حكم الصلاة إذا نسي الإمام سجدة ونبهه المأمومون فلم ياخذ بقولهم
نسي الإمام السجدة الثانية من الركعة الأخيرة من صلاة الظهر، ثم سلم، ولم يأتِ بها أو بسجود السهو، وبعد التسليم ذكَّره الناس فبقي قاعدًا والناس كذلك ولم يأتوا بالسجدة، فما حكم صلاتنا؟ وما حكم المسبوق الذي التحق بالصلاة مع الإمام في التشهد الأخير ثم أتم صلاته وسجد للسهو؟ وما حكم الناس الذين صلوا مع الإمام ولم يعلموا نقصها، وخرجوا سريعًا من المسجد؟ أجيبونا - بارك الله فيكم -.
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد: فعدم أخذ الإمام بتنبيه المصلين له بعد السلام بأنه ترك سجدة لا يخلو من حالين: أولاهما: أن يعتقد جازمًا أنه لم ينس السجدة، ففي هذه الحال لا يلزمه الرجوع إلى قولهم وصلاته صحيحة.
ثانيهما: أن لا يجزم بصواب نفسه، ففي هذه الحال كان يجب عليه الرجوع إلى قولهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما نبهه الصحابة - رضي الله عنهم - أنه بقي ركعتان من الصلاة ألغى ظنه ورجع إلى قولهم؛ ولذا قال بعض أهل العلم يجب على الإمام الرجوع إلى قول من يسبح به من المأمومين، وينبهه على الخطأ إذا كانوا اثنين فأكثر - حتى لو غلب على ظنه صواب نفسه - فإن كان جازمًا بصواب نفسه لم يلزمه الرجوع لقول من يسبح به، جاء في الروض: وإن سبح به ثقتان) أي: نبهاه بتسبيح، أو غيره - ويلزمهم تنبيه - لزمه الرجوع إليها سواء سبحا به إلى زيادة، أو نقصان، وسواء غلب على ظنه صوابهما، أو خطؤهما، والمرأة كالرجل (فـ) إن (أصر) على عدم الرجوع (ولم يجزم بصواب نفسه بطلت صلاته)؛ لأنه ترك الواجب عمدًا، وإن جزم بصواب نفسه لم يلزمه الرجوع إليهما؛ لأن قولهما إنما يفيد الظن, واليقين مقدم عليه. اهــ.
فالإمام المشار إليه إذا لم يجزم بصواب نفسه، فإن صلاته باطلة طالما أنه لم يأت بالسجدة التي نسيها؛ لأن السجدة ركن من أركان الصلاة لا تتم إلا بها، ولا يُجبر تركها بسجود سهو بحيث يُكتفى به عن السجدة، بل لا بد من الإتيان بالسجدة، ثم يسجد للسهو.
ومن صلى معه ولم يأت بالسجدة فإن صلاته باطلة؛ لأنه ترك ركنًا من أركان الصلاة لا تصح إلا به، جاء في حاشية الصاوي على الشرح الصغير: إنْ سَجَدَ إمَامٌ سَجْدَةً وَاحِدَةً وَتَرَكَ الثَّانِيَةَ سَهْوًا وَقَامَ, لَمْ يَتْبَعْهُ مَأْمُومُهُ، بَلْ يَجْلِسُ وَيُسَبِّحُ لَهُ لَعَلَّهُ يَرْجِعُ، فَإِنْ لَمْ يَفْهَمْ كَلَّمَهُ، فَإِنْ لَمْ يَرْجِعْ فَإِنَّهُمْ يَسْجُدُونَهَا لِأَنْفُسِهِمْ وَلَا يَتْبَعُونَهُ فِي تَرْكِهَا، وَإِلَّا بَطَلَتْ عَلَيْهِمْ. اهــ.
فالذي تابع الإمام في ترك السجدة بطلت صلاته، ويدخل في هذا الذين خرجوا من المسجد فإن صلاتهم باطلة؛ لأنهم تركوا ركنًا، وتلزمهم الإعادة إذا علموا أن صلاتهم باطلة، وإذا لم يعلموا فإنهم قد لا يُعذرون بجهلهم, ويأثمون لتفريطهم في تعلُّم ما يجب عليهم تعلمه من أمر الصلاة، والسجود ركن من أركان الصلاة، ومن فرط في تعلم ما هو واجب عليه مع إمكانية التعلم فإنه لا يعذر بالجهل، جاء في فتاوى اللجنة الدائمة: لا يعذر بالجهل من عنده القدرة على تعلم ما هو واجب عليه من ضروريات الدين ولم يتعلم. اهــ
وقال ابن عثيمين - رحمه الله تعالى -: ليس كل من قلنا إنه يعذر بالجهل يعذر في كل حال، إذا كان مفرطًا وقام سبب طلب العلم يجب عليه أن يطلب العلم حتى يتبين. اهــ.
وأما المسبوق الذي دخل في التشهد الأخير فإنه لا تبطل صلاته لما ذكره الفقهاء من أن مدرك التشهد لا تبطل صلاته ببطلان صلاة الإمام، جاء في حاشية الدسوقي: ... وحاصله أن من لم يدرك ركعة إن كان غير معيد أتم فرضه وجوبًا, ثم له الإعادة في جماعة، وإن كان معيدًا: إن شاء قطع، وإن شاء شفع، والذي ذكره غيره أن من لم يدرك ركعة - والحال أنه غير معيد، ورجا جماعة أخرى - جاز له القطع؛ لأنه لم ينسحب عليه حكم المأمومية، فلا يستخلفه الإمام, بل يجوز الاقتداء به، ومقتضى هذا أنه إن بطلت صلاة الإمام لا يسري البطلان له. اهـ
قال الناظم:
لمدرك التشهد اعلم ذكروا ** خمسة أشياء على ما قرروا
يؤم يؤجر وبالتكبير ** يقوم للفضل أيا سميري
يعيد والإمام إن تبطل عليه ** فذلك البطلان لا يسري إليه.
والله تعالى أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: