الإحرام بالمحاذاة والحكم إذا تعذرت المحاذاة
الإحرام بالمحاذاة لمن لا يمر بالميقات وهل المحاذاة هي الخط الوهمي الواصل بين ميقاتين (كما هو موضح بالرسم المرفق بين الجحفة ويلملم) والمحاذاة هذه يتعذر تحقيقها بالدقة المطلوبة، فكيف السبيل إلى ذلك؟ ويرى العلماء للحيطة أن يُحْرِمَ الحاجُّ من مسافة مرحلتين (80كم)، وأيضًا هذا يتعذر تحديده، وليس أمامنا إلا الاجتهاد قياسًا على تحديد القبلة. كان هذا قديمًا لعدم توفر الوسائل والطرق، أما الآن وقد تيسرت كل السبل، والطرق تَمُرُّ بكل المواقيت التي جُهِّزَتْ أحسن تجهيز، مع توفر كل ما يحتاجه الحاج.
ولكن الأمر حكم شرعي، فما هو الحكم في المحاذاة مع تَعَذُّرِها ومسافة المرحلتين أيضًا، مع تَعَذُّرِ تحقيقها، ولا سبيل إلى ذلك إلا بمرشدٍ مواطنٍ، أو الاجتهاد! والاجتهاد ليس متاحًا للجميع؟
ذكر العلماء أن من كان منزله دون المواقيت أحرم من منزله، ومن لم يمر بميقات أحرم إذا حاذى أقرب مواقيت إليه. فالقادمون من حائل قديمًا، ومن العراق ونحوه لما شق عليهم المرور بقرن المنازل قال لهم عمر رضي الله عنه: انظروا حذوها من طريقكم. فَوَقَّتَ لهم ذات عرق فلو جاء أحد من أهل تلك الجهات ولم يَمُرَّ بذات عرق ولا بالجحفة فإنه يُحْرِمُ إذا حاذى أقربهما إليه. وهذه المُحاذاة يعرفها أهل البلاد الْمُقيمين هناك، الذين يكثر تَرَدُّدُهم إلى مكة وإلى القُرى الْمُحيطة بها، وهكذا يحصل لمن قدم من تهامة وتلك الأماكن، فقد يشق عليهم المرور بميقات أهل اليمن يلملم فلهم أن يُحرموا بمحاذاتها، وهذه المُحاذاة يعرفها أهل الخبرة والعلم بتلك المنازل، ولما فُتِحَ الطريق من الطائف إلى مكة مع جبل كرا اجتهد العلماء، وجعلوا الميقات الذي في وادي محرم لِمُحاذاته لقرن المنازل وإذا لم يعلموا بالمحاذاة فلهم الاحتياط، فيحرمون إذا بقي بينهم وبين مكة مرحلتان، أي: مسيرة يومين بسير الأثقال، وقُدرت في هذه الأزمان بثمانين كيلو متر، كما هي المسافة بين قرن المنازل ومكة.
عبد الله بن عبد الرحمن الجبرين
عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية
- التصنيف:
- المصدر: