اقتصار الجنب على الغسل فقط، وجواز الاغتسال في موضع قضاء الحاجة، وحكم استخدام السيارة الحكومية والسائق للأغراض الشخصية

منذ 2015-10-09
السؤال:

هل يصحُّ الاغتِسال في حمَّام مشترك مع مرافق؟ وهل الغُسْل يكْفى عن الوضوء؟

هل يَجوز استِخدام سائق حكومي لأغراضي الشَّخصيَّة؛ كوْني موظفًا حكوميًّا وأتقاضى راتبًا من الدَّولة، وأنَّ السيَّارة حكوميَّة وهناك موافقة أصوليَّة؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالاغتِسال في الحمَّامات المعروفة حاليًّا، والمشتملة على مغسلة وموضع لقضاء الحاجة، وموضِع للغُسل (المستحم)، وغير ذلك - لا حرجَ فيه - إن شاء الله - لأنَّ غايتَها أنَّ بها موضعًا لقضاء الحاجة، ولا نعرِف دليلاً صحيحًا يدلُّ على منْع الغُسْل أو الوضوء في الكنُف، إلاَّ أنَّ الأفضل تسْمية الله في سرِّكَ عند بدْء الوضوء.

أمَّا كوْن الغُسل يُغني عن الوضوء، فإنه - صلَّى الله عليه وسلَّم –  كان لا يتوضَّأ بعد الغسل، والقرآن الكريم قد دلّ على أن الجنُب لا يَجب عليه إلاَّ الاغتِسال وحسب؛ قال تعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، لكن مع ملاحظة أنه لا بد من المضمضة والاستنشاق..

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وهو - سبحانه - أمرَنا بالطَّهارتَين الصُّغرى والكبرى، وبالتيمُّم عن كلٍّ منهُما؛ فقال: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالوضوء، ثم قال: {وَإِن كُنتُمْ جُنُباً فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]، فأمر بالتطهُّر من الجنابة، كما قال في المحيض: {وَلاَ تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّهُ} [البقرة: 222]، وقال في سورة النساء: {وَلاَ جُنُباً إِلاَّ عَابِرِي سَبِيلٍ حَتَّى تَغْتَسِلُوا} [النساء: 43]، وهذا يبيِّن أنَّ التطهُّر هو الاغتِسال.

والقرآن يدلُّ على أنَّه لا يَجب على الجنُب إلاَّ الاغتِسال، وأنَّه إذا اغتسل جازَ له أن يقْرب الصَّلاة، والمغتسِل من الجنابة ليْس عليْه نيَّة رفْع الحدَث الأصْغر؛ كما قال جمهور العلماء، والمشْهور في مذهب أحمد: أنَّ عليْه نيَّة رفع الحدَث الأصغر، وكذلك ليْس عليْه فعل الوضوء، ولا ترْتيبٌ، ولا موالاة، عند الجمهور، وهو ظاهر مذْهب أحمد.

وقيل: لا يرتفِع الحدث الأصْغر إلاَّ بهما، وقيل: لا يرتفِع حتَّى يتوضَّأ، رُوي ذلك عن أحمد.

والقُرآن يقتضي أنَّ الاغتسال كافٍ، وأنَّه ليس عليه بعد الغُسل من الجنابة حدثٌ آخَر؛ بل صار الأصْغَر جزءًا من الأكبر، كما أنَّ الواجب في الأصْغر جزءٌ من الواجب في الأكْبر؛ فإنَّ الأكبر يتضمَّن غسْل الأعضاء الأربعة، ويدلُّ على ذلك قولُ النَّبيِّ - صلَّى الله عليْه وسلَّم - لأم عطيَّة واللَّواتي غسَّلن ابنتَه: «اغسلْنها ثلاثًا أو خمسًا أو أكثر من ذلك، إن رأيتُنَّ ذلك، بماء وسدر، وابدأْنَ بِميامِنِها ومواضع الوضوء منها»، فجعل غَسْل مواضع الوضوء جزءًا من الغُسْل، لكنَّه يقدَّم كما تقدَّم الميامن.

وكذلك الَّذين نقلوا صفة غسلِه؛ كعائشة - رضي الله عنْها - ذكرتْ أنَّه: «كان يتوضَّأ ثمَّ يُفيض الماءَ على شعره، ثمَّ على سائر بدنه»، ولا يقصد غسْل مواضع الوضوء مرَّتين، وكان لا يتوضَّأ بعد الغسل.

فقد دلَّ الكتاب والسنَّة على أنَّ الجنُب والحائض لا يغسِلان أعضاء الوُضوء ولا ينوِيان وضوءًا، بل يتطهَّران ويغتسِلان كما أمر الله تعالى، وقوله: {فَاطَّهَّرُوا} أَراد به الاغتسال".

لكن السنة في الاغتسال أن يتوضأ أولاً وضوءه للصلاة، فإذا وصل لمسح الرأس لا يمسحه ولكن يفيض الماء على سائر جسمه ( يغتسل).

أمَّا السائق الحكومي، فلا يجوزُ استخدامُه في الأغْراض الشخصيَّة إلاَّ إذا سمح المسؤولون، أو مَن يَنوب عنْهم بذلك، وراجع على موقعنا فتوى: "حكم الهدية التي تقدمها الشركات لموظفي جهات أخرى".

أما إن كان مقصود الأخ الكريم بقوله: "وهناك موافقة أصوليَّة"، أن المسؤولين، أو مَن يَنوب عنْهم قد أعطوا موافقة باستخدام السيارة والسائق في الأغْراض الشخصيَّة، فيجوز في تلك الحال استخدامهما في المصالح الشخصية،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام