أنتم شهداء الله في أرضه
حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: «
» اتخذه بعض الناس للنيل من أعراض الآخرين والكذب عليهم والحط من قدرهم فما توجيهكم؟
لما مر النبي -عليه الصلاة والسلام- بجنازة فأثنوا عليها خيرًا فقال النبي -عليه الصلاة والسلام- وجبت وجبت ثم مر بجنازة أخرى فأثنوا عليها شرًا فقال -عليه الصلاة والسلام- وجبت وجبت، ثم قيل له ما وجبت وجبت قال الأول أثنيتم عليه خيرًا فوجبت له الجنّة، والثاني أثنيتم عليه شرًا فوجبت له النار، أنتم شهداء الله في أرضه، هذا إذا كان القصد منه بيان الواقع للإنسان لاسيما من يُخشى منه الضرر فهذا يُتكلم فيه بما يستحقه لئلا يتعدى ضرره ومخالفته وبدعته إلى الناس، وإلا فالأصل النهي عن إبداء مساوئ الأموات، اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساوئهم، أما من يخشى تعدي شره وبدعته فلا مانع من تبيينه كما بيّن العلماء أحوال الرواة جرحًا وتعديلًا، فمثل هذا من باب النصيحة لكن يتقي الله -جل وعلا- من يتصدى لهذا الأمر هل هو بحاجة إلى مثل هذا الكلام، هل الحاجة داعية، هل لا يسعه السكوت في مثل هذا وإذا أمكن بيان الحكم متعلقًا بالوصف أغنى عن بيان الحكم المتعلق بالشخص، إنما تذكر الأوصاف وتذم الأوصاف المذمومة من الشرع، وتُمدح الأوصاف الممدوحة، ولا يتعرض للأشخاص بأعيانهم اللهم إلا إذا لم يتم البيان إلا بذكر الشخص الذي يخشى من ضرره المتعدي أهل العلم فعلوا ذلك، والنبي -عليه الصلاة والسلام- قال بئس أخو العشيرة، المقصود أنّ مثل هذا لا يتخذ ذريعةً ويتوسع فيه ويسترسل فيه فيقدح في من قدحه مصلحة ومن لا مصلحة من جراء قدحه، فلا شك أن أعراض المسلمين محفوظة، وهي كما قال ابن دقيق العيد حفرة من حفر النار، أعراض المسلمين حفرة من حفر النار وقع على شفيرها العلماء والحكام؛ لأنهم هم الذين يحتاجون في الغالب للكلام في الناس، فعليهم أن يحتاطوا لهذه الأعراض هذا فهم لبعض أهل العلم لمثل هذا الكلام، ومنهم من يقول أنّهم هم أكثر من يتكلم فيهم الناس فهم يقفون على شفير هذه الحفرة يدفعون من يتكلم فيهم في هذه الحفرة، والله المستعان.
على كل حال الغيبة محرمة، وأشدُّ منها النميمة، وأكل لحوم المسلمين لاشك أنه من عظائم الأمور ومن الكبائر التي جاء الوعيد عليها.
عبد الكريم بن عبد الله الخضير
عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.
- التصنيف:
- المصدر: