من شك في ترك واجب، وترك ركن
السؤال: صليت الفجر بعد استيقاظي من النوم مباشرة، وأحسست أني لم أكن حاضرا في الصلاة لاستيقاظي من النوم مباشرة، ولم أعلم هل كبرت للركوع أم لا؟ ولم أعلم هل قلت أشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله في التشهد أم لا؟ وسجدت للسهو قبل السلام. هل هذا السجود يشمل السهوين؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فالتكبير للركوع من واجبات الصلاة, وقد أصبت في السجود للشك في تركه؛ لأن من شك في ترك واجب من واجبات الصلاة سجد للسهو، وقيل لا يسجد، والأول أقرب للصواب، ومحل السجود كما فعلت قبل السلام.
قال الشيخ ابن عثيمين في شرح الزاد:
في المسألة قولان:
القول الأول: أن الشَّكَّ في تَرْكِ الواجب كتركه، وعليه سجود السَّهو؛ لأنه شَكَّ في فعله وعدمه، والأصل عدم الفعل، وإذا كان الأصل عدم الفعل فهذا الرَّجُل لم يتشهَّد التشهُّد الأول، فيجب عليه سجود السَّهو.
القول الثاني: لا سجود عليه؛ لأنه شَكَّ في سبب وجوب السُّجود وهو تَرْك التشهُّد، والأصل عدم وجود السبب، فينتفي عنه وجوب السُّجود وهذا هو المذهب. ولكن التعليل الأول أصحُّ، وهو أن الأصل عدم الفعل، وهذا الأصل سابق على وجوب سجود السَّهو فنأخذ به ... والسُّجود هنا يكون قبل السَّلام؛ لأنه عن نقص، وكلُّ سجود عن نقص فإنه يكون قبل السَّلام. اهــ.
والسجدتان تكفيان عن ترك واجب واحد أو أكثر من واجب؛ لأن موجب السجود هنا واحد وهو الشك في ترك واجب.
وأما شكك في ترك التشهد: فإن التشهد في صلاة الفجر ركن من أركان الصلاة، والشك في ترك الركن لا يجبر بسجود السهو، بل لا بد من الإتيان به، ثم يؤتى بسجود السهو قبل السلام، فإن كنت شككت فيه قبل أن تسلم، ولم يكن شكك وهما ولا وسوسة فقد كان الواجب عليك أن تأتي بالتشهد ثم تسلم، فإن لم تفعل بطلت صلاتك، وتلزمك إعادتها؛ لأنك تركت ركنا من أركان الصلاة، والركن لا يجبر بالسجود.
قال ابن قدامة في المغني: وَإِنْ شَكَّ فِي تَرْكِ رُكْنٍ مِنْ أَرْكَانِ الصَّلَاةِ، وَهُوَ فِيهَا -هَلْ أَخَلَّ بِهِ أَوْ لَا؟ - فَحُكْمُهُ حُكْمُ مَنْ لَمْ يَأْتِ بِهِ، إمَامًا كَانَ أَوْ مُنْفَرِدًا ; لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ.اهــ.
ومن لم يأت بالركن مع علمه بتركه وسلم، بطلت صلاته.
وأما إن شككت في تركه بعد السلام فإن هذا الشك مُلغى ولا عبرة به.
قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى- فيمن شك في ترك ركن:
إذا شك في تركه، فهو لا يخلو من ثلاث حالات:
إما أن يكون هذا الشك وهماً لا حقيقة له، فهذا لا يؤثر عليه، يستمر في صلاته ولا كأنه حصل له هذا الشك.
وإما أن يكون هذا الشك كثيراً معه، كما يوجد في كثير من الموسوسين، نسأل الله لنا ولهم العافية، فلا يلتفت إليه أيضاً، بل يستمر في صلاته حتى لو خرج من صلاته وهو يرى أنه مقصر فيها، فليفعل ولا يهمنه ذلك.
وإما أن يكون شكه بعد الفراغ من الصلاة، فكذلك أيضاً لا يتلفت إليه ولا يهتم به، ما لم يتيقن أنه ترك.
أما إذا كان الشك في أثناء الصلاة، فإن العلماء يقولون: من شك في ترك ركن فكتركه، فإذا كان الشك في أثناء الصلاة، وكان شكاً حقيقياً، ليس وهماً ولا وسواساً فلو أنه سجد وفي أثناء سجوده شك هل ركع أو لم يركع، فإنا نقول له: قم فاركع؛ لأن الأصل عدم الركوع، إلا إذا غلب على ظنه أنه ركع، فإن الصحيح أنه إذا غلب على ظنه أنه ركع، فإنه يعتد بهذا الظن الغالب، ولكن يسجد للسهو بعد السلام. اهــ.
والله تعالى أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: