حكم المنِيّ

منذ 2016-04-29
السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي: هل المَنِيُّ طاهرٌ أو لا؟ وفي حالة الاحتلام: هل يجب بعدَها غَسْل الثَّوب الذي وَقَع عليه المنِيُّ قبل الصلاة، أو يَكْفي الاغتسال فقط؟

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسَّلام على رسولِ الله، وعلى آله وصَحْبه ومَن والاه، أمَّا بعد:

فقدِ اختلف العلماءُ في طهارة المنيِّ؛ فذَهب الحنفيَّةُ والمالكيَّة إلى نجاسته، وذَهَب الشَّافعيَّةُ والحنابلةُ إلى أنَّه طاهر، وهو الراجح؛ لحديث عائشةَ أمِّ المؤمنين - رضي الله عنها -: "أنَّها أرسلتْ إلى ضيْف لها تدعوه، فقالوا: هو يغسِل جنابةً في ثوبه، قالت: ولَم يغسله؟! لقد كنتُ أفْرُكه مِن ثَوْب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم"؛ متفق عليه.

وفي ورايةٍ عندَ أبي داود: "كنت أفرُك المنيَّ مِن ثوب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فيصلِّي فيه".

فدلَّ فرْكُ عائشة  - رضي الله عنها - للمنيِّ من ثوْب رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - على طهارته، ومعلومٌ أنَّ النجاسة لا يُطَهَّر المكانُ الذي أصابتْه بفَرْكها منه.

ورَوَى البيهقيُّ عن ابن عبَّاس - رضي الله عنهما - موقوفًا: أنَّه قال في المنيِّ يصيب الثوب، قال: " أمِطْه عنْك بعُود أو إذْخرة فإنَّما هو بمنزلة البُصاق والمخاط"؛ قال الألباني: وهذا سندٌ صحيح على شرْط الشيخين، وقد أخرجه البيهقيُّ من طريق الشافعي، ثم قال: "هذا صحيحٌ عن ابن عباس مِن قوله، وقد رُوي مرفوعًا، ولا يصحُّ رفعُه".

قال النووي في "المجموع": "وأمَّا حُكم المسألة، فمَنيُّ الآدمي طاهِرٌ عندنا، هذا هو الصواب المنصوص للشافعي - رحمه الله - في كتبه، وبه قَطَع جماهيرُ الأصحاب، وحَكَى صاحبُ "البيان" وبعضُ الخراسانيِّين في نجاسته قولَيْن، ومنهم مَن قال: القولان في منىِّ المرأة فقط، والصواب الجَزْم بطهارة منيِّه ومنيِّها... وإذا حكَمْنا بطهارة المني، استُحبَّ غَسلُه من البدن والثوب". اهـ.

قال الشيخ العثيمين - رحمه الله -: "ولنا في تقرير طهارته ثلاثُ طُرُق:

1- أنَّ الأصْل في الأشياء الطَّهارة، فَمَن ادَّعَى نجاسةَ شيء، فَعَلَيْه الدَّليل.

2- أن عائشةَ  - رضي الله عنها -  كانت تَفرُك اليابسَ مِن مَنِيِّ النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - وتَغْسِل الرَّطبَ منه، ولو كان نَجِسًا ما اكتفتْ فيه بالفَرْكِ؛ فقد قال النبيُّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - في دَمِ الحيض يُصيب الثَّوب، قال: «تَحُتُّه، ثمَّ تَقْرُصُه بالماء، ثمَّ تَنْضِحُه، ثمَّ تصلِّي فيه»، فلا بُدَّ من الغَسْل بعدَ الحتِّ، ولو كان المنيُّ نَجِسًا كان لا بدَّ مِن غَسْله، ولم يُجْزِئ فَرْكُ يابِسِه كدَمِ الحَيْض.

3- أنَّ هذا الماء أصلُ عِبَاد الله المخلصين مِن النَّبيِّين والصِّدِّيقين والشُّهداء والصَّالحين، وتأبَى حِكمةُ الله - تعالى - أن يكون أصلُ هؤلاء البَررة نَجِسًا". اهـ.

وعليه؛ فالصحيح: أنَّ المنيَّ طاهر، وأما الثِّياب التي أصابها المنيُّ، فيستحبُّ غسلُها إنْ كان رطبًا، وإنْ كان يابسًا، أجزأ فيه الفرْك، ولا يضرُّ ما بقِي من آثار بعد الفرْك،،

والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام