لم يثبت الإجماع على حرمة بدء قتال الكفار والبغاة في الحرم

منذ 2014-12-16
السؤال:

حكم حرمة البدء بالقتال في البيت الحرام هل عليه إجماع تام ؟

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: فالخلاف ثابت بين العلماء في بدء قتال الكفار والبغاة في الحرم، ونقل الإجماع على حرمة ذلك غير صحيح.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لا خلاف بين الفقهاء في أن من دخل الحرم مقاتلا وبدأ القتال فيه، يقاتل، لقوله تعالى: {ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم }. واختلفوا في قتال الكفار والبغاة على أهل العدل في الحرم إذا لم يبدءوا بالقتال . فذهب طاووس والحنفية، وهو قول ابن شاس، وابن الحاجب من المالكية، وصححه القرطبي، وقول القفال، والماوردي من الشافعية، وبعض الحنابلة إلى أنه يحرم قتالهم في الحرم مع بغيهم. ولكنهم لا يطعمون، ولا يسقون، ولا يؤوون، ولا يبايعون، حتى يخرجوا من الحرم، لقوله تعالى: وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ {البقرة:191}، قال مجاهد: الآية محكمة، فلا يجوز قتال أحد إلا بعد أن يقاتل. ولقوله تعالى: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا {العنكبوت:67}. ولقوله صلى الله عليه وسلم: إن هذا البلد حرمه الله تعالى يوم خلق السموات والأرض، فهو حرام بحرمة الله تعالى إلى يوم القيامة، وإنه لم يحل القتال فيه لأحد قبلي، ولم يحل لي إلا ساعة من نهار. و قال الشافعية في المشهور عندهم وصوبه النووي: إنه إذا التجأ إلى الحرم طائفة من الكفار والعياذ بالله، أو طائفة من البغاة، أو قطاع الطريق يجوز قتالهم في الحرم ... وهذا قول سند، وابن عبد البر من المالكية، وصوبه ابن هارون في الحاصر من الحج، وحكى الحطاب عن مالك جواز قتال أهل مكة إذا بغوا على أهل العدل، قال: وهو قول عكرمة وعطاء. وهذا قول للحنابلة أيضا، فقد جاء في تحفة الراكع والساجد: فإن بغوا على أهل العدل قاتلهم على بغيهم إذا لم يمكن ردهم عن البغي إلا بالقتال. واستدل من أجاز القتال في الحرم بقوله تعالى: {فَإِذَا انْسَلَخَ الْأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ {التوبة:5}، } وقالوا: إن هذه الآية ناسخة لقوله تعالى: وَلَا تُقَاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حَتَّى يُقَاتِلُوكُمْ فِيهِ {البقرة:191} . وقالوا أيضا: إن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه المغفر، فقيل: إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال: اقتلوه. وأجابوا عن الأحاديث الواردة في تحريم القتال بمكة، أن معناها تحريم نصب القتال عليهم بما يعم كالمنجنيق وغيره إذا أمكن إصلاح الحال بدون ذلك. ولأن قتال أهل البغي من حقوق الله تعالى التي لا يجوز أن تضاع، ولأن تكون محفوظة في حرمه أولى من أن تكون مضاعة فيه. اهـ بتصرف يسير.
وقد نقل بعض العلماء الإجماع على بدئهم بالقتال في الحرم.
قال ابن خويز منداد المالكي: الإجماع قد تقرر بأن عدلا لو استولى على مكة وقال: لأقاتلكم، وأمنعكم من الحج، ولا أبرح من مكة لوجب قتاله وإن لم يبدأ بالقتال، فمكة وغيرها من البلاد سواء. اهـ.
وقال الطحاوي: وقد رأيناهم أجمعوا أن المشركين لو غلبوا على مكة, فمنعوا المسلمين منها, حلال للمسلمين قتالهم, وشهر السلاح بها وسفك الدماء. اهـ.
لكن تعقبه الحافظ ابن حجر بقول: وفي دعواه الإجماع نظر، فإن الخلاف ثابت.
والله أعلم.

الشبكة الإسلامية

موقع الشبكة الإسلامية