العمل في نظم المعلومات البنكية

منذ 2015-10-26
السؤال:

السَّلام عليْكم،

تقدَّم إليَّ إنسان يعمل استشاريَّ نظم معلومات بنكيَّة؛ أي: إنَّه يعمل في برامج (Software) تستخدمها البنوك الربويَّة والبنوك الإسلاميَّة، هل هذا حرام أم حلال؟

علمًا بأنَّه قال لي: إنَّ نيَّته هي تعلُّم الأمور الخاصَّة بالمعاملات البنكيَّة، وعندما يكون هناك اقتصاد إسلامي يكون قادِرًا على المشاركة بفهم، وإنَّه لا يَجب أن ننفصِل عن المجتمع؛ بل يَجب أن نعمل لنشارك في التَّغيير.

أرجو مساعدتي في معرفة هل هذا حلال أم حرام؟ جزاكم الله خيرًا.

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فإذا كان الشَّخص الَّذي تقدَّم لك يعمل استشاريَّ نظم معلومات في بنك رِبوي، فلا يجوز لك الارتباط به؛ لحُرْمة العمل في تلك البنوك؛ فقد روى مسلم عن جَابِرٍ - رضي الله عنْه - قَالَ: لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ - صلَّى اللَّهُ علَيْه وسلَّم - آكِلَ الرِّبَا ومُؤْكِلَهُ وكَاتِبَه وشَاهِدَيْه، وقَالَ: «هُمْ سَوَاءٌ».

حتَّى وإن كان عملُه بعيدًا عن التَّعامُلات الربويَّة؛ إلاَّ أنَّه يعاون المُرابين على الحرام؛ وقد قال تعالى: {
وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة: 2].

وقد سبق تفصيل ذلك في الفتوى: "
حكم العمل في البنوك"، فلتراجع.

أمَّا إذا كان العمل المذكور تابعًا لبنك إسلامي، فلا حرَج فيه.

وأمَّا قصد ذلك الأخ تعلُّم المعاملات البنكيَّة لِيستطيعَ نفْع المسلمين عند تطبيق الاقتِصاد الإسلامي، فلا يُبيح له العمل في مؤسَّسة ربويَّة مُحادَّة لله ورسوله، فالقصْد الحسن لا بدَّ أن يَصْحَبه عمل صواب موافِق للشَّرع، فحُسْن القصْد وحْدَه لا يكفي حتَّى تكون الوسيلة لا تُعارض الشَّرع، وعندنا - نَحن المسلمين - الغاية لا تبرِّر الوسيلة.

ثمَّ النِّظام الرِّبوي لا يحتاج إليْه أصلاً، ولا لشيءٍ منْه عند تطْبيق المعاملات الإسلاميَّة؛ فهُما ضدَّان لا يَجتمعان ولا يرتفِعان.

وقوله - عفا الله عنْه -: "إنَّه لا يجب أن ننفصِل عن المجتمع؛ بل يجب أن نعمل لنشارك في التَّغْيير" - كلام صحيح من النَّاحية النظريَّة، وأمَّا من النَّاحية التطبيقيَّة، فلا بدَّ أن يُضبط بِميزان الشَّرع، ولا يُترك لكل أحدٍ يطبِّقه كيف شاء،
فهل يعقل أن يَمتهن المسلمُ مِهَنًا تُوقع صاحبَها في أكبر الكبائر؟! وهل يقال: حتَّى لا نترُك مجالاً لغير المسلمين؛ نعمل مثلاً في قطاعات السِّياحة المختلِفة، ونبيع لهم الخمْر والخنزير، ونهيِّئ لهم المراقص؟! ثمَّ هل هذا التَّأويل الفاسد يُحلُّ المال الحرام؟!

أم يقال: إنَّ الواجب على المسلم الحقِّ ألاَّ يجترئ على حدود الله، وقواعد الشَّريعة الكبار، وألاَّ يهدِم ثوابتَ الدِّين، وأن يتَّقيَ الله على قدْر استطاعتِه، وليحذَرِ التَّأويل الفاسد الَّذي هو رأس كل خطيئة؟!

وتأمَّلي المثالَين اللَّذين ضربَهما النَّبيُّ لرجُلين: أحدُهما متَّقٍ، والآخرُ جسورٌ على الحرُمات:
الأوَّل: عن أبي سعيدٍ الخُدري أنَّه قال: قال رسولُ الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: «يوشِك أن يكون خيرَ مال المسلم غَنَمٌ، يَتْبَع بها شَغَفَ الجبال، ومواقِعَ القطْر، يفرُّ بدينه من الفِتَن».

والثاني: عن أبي هُرَيْرة - رضِي الله عنْه - عن النَّبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - قال: «يأتِي على النَّاس زمانٌ لا يبالي المرْء ما أخذ منْه، أمن الحلال أم من الحرام»؛ رواهُما البخاري،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام