من لزمه القضاء بأسباب مختلفة هل يلزمه تعيين النية
إذا كان على الفتاة صيام من من عدة فروض من رمضان فائتة بعضه بسبب العادة، وبعضه بسبب خروج المني -ليس احتلاما-، وبعضه بسبب وصول شيء إلى الحلق كمعجون الأسنان أو خروج شيء من الطعام منه -الحلق- وبعضه بسبب أني لم أكن أعرف أن الفتاة تحتلم ولم أعرف ذلك إلا حديثا فعلي صيام هذه الأيام أيضا؟ فما هي الأيام التي سأبدأ بصيامها من الأقسام الأربعة؟ وكيف تكون كفارتها؟ وهل يجوز لي صيام الأيام كلها ثم بعد ذلك أبدأ بالكفارة أي بدل أن أصوم يوما وأخرج كفارته أنتظر حتى أصوم كل الأيام ثم أخرج كفارتها؟
سامحوني على الإطالة ولكنني فعلا بحاجة لأجوبتكم جعلها الله في ميزان حسناتكم.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فاعلمي أولا أن من عليه قضاء من رمضان لا يلزمه أن يعين في نية الصوم سبب القضاء من مرض أو سفر أو حيض أو غير ذلك، وإنما يلزمه أن يقضي عدة الأيام التي أفطرها وأن يبيت نية صيام القضاء من الليل فينوي أنه صائم غدا عن قضاء رمضان، فعليك إذن إذا كان القضاء قد لزمك بأسباب مختلفة أن تقضي عدة تلك الأيام التي أفطرتها قبل دخول رمضان التالي، وصفة النية على ما ذكرنا.
قال في مطالب أولي النهى: وشرط لصحته نية معينة لما يصوم بأن يعتقد أنه يصوم من رمضان أو قضائه أو نذر أو كفارة من الليل. انتهى.
وقد صرح الفقهاء بأنه لو نوى صوم الكفارة ولم يعين نوعها أجزأه ذلك ولم يضره عدم التعيين، ولو كان عليه صوم واجب ونسي أقضاء هو أو كفارة فليصم بنية الواجب ويجزئه ذلك للضرورة، وهذا كله أبلغ مما ذكرناه.
قال في مغني المحتاج: ويجب في النية التعيين في الفرض بأن ينوي كل ليلة أنه صائم غدا من رمضان أو عن نذر أو عن كفارة لأنه عبادة مضافة إلى وقت فوجب التعيين في نيتها كالصلوات الخمس، ولا فرق في الكفارة بين أن يعين سببها أم لا، فإن جهل سبب ما عليه من الصوم من كونه قضاء عن رمضان أو نذرا أو كفارة كفاه نية الصوم الواجب للضرورة. انتهى.
فإذا علمت هذا فاعلمي أن خروج المني عن غير احتلام له أحوال منها ما يفسد الصوم كالاستمناء، ومنها ما لا يفسده كخروجه بالفكر، ومنها ما هو مختلف فيه كخروجه بتكرار النظر.
وأما وصول طعم المعجون إلى الحلق فإن كان سبق إلى الحلق دون تعمد ابتلاعه لم يفسد الصوم، وأن سبق ماء المضمضة إلى الحلق لا يبطل الصوم ولو كانت المضمضة في غير طهارة مشروعة على ما رجحه الحنابلة خلافا للجمهور وإن كان تعمد ذلك مكروها، والأحوط قضاء اليوم الذي وقع فيه هذا خروجا من الخلاف، وفي معنى المضمضة المعجون المذكور. وأما إن تعمد الصائم ابتلاعه فإن صومه يفسد بلا شك.
وأما خروج شيء من الحلق فإن كان غلبة لم يضر، وإن تعمد الصائم إخراجه فهو من الاستقاءة وهي مفطرة.
وأما الاحتلام فلا يفسد الصوم بحال، وإنما يجب عليك إن لم تكوني اغتسلت بعد الاحتلام أن تقضي الصلوات التي صليتها من غير طهارة في قول الجمهور، وإذا علمت ما مر فعليك أن تحصي عدد الأيام التي أفطرتها ثم تقضيها جميعا، وما أفطرته عمدا من تلك الأيام فيجب عليك قضاؤه على الفور، وما أفطرته لعذر فقضاؤه على التراخي قبل أن يدخل رمضان التالي.
قال النووي رحمه الله: إذا لزمه قضاء رمضان أو بعضه، فإن كان فواته بعذر، كحيض ونفاس ومرض وإغماء وسفر ومن نسي النية أو أكل معتقدا أنه ليل فبان نهارا أو المرضع والحامل، فقضاؤه على التراخي بلا خلاف ما لم يبلغ به رمضان المستقبل ولكن يستحب تعجيله، وإن فاته بغير عذر فوجهان كالوجهين في قضاء الصلاة الفائتة بلا عذر والصحيح أنه على الفور. انتهى بتصرف يسير.
وحيث لزمك القضاء لشيء من تلك الأيام فإنه لا كفارة عليك لأن الكفارة لا تلزم إلا في الفطر بالجماع على المرجح عندنا، إلا إن كنت تعمدت تأخير القضاء من غير عذر حتى دخل عليك رمضان التالي فعليك فدية طعام مسكين عن كل يوم أخرت قضاءه، وسواء أخرجت هذه الفدية مع القضاء أو قبله أو بعده، لكن إن كنت جاهلة بحرمة التأخير فلا فدية عليك كذلك.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: