حرمة وطء الأمة الكافرة بالملك
كنت قد قرأت فتوى لكم بخصوص وطء الأمة، وأنها يجب أن لا تكون كافرة لكي يمكن وطؤها،
ولكني قرأت فى كتاب آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم، قد أجاز للمسلمين وطء نسوة أوطاس، فما الصحيح في ذلك أثابكم الله؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن ما اطلعت عليه في موقعنا من حرمة وطء الأمة الكافرة بالملك هو الذي عليه أكثر أهل العلم منهم الأئمة الأربعة، قال ابن قدامة في المغني: أن من حرم نكاح حرائرهم من المجوسيات وسائر الكوافر سوى أهل الكتاب لا يباح وطء الإماء منهن بملك اليمين في قول أكثر أهل العلم، منهم: مرة الهمذاني والزهري وسعيد بن جبير والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك والشافعي، وقال ابن عبد البر على هذا جماعة فقهاء الأمصار وجمهور العلماء وما خالفه فشذوذ.
وأما ما ورد من الأحاديث يخالف هذا القول فهو مؤول، ومن ذلك حديث أبي سعيد الخدري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين بعث جيشا إلى أوطاس فلقوا عدوا فقاتلوهم فظهروا عليهم وأصابوا لهم سبايا فكأن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تحرجوا من غشيانهن من أجل أزواجهن من المشركين، فأنزل الله عز وجل في ذلك: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ}، أي فهن لكم حلال إذا انقضت عدتهن. رواه مسلم.
قال النووي معلقا على هذا الحديث: اعلم أن مذهب الشافعي ومن قال بقوله من العلماء أن المسبية من عبدة الأوثان وغيرهم من الكفار الذين لا كتاب لهم لا يحل وطؤها بملك اليمين حتى تسلم، فما دامت على دينها فهي محرمة، وهؤلاء المسبيات كن من مشركي العرب عبدة الأوثان، فيؤول هذا الحديث وشبهه على أنهن أسلمن، وهذا التأويل لا بد منه.
ومما أول به كذلك نسخ إباحة وطئهن بقوله تعالى: {وَلاَ تَنكِحُواْ الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ} [ سورة البقرة: 221].
وهذا القول عزاه ابن قدامة لابن عبد البر.
ومن هذا؛ يتضح للسائل وجه التوفيق بين النصوص في المسألة.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: