استئجار مركوب في وقت وجوب السعي للجمعة
أخبرني أحد المشايخ أنه لا يصح أخذ سيارة أجرة إلى المسجد إذا جلس الإمام على المنبر وأن من اكتراها فإن فعلته تعتبر حراما، فهل ما قاله صحيحا وماذا لو ذهبت سيرا إلى المسجد وفاتتني الصلاة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإن الأصل أن البيع والإجارة وغيرهما من العقود التي تكون سببا في الشغل عن السعي لا تجوز في هذا الوقت، هذا مذهب مالك والشافعي، وهو مذهب الحنابلة في البيع والشراء دون سائر العقود، وإن وقع البيع وما ألحق به في هذا الوقت فإنه يفسخ عند المالكية والحنابلة، ولا يفسخ عند الشافعية، أما الحنفية فذهبوا إلى كراهة البيع في هذا الوقت.
ومسألة السائل هنا وإن كانت إجارة في وقت وجوب السعي إلا أن الذي يظهر من كلام الفقهاء أنها غير داخلة في النهي عن الإجارة في هذا الوقت لتوقف حضور الجمعة عليها، وتكون حينئذ أمرا متعينا.
فقد نص الشافعية على أن البيع في الطريق لا يحرم ولكن يكره. قال النووي في المجموع- وهو من محققي الشافعية- وحيث حرمنا البيع حرمت عليه العقود والصنائع وكل ما فيه تشاغل عن السعي إلى الجمعة، وهذا متفق عليه... إلى أن قال أيضا: وحيث حرمنا البيع فهو في حق من جلس له في غير المسجد، أما إذا سمع النداء فقام في الحال قاصدا الجمعة فتبايع في طريقه وهو يمشي ولم يقف أو قعد في الجامع فباع فلا يحرم لكنه يكره. انتهى. قال: لأن المقصود أن لا يتأخر عن الجمعة.
وذكر فقهاء المالكية عند قول خليل بن إسحاق في مختصره: وفسخ بيع وإجارة وتولية وشركة وإقالة وشفعة بأذان ثان.
قال الدسوقي في حاشيته عند هذا النص: واعلم أن محل حرمة البيع إذا حصل ممن تلزمه مع غيره ما لم ينتقض وضوءه واحتاج لشراء ماء الوضوء؛ وإلا جاز له الشراء. قالوا: لأن المنع من الشراء والبيع إنما هو لأجل الصلاة، وبيع الماء وشراؤه حيئنذ إنما هو ليتوصل به إلى الصلاة، فلذا جاز. انتهى.
وكذلك أيضا أجرة السيارة في هذا الوقت إنما جازت ليتوصل بها إلى الصلاة.
وقد نص الحنابلة على جواز شراء المركوب للعاجز عن المشي إلى الجمعة، أي جواز شرائها وقت النداء. قال البهوتي: في دقائق أولي النهى ممزوجا بنص المنتهى: ولا يصح البيع في وقت لزوم السعي إلى الجمعة، إلى أن قال: إلا من حاجة كشراء مركوب لعاجز عن مشي إلى الجمعة. انتهى. مع أن الإجارة عند الحنابلة غير داخلة فيما يمنع في هذا الوقت. قال في دقائق أولي النهى أيضا: ويصح إمضاء بيع خيار وبقية العقود من إجارة وصلح وقرض ورهن وغيرها بعد نداء الجمعة لأن النهي عن البيع وغيره لا يساويه في التشاغل المؤدي لفواتها. انتهى.
والواجب على من تلزمه الجمعة أن يذهب إليها في وقت يمكنه معه حضور الجمعة والصلاة.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: