جواب شبهة حول استرقاق النساء والصبيان
بسم الله الرحمن الرحيم، كيف نفسر استرقاق النساء والأولاد وبيعهم في الإسلام، وما هو ذنبهم وهم لم يحاربوا، والحمد لله وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد أجاب عن هذا السؤال سلطان العلماء الإمام العز بن عبد السلام في كتابه (قواعد الأحكام في مصالح الأنام)، ضمن حديثه عن قاعدة اجتماع المصالح والمفاسد حيث قال: المثال الحادي والأربعون: الإرقاق مفسدة، ولكنه من آثار الكفر فثبت في نساء الكفار وأطفالهم ومجانينهم، زجراً عن الكفر وتقديماً لمصالح المسلمين. وكذلك إذا اختار الإمام إرقاق المكلفين من الرجال.
أما إرقاق الرجال فمن آثار الكفر. وأما إرقاق النساء والصبيان فليس عقوبة لهم بذنب غيرهم وإنما هو عقوبة بالنسبة إلى الآباء والأمهات، وهي بالنسبة إلى النساء والصبيان مصيبة من مصائب الدنيا، كما يصابون بالأمراض والأسقام من غير إجرام. انتهى.
وبهذا يتبين أن استرقاقهم ابتلاء من جهة، وقد تترتب عليه مصلحة تعود إليهم في أنفسهم من جهة أخرى، كمصلحة الزجر عن الكفر التي أشار إليها ابن عبد السلام، وكذلك مصلحة الترغيب في الإسلام فإنهم إذا عاشوا بين المسلمين ورأوا سماحة الإسلام في معاملتهم ربما قادهم ذلك للدخول في الإسلام، ومن هنا منع بعض العلماء مفاداة النساء والصبيان بالمال.
قال ابن قدامة في المغني: ومنع أحمد من فداء النساء بالمال، لأن في بقائهن تعريضاً لهن للإسلام، لبقائهن عند المسلمين، وجوز أن يفادى بهن أسارى المسلمين، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فادى بالمرأة التي أخذها من سلمة بن الأكوع، ولأن في ذلك استنقاذ مسلم متحقق إسلامه، فاحتمل تفويت غرضية الإسلام من أجله، ولا يلزم من ذلك احتمال فواتها لتحصيل المال، فأما الصبيان فقال أحمد: لا يفادى بهم وذلك لأن الصبي يصير مسلماً بإسلام سابيه، فلا يجوز رده إلى المشركين. انتهى.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: