نصيحة غالية لمن ضيع الصلاة
عندي سؤال بسيط جدا ولكنه مهم جدا. أنا متزوج منذ 12 سنة ورزقنا الله بنتين وابنا، ومشكلتي أن زوجتي لا تصلي إلا في رمضان وحتى لو صلت لا تحترم الأوقات، هي تستطيع أن تقعد أمام التلفاز مدة طويلة وتتفرج ولا تبالي.استعملت معها جميع الوسائل إلا الضرب.
أما المشكلة الثانية أنه عندما كنت أعلم بناتنا الصلاة سألتني بنتي الصغيرة 6 سنوات، لماذا أنت تصلي وماما لا تصلي.وسؤالي ماذا أفعل؟ والجواب سوف يكون لها إن شاء الله حتى تقرأه هي.
وجزاكم الله خيرا.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فلا شك أن الله سبحانه وتعالى قد خلقنا من أجل العبادة، قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} [الذاريات:56]. والصلاة من أعظم العبادات ومن أجل شعائر الإسلام، قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة:5] كما أن الصلاة عماد الدين وهي الفارقة بين الكفر والإيمان، كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم : « » (أخرجه مسلم وأبو داود والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه، وابن أبي شيبة). وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة. وقال عبد الله بن شقيق : كان أصحاب رسول الله لا يرون من الأعمال شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. وقد توعد الله من يؤخرها عن وقتها، بالويل فقال: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّين*الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون:4ـ5]. والويل هو واد في جهنم، نسأل الله العافية. وكيف لا يحافظ المسلم على أداء الصلاة، وقد أمرنا الله بذلك فقال : {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة:238]، وقال الرسول صلى الله عليه وسلم : « » (رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم). فمن حافظ على الصلاة كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد، فأي مصيبة أعظم من عدم المحافظة على الصلاة!! ثم نقول لهذه الأخت المسلمة : لم لا تحافظين على الصلاة ؟ ألا تخافين من الله ؟ ألا تخشين الموت؟ أما تعلمين أن أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة الصلاة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم: « » « »، وماذا يكون جوابك لربك حين يسألك عن الصلاة؟ ألا تعرفين أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته يوم القيامة بالغرة والتحجيل من أثر الوضوء، فقد قال صلى الله عليه وسلم: « » (رواه البخاري ومسلم)، والغرة بياض الوجه، والتحجيل : بياض في اليدين والرجلين. كيف بالمرء حينما يأتي يوم القيامة وليس عنده هذه العلامة وهي من خصائص الأمة المحمدية، بل لقد وصف الله أتباع النبي صلى الله عليه وسلم بأنهم : {سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ} [الفتح: 29]. وينبغي أن تعلم هذه الزوجة أن الصلاة راحة وطمأنينة للنفس والقلب، وقد قال فيها الرسول صلى الله عليه وسلم لبلال: « ». وقد أرشدنا النبي صلى الله عليه وسلم عندما تحدق بنا المصائب، وتدلهم بنا الخطوب والأحزان أن نفزع إلى الصلاة "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر فزع إلى الصلاة ". رواه أحمد وأبو داود، حزَبه أي: أهمه، وقد أمرنا الله بالاستعانة بالصلاة ، فكيف يتركها بعض الناس، وقد قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [البقرة:153]. وينبغي أن تتدبر هذين الحديثين وما فيهما من الفوائد والعبر الحديث الأول : رواه مسلم عن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ». فلا يطلبنكم الله من ذمته بشيء، فإنه من يطلبه من ذمته بشيء يدركه، ثم يكبه على وجهه في نار جهنم. والذي يصلي الفجر هو في حماية الله ورعايته ويحس بنشاط وطيب نفس، والذي يفرط فيها تائه يتخبطه الشيطان والهوى، ويكابد الكآبة والضيق. وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المعنى وجلاه في الحديث الثاني وهوقوله عليه الصلاة والسلام : « » (متفق عليه وهذا لفظ البخاري). فنصيحتنا لهذه الزوجة : أن تتقي الله وتحافظ على صلاتها، لأن الصلاة من أركان الإسلام الخمسة : « » (رواه البخاري ومسلم). فعلى هذه المرأة المسلمة : أن تتخلص من عادة ترك الصلاة، وتستعين بالله وتسأله الإعانة، وتستعيذ به من الكسل والعجز، وأن تؤدي صلاتها بطمأنينة وخشوع في أوقاتها، لتكوني من الذين قال الله فيهم : {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ*الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون:2]. وعليها بالابتعاد عن كل ما يشغلها ويلهيها عن الصلاة، وعليها بدعاء رب العالمين بصدق أن يوفقها للمحافظة والمداومة على الصلاة في أوقاتها، وعليها بالإكثار من قراءة القرآن ومن ذكر الله، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والاستغفار والدعاء أن يشرح الله صدرها للصلاة. وعلى هذه المرأة أن تعلم أنها مسؤولة مثل الزوج عن تربية الأبناء وأمرهم بالصلاة، وتربيتهم على الأخلاق الفاضلة، وتحذيرهم من مساوئ الأخلاق. وقد ذهب جمهور أهل العلم إلى وجوب أمر الأولاد بالصلاة والصوم إذا أطاقوه وكذا غيرهما من الواجبات، فكيف تقوم هذه المرأة بهذا الواجب وهي تاركة للصلاة أو متهاونة فيها، ولو قدر أنها تأمر أولادها بالصلاة بلسانها فهي تصدهم عنها بفعلها، وتأثر الأولاد بفعل والديهما أعظم من تأثرهم بأقوالهما. ولتعلم أن نشوء الأولاد على ترك الصلاة مصيبة تجرهم إلى الانحرف وترك بقية العبادات مما يدعوهم إلى العقوق وإهمال الوالدين وعدم الرعاية لهما عند كبرهما وحاجتهما إلى الرعاية والمعونة. فاتقي الله أيتها المرأة المسلمة واعلمي أن الدنيا دار ممر لا دار مقر، والحياة الحقيقية هي الحياة الأخروية {وإن الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون} والنعيم الحق إنما يكون في الآخرة لا في الدنيا لأن نعيم الدنيا يزول، ويخلفه عذاب لا يزول إلا لمن اتقى الله في الدنيا فإنه ينعم فيها وفي الآخرة. نسأل الله تعالى أن يوفق هذه المرأة للمحافظة على الصلاة وحسن التربية والرعاية لأولاها وأن يكون هذا البيت بيتا صالحا وعامرا بطاعة الله والمودة والألفة بين أفراده إنه سبحانه على كل شيء قدير وبالإجابة جدير.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف:
- المصدر: