حكم طلب الشهادة للتخلص من هموم الحياة

منذ 2014-11-16
السؤال:

نحن عندنا ببلدنا بطالة كثيرة ولا يوجد شغل، وأنا كرهت الحياة، وأصبحت أريد أن أتخلص من الحياة.
ويقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيّات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها، أو امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
فأنا أنوي أن أقدم نفسي لأستشهد إن شاء الله، فهل هذا سيعتبر انتحارا لأنه يمكن أن يكون السبب بداخلي هو كي أستريح من الحياة؟
أرجوكم أفيدوني؟
 

الإجابة:

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن تمنيكَ الموتَ وتضجركَ من الحياة مما لا يليقُ بالمسلم وهو مخالفةٌ صريحةٌ لسنته صلى الله عليه وسلم، فعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يتمنين أحدكم الموت لضرر أصابه. فإن كان لا بد فاعلاً، فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي» (متفق عليه).
وأيضاً فإن طول العمر لا يزيد المسلم إلا خيرا كما في الحديث: «خيركم من طال عمره وحسن عمله» (رواه أحمد والترمذي).
ثم اعلم أن الجهاد له فضلٌ عظيم وهو ذروة سنام الإسلام والآيات والأحاديث في بيان فضله كثيرة، ولكن الجهادُ له ضوابط وقواعد لا بُد من الرجوع في بيانها إلى أهل العلم، وألا يَخبط الإنسان برأيه خبط عشواء فإنه بذلك قد يضرُ ولا ينفع، قال تعالى: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 83].
ثم اعلم أن من أراد الجهاد فلا بُد له من نية صادقة وإخلاص واحتساب فإن النبي صلى الله عليه وسلم: سئل عن الرجل يقاتل شجاعةً ويقاتل رياءً ويقاتل حمية أيُّ ذلك في سبيل الله، فقال صلى الله عليه وسلم: «من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله» (متفقٌ عليه).
فمن طلب الشهادة لا يريد إعلاء كلمة الله وإنما يريد التخلص من هموم الحياة ومتاعبها لم يحصل له ثوابها لعموم قوله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات» (متفقٌ عليه).
ثم إننا نهمسُ في أذنك قائلين إن الدنيا أحقر وأصغر من أن يحزن المسلم ويأسى على فوات شيءٍ منها، بل المؤمن الصادق يتوكل على ربه عز وجل ويفوض أمره إليه، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه، وإذا ضاقت عليه سبل الحياة وسعها بذكر الله والاجتهاد في مرضاته والتقرب إليه.
والله أعلم.
 

الشبكة الإسلامية

موقع الشبكة الإسلامية