ضوابط تجسس المسلم على الكافرين

منذ 2014-12-16
السؤال:

هل يجوز للمسلم أن يعمل جاسوساً لحساب دولة إسلامية ضد أعداء الإسلام؟ إذا كان الجواب "نعم" فهل هناك ضوابط معينة لسلوكه تجاه الأعداء حيث يريد كسب ثقتهم؟ فهل يجوز له أحياناً أن يقوم بأعمال مخالفة للشرع كشرب الخمر والزنى والذهاب إلى الحانات من أجل أن يخدع أعداءه؟
 

الإجابة:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد: فقبل الكلام في ضوابط تجسس المسلم على الكافرين لابد من التمهيد بذكر بعض المقدمات:
الأولى: أن مشروعية التجسس على الكافرين ثابتة، على ما يقتضيه واجب الحذر من الكافرين ومكرهم، قال تعالى: (وَخُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء:102]، والتجسس على الكافرين بمعرفة عددهم وعدتهم، وما يبيتون للمسلمين من مكائد وخطط هو من أخذ الحذر الذي أمرنا به. 
وقد أرسل النبي صلى الله عليه وسلم حذيفة بن اليمان ليتجسس على الكفار في غزوة الخندق، وقصص السيرة مليئة بسلوكه صلى الله عليه وسلم لهذا السبيل مع الأعداء. 
الثانية: أن الكلام في هذه المسألة خاص بمن كانت مصلحة تجسسه راجعة إلى الأمة، وليست إلى مصلحة شخصية لفرد من الأفراد، أو حزب من الأحزاب. 
الثالثة: أن الكلام في هذه المسألة يختص بمن اقتضى عمله كجاسوس، مخالطة الكافرين على أنه منهم، وكان حصوله على تلك المعلومات مرتبطاً بتلك الحال.
وبعد إيراد تلك المقدمات نذكر بعض الضوابط التي تعين المسلم على موافقة الشرع في عمله:
- أن يتقي الله ما استطاع، قال تعالى: (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) [التغابن:16].
- أن يكون القائم بعمل الجاسوسية على الكافرين متصفاً بالصلاح والاستقامة جامعاً معها الخبرة والفطانة، فالأولى تمنعه من الوقوع فيما لا يحل، والثانية تخلصه من مواطن الإحراج. 
- أن يأخذ برخصة التقية وهي إظهار خلاف ما يبطن، كأن يظهر موالاة الكافرين، كأن يلبس شعارهم، ويظهر الرضا بعوائدهم ومناسباتهم وبغض المسلمين، قال تعالى: (إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً) [آل عمران:28]. وعليه الحذر وعدم التوسع فإن الله قال بعدها: (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ) [آل عمران:28].
- يحرم عليه فعل أي منكر من زنا أو شرب خمر أو لواط تحت أي ظرف، وليكن حصيفاً كيساً في اجتناب تلك المنكرات حتى لا تحوم حوله الشبهات وينكشف أمره، فيعتذر عن شرب الخمر مثلاً لأسباب صحية، والزنا لأنه على عهد شرف مع زوجته ألا يخونها في علاقته بها، وله أن يلبس ما يستر به السوأة الكبرى، ويمكن أن يتجوز فيما دونها. 
- يجب عليه أداء الواجبات الشرعية كالصلاة ونحوها، ولا يسقطها تلبسه بعمل الجاسوسية، فإنه إن لم يستطع علانية أداها خفية، وله أن يترخص بالرخص الشرعية، كرخص المرض والسفر والشغل ونحوها، فمثلاً: له أن يجمع بين الصلاتين، ويصلي قاعداً أو بالإيماء إذا لزم الأمر، وله الفطر في رمضان، والكذب إذا لم يستطع التورية... ونحو ذلك، لكن بشرط أن تكون الحالة ملجئة، وأن يقدرها بقدرها، دون توسع. 
ولن يعجز المؤمن الكيس الفطن عن وسيلة لأداء ما أفترض الله عليه في مثل تلك الظروف. 
ومن أعظم الوسائل التي لا ينبغي التغافل عنها الاستعانة بالذكر، والدعاء بأن يوفقه الله ويسدده ويهديه في أداء عمله، وأن يحفظه من كيد الأعداء ومكرهم. 
والله أعلم. 

الشبكة الإسلامية

موقع الشبكة الإسلامية