هل تكفي رؤية أهل مكة لهلال رمضان
يجمع الجغرافيون سماحة الشيخ على أن مكة المكرمة تقع في وسط الكرة الأرضية، رأيكم لو اقتدى الناس في شرق الكرة الأرضية وفي غربها برؤية أهل مكة؟
لا يكفي، ليس لهذا أصل، المهم الرؤية. فإذا رآه أهل مكة في السعودية مثلاً وثبت عندهم وصام الناس برؤيته فلا بأس، ولو صام أهل الأرض كلهم عملاً بالمنصوص، وهكذا إذا رؤي في مصر، أو في الشام، أو في الأردن، أو في العراق، أو في أي مكان رؤية يطمأن إليها من طريق المحكمة الشرعية عن طريق الشهود العدول لا من طريق الحساب فإنه يصام بذلك بشرط الطمأنينة، إذا أن الذي رأوه عدول، وأنه من طريق الرؤية لا من طريق الحساب.
فالمعول على ما قاله النبي -صلى الله عليه وسلم- لا على أحداث المطالع وعلى الحساب، فالمعول على ما قاله -صلى الله عليه وسلم- حيث قال: « »، وقال -علية الصلاة والسلام-: « » وأشار بأصابعه العشرة يعني ثلاثين، « » وأشار بأصابعه العشرة وخنس الإبهام في الثالثة يعني أن يكون تسعاً وعشرين، وقال: « »، وقال: « »، فعلم بذلك أن الصيام يكون بالرؤية أو بإكمال العدة.
وليس لنا أن نصوم بالحساب، وليس لنا أن نعمل بمجرد اختلاف المطالع من غير نظر، أو ندع الرؤية من أجل اختلاف المطالع، لا، فإن المطالع تختلف حتى بين مكة والرياض، حتى بين مكة وأبها وما هو أقرب من ذلك أيضاً، فإذا صام أهل مكة برؤية الرياض، وأهل الرياض برؤية مكة أو جدة، أو المدينة، أو الشام، أو مصر، أو نحو ذلك فلا بأس، المهم ثبوت الرؤية، ثبوت الرؤية برؤية العين لا بالحساب.
فإذا ثبتت الرؤية واطمأن أهل البلد الذين يجاورون بلد الرؤية أنها رؤية شرعية وعرفوا أن هذه البلاد تعتني بالرؤية وأنها تعتني بالشهود وأنها لا تعمل بالحساب فإنها يقتدى بها.
حتى ولو كان البلدان ملتصقين واختلف صيامهما لا يؤثر في ذلك؟ نعم لا يؤثر، لهم رؤيتهم ولا .....؛ لأن كل بلد ملتصقة، مثلاً السعودية ملتصقة بالأردن، مثلاً عند حدود الشام، وإذا استقلت الأردن أو ..... برؤيتهم لأسباب اقتضت ذلك عندهم وعند علمائهم، أو السعودية استقلت بسبب ذلك، هذا لا بأس بذلك، كما قرر مجلس هيئة كبار العلماء وكما قرر العلماء.
وأصل هذا ما ثبت عن ابن عباس، هذا هو الأصل، ثبت في صحيح مسلم عن ابن عباس -رضي الله عنهما- من طريق كريب أنه قدم على المدينة قادم من الشام قال: "فأتيت ابن عباس فسألني عن رؤية أهل الشام"، قلت: "نعم رأيناه بليلة الجمعة وصمنا يوم الجمعة في الشام وصام معاوية وصام الناس"، فقال ابن عباس: "نحن رأيناه يوم السبت فلا نزال نصوم حتى نرى الهلال أو نكمل العدة"، فقال كريب: "أفلا تكتفي برؤية معاوية والناس"، قال: "لا هكذا أمرنا نبينا -عليه الصلاة والسلام-"، يعني بقوله: « »، فابن عباس تأولها على أنها لا تعم الناس بل تخص كل دولة وكل بلد بنفسها إذا تباعدت عن البلد الأخرى، كبعد المدينة عن الشام ونحو ذلك، هذا فقه ابن عباس ورأيه، وعمل به جماعة من أهل العلم، وقالوا: لكل أهل بلد رؤيتهم إذا تباعدت البلاد بعض التباعد، هذا هو الأصل في هذه المسألة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من فتاوى برنامج نور على الدرب.
عبد العزيز بن باز
المفتي العام للمملكة العربية السعودية سابقا -رحمه الله-
- التصنيف:
- المصدر: