الحد الذي به يحكم بالكفر على تارك الصلاة كسلا
ما هو الضابط في ترك الإنسان للصلاة، أي متى يمكن أن أقول عن الشخص أنه تارك للصلاة، هل كما قال ابن قدامه المقدسي في مختصر منهاج القاصدين أن ترك صلاة واحدة يخرج إلى الكفر، أم كما قرأت عن شيخ الإسلام أنه من ترك صلاتين يمكن الجمع بينهما كالظهر والعصر حتى يخرج وقت العصر متعمدا كفر. أو معنى قوله. أو كما قال أحد العلماء المعاصرين أنه لو ترك الفروض الخمسة إلا أنه يصلي الجمعة فقط أو أنه يصلي ويترك- ولا أعرف ما المقصود بيصلي ويترك. هل يصلي اليوم مثلا ويترك سنة ثم يصلي ولا أقول عنه تارك للصلاة ومن ثم لا يحكم بكفره- فإنه لا يكفر حتى يترك بالكلية, ما هي المدة التي يصلي بها ويترك حتى لا نقول أنه تارك للصلاة؟ مثلا إذا ترك بعض الأيام ولم يعد للصلاة نقول إنه كافر، وإذا ترك أقل من هذا يوم نقول إنه ليس بتارك لأن كثيرا من الناس يصلون فقط في رمضان مثلا. فهل هؤلاء ليسوا تاركين للصلاة ونتزوجهم مثلا ونصلي عليهم إذا ماتوا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فتارك الصلاة كسلا لا جحودا مختلف فيه بين أهل العلم هل يكفر بتركه للصلاة أم لا. والقائلون بكفره قد اختلفوا فيمن يصلي أياما ويترك أياما، فنقل عن بعضهم أنه لا يكفر إلا بالترك المطلق، والمشهور عن أكثرهم أنه يكفر بترك صلاة واحدة.
وجاء في الموسوعة الفقهية أنه: لا خلاف بين الفقهاء في أن من ترك الصلاة جحودا واستخفافا كافر مرتد، يحبس للاستتابة وإلا يقتل. وقد ذكروا: أن ترك الصلاة يحصل بترك صلاة واحدة يخرج وقتها دون أدائها مع الإصرار على ذلك. ومن ترك الصلاة كسلا وتهاونا مع اعتقاد وجوبها يدعى إليها، فإن أصر على تركها ففي عقوبته ثلاثة أقوال: القول الأول: يحبس تارك الصلاة كسلا ثلاثة أيام للاستتابة وإلا قتل حدا لا كفرا، وهذا مروي عن حماد بن زيد ووكيع ومالك والشافعي.
القول الثاني: يحبس تارك الصلاة كسلا ثلاثة أيام للاستتابة وإلا قتل كفرا وردة، حكمه في ذلك حكم من جحدها وأنكرها لعموم حديث: بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة. وهذا قول علي رضي الله عنه، والحسن البصري، والأوزاعي، وابن المبارك، وأحمد في أصح الروايتين عنه.
القول الثالث: يحبس تارك الصلاة كسلا ولا يقتل بل يضرب في حبسه حتى يصلي، وهو المنقول عن الزهري، وأبي حنيفة، والمزني من أصحاب الشافعي. اهـ.
وقال الشيخ ابن عثيمين في الشرح الممتع: قال بعض العلماء: يكفرُ بترك فريضةٍ واحدة، ومنهم من قال: بفريضتين. ومنهم من قال: بترك فريضتين إن كانت الثَّانية تُجمع إلى الأولى.. والذي يظهر من الأدلَّة: أنَّه لا يكفر إلا بترك الصَّلاة دائماً؛ بمعنى أنَّه وطَّنَ نفسَه على ترك الصَّلاة؛ فلا يُصلِّي ظُهراً، ولا عَصراً، ولا مَغرباً، ولا عِشاء، ولا فَجراً، فهذا هو الذي يكفر. فإن كان يُصلِّي فرضاً أو فرضين فإنَّه لا يكفر؛ لأنَّ هذا لا يَصْدُقُ عليه أنه ترك الصَّلاة؛ وقد قال النبيُّ صلّى الله عليه وسلّم: « ». وقال بعض العلماء: لا يكفر تاركها كسلاً. اهـ.
وقد عقد ابن القيم في كتاب الصلاة وحكم تاركها. فصلا في تعيين مقدار الترك الموجب لقتل تارك الصلاة. وآخر في متى يعد الرجل تاركا للصلاة وظاهر كلامه تقوية قول من قال: يُقتل بترك صلاتين.
وعقد الشيخ أبو الحسن المأربي في كتابه: سبيل النجاة في بيان حكم تارك الصلاة فصلا في ما يُكفَّر به تارك الصلاة، تناول فيه أقوال أهل العلم وأدلتهم بشيء من التفصيل، ثم قال: ومن المفيد تلخيص ما ترجح لي في الآتي:
1ـ أن من جحد وجوب الصلاة؛ يكفر.
2ـ أن من أقر بوجوبها، ولم يلتزمها أي لم يقر بأنها لازمة له على نفسه؛ يكفر.
3ـ أن من أقر بوجوبها، والتزمها، لكنه ترك الصلاة تركًا كليًا؛ يكفر، ظاهرًا وباطنًا، أي عندنا وعندالله عز وجل، سواء عزم على القضاء أم لا، لأن الحكم معلق بالترك الكلي.
4ـ أن من صلى البعض، وترك البعض، ولو صلاة واحدة، ودعاه الإمام للصلاة، فأبى، وأصر على الترك، حتى قتل، فيكون كافرًا أيضًا، لأن إصراره على الترك والحالة هذه دليل على عدم إقراره بالعودة إلى الصلاة، وقد صرح شيخ الإسلام وغيره، بأن هذا دليل على عدم إقراره بوجوب الصلاة.
5ـ أن من صلى البعض، وترك البعض، وهو عازم على القضاء، ولم يدعه الإمام فمات قبل القضاء؛ فإنه مسلم، مرتكب للكبيرة.
6ـ أن من صلى البعض، وترك البعض، وهو عازم على عدم القضاء لا عن تأويل ويصرح بذلك؛ يكفر، وإن لم يدعه الإمام.
فالضابط في التكفير عدة أمور:
أ- الجحود.
ب- عدم الالتزام.
ج- الترك الكلي، وإن كان مقرًا بالوجوب.
د- الإصرار على الترك، وإن أفضى إلى القتل بعد دعوة الإمام أو من يقوم مقامه، وإن ادعى الإقرار.
هـ- التصريح بعدم العزم على قضاء ما ترك. اهـ.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: