حكم الموالاة في قراءة الفاتحة والتشهد، وحكم من يتأخر قليلا من أجل التذكر أو لضيق التنفس

منذ 2015-04-12
السؤال:

ماهي مذاهب العلماء حول الموالاة في قراءة الفاتحة والتشهد، وحكم من يتأخر قليلا من أجل التذكر هل نسي شيئا أو لضيق التنفس أو بسبب التلعثم، هل تصح صلاته؟

الإجابة:

بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين ومن اتبعه بإحسان إلى يوم الدين.

الموالاة بين آيات الفاتحة وكلمات التشهد واجبة، جاء في (المنثور في القواعد الفقهية:3 / 242): "وَمِمَّا تَجِبُ فِيهِ: الْمُوَالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِ الْفَاتِحَةِ، وَكَذَا بَيْنَ كَلِمَاتِ التَّشَهُّد" انتهى.
وفي (حاشية البجيرمي على الخطيب:2 / 40): "وَتَجِبُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ كَلِمَاتِ التَّشَهُّدِ بِأَنْ لَا يَفْصِلَ بَيْنَ كَلِمَاتِهِ بِغَيْرِهَا، وَلَوْ مِنْ ذِكْرٍ أَوْ قُرْآنٍ" انتهى.
وفي (حاشية الجمل على شرح المنهج:1 / 346): "وَإِنَّمَا وَجَبَتْ الْمُوَالَاةُ فِي التَّشَهُّدِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهَا يُخِلُّ بِالنَّظْم" انتهى.
والسكوت الذي يقطع المولاة في الفاتحة: هو السكوت الطويل المشعر بقطع القراءة والإعراض عنها، أما السكوت اليسير، كسكوت الوقف، أو التنفس، أو لنحو تذكر آية: فهذا لا يقطع الموالاة.
جاء في (المغني:1 / 349) لابن قدامة: "فَإِنْ قَطَعَ قِرَاءَةَ الْفَاتِحَةِ بِذِكْرٍ؛ مِنْ دُعَاءٍ، أَوْ قِرَاءَةٍ، أَوْ سُكُوتٍ يَسِيرٍ، أَوْ فَرَغَ الْإِمَامُ مِنْ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَاءِ قِرَاءَةِ الْمَأْمُومِ قَالَ: آمِينَ، وَلَا تَنْقَطِعُ قِرَاءَتُهُ ... وَإِنْ كَثُرَ ذَلِكَ اسْتَأْنَفَ قِرَاءَتَهَا، إلَّا أَنْ يَكُونَ السُّكُوتُ مَأْمُورًا بِهِ، كَالْمَأْمُومِ يَشْرَعُ فِي قِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، ثُمَّ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ، فَيُنْصِتُ لَهُ، فَإِذَا سَكَتَ الْإِمَامُ أَتَمَّ قِرَاءَتَهَا، وَأَجْزَأَتْهُ ... ، وَكَذَلِكَ إنْ كَانَ السُّكُوتُ نِسْيَانًا، أَوْ نَوْمًا، أَوْ لِانْتِقَالِهِ إلَى غَيْرِهَا غَلَطًا لمْ يَبْطُلْ، فَمَتَى ذَكَرَ أَتَى بِمَا بَقِيَ مِنْهَا، فَإِنْ تَمَادَى فِيمَا هُوَ فِيهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ، أَبْطَلَهَا، وَلَزِمَهُ اسْتِئْنَافُهَا، كَمَا لَوْ ابْتَدَأَ بِذَلِكَ" انتهى.
وفي (المجموع شرح المهذب:3 / 357): "وَأَمَّا الْمُوَالَاةُ فَمَعْنَاهَا أَنْ يَصِلَ الْكَلِمَاتِ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، وَلَا يَفْصِلَ إلَّا بِقَدْرِ التَّنَفُّسِ.
فَإِنْ أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ فَلَهُ حَالَانِ:
(أَحَدُهُمَا): أَنْ يَكُونَ عَامِدًا؛ فَيُنْظَرُ: إنْ سَكَتَ فِي أَثْنَاءِ الْفَاتِحَةِ طَوِيلًا، بِحَيْثُ أَشْعَرَ بِقَطْعِهِ الْقِرَاءَةَ، أَوْ إعْرَاضِهِ عَنْهَا مُخْتَارًا، أَوْ لِعَائِقٍ بَطَلَتْ قِرَاءَتُهُ، وَوَجَبَ اسْتِئْنَافُ الْفَاتِحَةِ، هَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ، وَحَكَى إمَامُ الحرمين والغزالي عن العراقيين: أنه لا تبطل قراءته، وليس بشيء وَالْمَوْجُودُ فِي كُتُبِ الْعِرَاقِيِّينَ وُجُوبُ الِاسْتِئْنَافِ، وَإِنْ قَصُرَتْ مُدَّةُ السُّكُوتِ لَمْ يُؤَثِّرْ بِلَا خِلَاف ......
(الْحَالُ الثَّانِي): أَنْ يُخِلَّ بِالْمُوَالَاةِ نَاسِيًا؛ فَالصَّحِيحُ الَّذِي نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فِي الْأُمِّ، وَقَطَعَ بِهِ الْأَصْحَابُ: أَنَّهُ لَا تَبْطُلُ قِرَاءَتُهُ، بَلْ يَبْنِي عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ مَعْذُورٌ؛ سَوَاءٌ كَانَ أَخَلَّ بِالْمُوَالَاةِ بِسُكُوتٍ، أَمْ بِقِرَاءَةِ غَيْرِ الْفَاتِحَةِ فِي أَثْنَائِهَا" انتهى.
والحاصل من ذلك:
أن ما ذكر في السؤال من التأخر قليلا، من أجل التذكر، أو لضيق التنفس، أو التلعثم أن ذلك كله لا يضر الصلاة، ولا يقطع الموالاة المطلوبة، ولا يلزمه أن يعيد القراءة من جديد.
وما قيل في شأن السكوت الذي يقطع الفاتحة ، والذي لا يقطعه يقال في التشهد؛ إذ لا فرق في ذلك بينهما.

والله تعالى أعلى وأعلم.