى المصلّى» (متفق عليه)، وكذا الخلفاء من بعده.

وقتها: كصلاة الضحى باتفاق العلماء.

والمشروع لمن جلس ينتظر صلاة العيد أن يكثر من التهليل، والتكبي؛ لأنّ ذلك هو شعار ذلك اليوم، وهو السنة للجميع في المسجد، وخارجه حتى تنتهي الخطبة، أما من كان بحيث يسمع الخطبة فيستمع إليها.

وصفة التكبير المشروع: هو أن يقول المكبر: الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر الله ولله الحمد، بتثليث أو تثنية التكبير كلاهما صحّ، الأوّل عن ابن مسعود، والثاني عن ابن عباس رضي الله عنهم.

وكلّ مسلم يكبّر لنفسه منفردا، ويرفع صوته به، حتى يسمعه الناس فيقتدون به، ويذكّرهم.

ويُستحب أن يأتي صلاة العيد من طريق، ويرجع من طريق آخر، لحديث جابر «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خرج إلى المصلّي خالف الطريق» (رواه البخاري).

وأن يكون ماشيا، قال الترمذي على هذا العمل عند أهل العلم.

صفة صلاة العيد: أن يكبر في الأولى سبع تكبيرات مع تكبيرة الإحرام، وفي الثانية خمس، غير تكبيرة الرفع من السجود، ويرفع يديه مع كلّ تكبيرة، ويُشرع أن يحمد الله، ويثني عليه، ويصلّي على النبيّ بين التكبيرات، فيقول: الله اكبر كبيرا ، والحمد لله كثيرا ، وسبحان الله بكرة وأصيلا ، وصلى الله على محمّد النبيِّ وآله وسلم تسليما كثيرا".

ويقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بهل أتاك حديث الغاشية، والتكبيرات سنة إن نسيها صحت الصلاة ولاشيء عليه، ثم يخطب خطبتين يجلس بينهما كما في الجمعة، ويبدأ كل خطبة بالحمد، هذا أصح، لانّ النبي صلى الله عليه وسلم كان يبدأ كل خطبه بالحمد.

ويُسنَّ أن يكبر الناس إذا غدوا إلى المصلى، ثم إلى أن يصلّي الإمام.

وكذا يُسنَّ الاغتسال، قبل الفجر أو بعده، قاله أحمد لأنّ وقت العيد أضيق من الجمعة.

وأن يأكل قبل الذهاب إلى صلاة العيد، روى الفريابي عن سعيد بن المسيب مرسلا سنة الفطر المشي إلى المصلى، والأكل، والغسل.

ولابأس بقول الناس بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنك، قال أحمد يرويه أهل الشام عن أبي أمامة، وواثلة بن الاسقع.

حامد بن عبد الله العلي

أستاذ للثقافة الإسلامية في كلية التربية الأساسية في الكويت،وخطيب مسجد ضاحية الصباحية