حكم من جامع زوجته في نهار رمضان وهو مسافر
زوجتي سبقتني إلى جدة بشهر قبل رمضان وقدمت أنا من الرياض فجر الثالث من رمضان فداعبتها وأنزلت المني دون جماع مرتين، فهل ما زلت في سفر؟ وهل تجوز لي مجامعتها؟ وكم هي المدة التي يحق لي فيها الترخص بالسفر؟ مع العلم أنه لا توجد مدة محددة قد أبقاها في جدة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فنقول للأخ السائل: إن حكم السفر ينقطع بأحد أمور ثلاثة:
أولها: نية إقامة أربعة أيام.
الأمر الثاني: وجود زوجته بالمدينة التي قدمها إذا كانت مقيمة بها ولو لم ينو إقامة تقطع حكم السفر.
الأمر الثالث: قدوم المسافر إلى وطنه فإنه يقطع حكم السفر، ولو لم ينو إقامة تقطع حكم السفر.
وعلى هذا فإذا لم يتوفر أحد هذه الأمور فأنت مسافر، والمسافر له الأخذ برخص السفر يفطر بجماع أو بمقدماته أو غير ذلك، فقد سئل الشيخ ابن عثيمين في فتاوى الصيام عن رجل جامع زوجته في نهار رمضان وهو مسافر، فأجاب: لا حرج عليه في ذلك، لأن المسافر يجوز له أن يفطر بالأكل والشرب والجماع، فلا حرج عليه في هذا ولا كفارة، ولكن يجب عليه أن يصوم يوماً عن الذي أفطره في رمضان، كذلك المرأة لا شيء عليها إذا كانت مسافرة مفطرة أم غير مفطرة في ذلك اليوم معه، أما إذا كانت مقيمة فلا يجوز له جماعها إن كانت صائمة فرضاً، لأنه يفسد عليها عبادتها، ويجب عليها أن تمتنع منه. انتهى.
فإن لم يأخذ بالرخصة وصام ثم تعمد الفطر فللعلماء خلاف في المسافر يصبح صائما ثم يتعمد الفطر، والراجح ـ إن شاء الله أنه لا حرج عليه أن ينقض صومه ولو بجماع.
وإن توفرت لديه أسباب قطع السفر أو أحدها فلا يخلو من أن يكون قد وصل من سفره بعد الفجر وهو مفطر ثم داعب وأنزل فلا إثم عليه في ذلك سواء فعل ذلك مرة أو أكثر إن حصل ذلك في نفس اليوم الذي قدم فيه، لأن الصحيح من أقوال الفقهاء أن المسافر المفطر إذا وصل في أثناء النهار لم يلزمه الإمساك في بقية اليوم، ولا شيء عليه في المفطرات من جماع وغيره، لأنه أصبح مفطرا بوجه شرعي، وإن كان قد وصل قبل الفجر فيجب عليه أن يصبح صائما ولا يجوز له أن يفطر لا بجماع ولا غيره، فإن داعب زوجته وأمنى وهو صائم فسد صومه ولزمه القضاء مع التوبة إلى الله تعالى، فإن خروج المني بسبب مداعبة الزوجة أو مباشرتها يفسد الصوم ولو لم يحصل جماع، ويوجب القضاء دون الكفارة على الراجح من أقوال أهل العلم مع الاستغفار والتوبة، وإذا حصل هذا الأمر في يومين فإنه يفسد صيامهما ويجب قضاؤهما مع الإثم بتعمد ذلك ووجوب التوبة أيضا، قال النووي: إذا قبل أو باشر فيما دون الفرج بذكره أو لمس بشرة امرأة بيده أو غيرها، فإن أنزل المني بطل صومه وإلا فلا، ونقل صاحب الحاوي وغيره الإجماع على بطلان صوم من قبل أو باشر دون الفرج فأنزل، وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولو جامع امرأته فيما دون الفرج فأنزل أو باشرها أو قبلها أو لمسها بشهوة فأنزل يفسد صومه وعليه القضاء ولا كفارة عليه. انتهى.
مع التنبيه على أنه إذا لم تكن له نية تقطع حكم السفر ولم تكن المدينة موطنا له وكانت زوجته غير مقيمة إقامة تقطع حكم السفر، وهي تحصل بنيتها إقامة أربعة أيام فأكثر -على نحو ما سبق ذكره في الفتوى المحال عليها في صدر الفتوى- أو أن يكون البلد الذي مرت به بلدها، فإن قدومه عليها وهو مسافر لا يقطع حكم سفره، لأنها غير مقيمة أيضا، ففي فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث والإفتاء جوابا لسؤال في الموضوع: ولكن كل مكان لك فيه زوجة مستوطنة به أو مقيمة به إقامة تقطع حكم السفر إذا نزلت عندها في سفرك لا تقصر الصلاة الرباعية ولا تجمع بين الصلاتين. انتهى.
ومعلوم أن كل سفر تقصر فيه الصلاة يجوز فيه الفطر.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: