التكاسل عن صلاة الفجر، والتفريط في وقتها

منذ 2018-05-17

فعلى الإنسان أن يبذل الأسباب ويَرصد من يوقظه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، رَصَد من يوقظه، ومع ذلك فاتته صلاة الصبح -عليه الصلاة والسلام- مع جميع أصحابه، ولم يوقظهم إلا حر الشمس

السؤال:

أ- أصلي صلاة الصبح فردًا قبل طلوع الشمس، ومرة أصلي السنة قبل الفريضة ومرة العكس، فهل عليَّ شيء؟

ب- صلاة الفجر أصليها في المسجد، ولكن كثيرًا ما تفوتني كسلاً، وأصرُّ على القيام لها، ولكن عند القيام لها أكسل، والحمد لله كل صلواتي في المسجد، فماذا أفعل لكي أحافظ على صلاة الفجر؟

الإجابة:

ثبت في الحديث الصحيح أن النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: «ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء» [البخاري: 657]، فليحذر المسلم أن يشابه هذه الطائفة التي هي في الدرك الأسفل من النار، والذين هم يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلا قليلًا {وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} [النساء: ١٤٢]، فليحذر المسلم كل الحذر من مشابهتهم، وكون الإنسان يرتب أموره على أن يصلي هذه الصلاة بعد فراغ الجماعة منها، ويصلي في بيته، وأحيانًا يُدرك النافلة وأحيانًا لا يدرك، فهذه لا شك أنها ليست بعلامة خير، بل يُخشى عليه وإن كان قد صلاها في الوقت -إذا صلاها قبل طلوع الشمس-، لكن عليه أن يحرص أن يصليها في المسجد حيث يُنادى بها مع الجماعة، ولكن لو غلبته عيناه نادرًا في الشهر مرة أو نحوها فإن مثل هذا لا يَسلم منه أحد بعد أن يُعمِل الاحتياطات ويبذل الأسباب ويسعى في انتفاء الموانع، فينام مبكرًا ويرصد من يوقظه من آلة أو آدمي يوكل إليه إيقاظه للصلاة مع المسلمين في المسجد جماعة لصلاة الصبح وغيرها، لكن صلاة الصبح هي مظنة الفوات؛ لأنها في وقت نوم، وأما هذا الذي يقول: إنه يصليها في المسجد وكثيرًا ما تفوته كسلًا، لكنه يصر ويجاهد نفسه على القيام لها، ولكن عند القيام لها يكسل، هذا يُخشى عليه من مشابهة المنافقين، {إِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى}، ولكن الفرق بينه وبين المنافقين في هذه الحالة أن المنافق لن يصلي إلا إذا رأى أحدًا، ومثل هذا المسلم البريء من النفاق -إن شاء الله تعالى- يكسل لظروف احتفت به، إما لشدة بردٍ أو قِصَر نومٍ أو ما أشبه ذلك، فتجده يتثاقل عنها لكنه في قرارة نفسه أنه سوف يصلي، لا يصليها مراءاة للناس إنما هو عازم على أدائها، هذا وإن كان فيه شبه بالمنافقين لكن لا يُحكم عليه بنفاق، هو مشابه للمنافقين في مسألة القيام إلى الصلاة مع الكسل؛ لئلا يحكم عليه بالنفاق؛ لأن الوصف موجود الذي هو الكسل، لكن الفرق بينه وبين المنافق أن المنافق لن يصلي إلا إذا رآه أحد {يُرَآؤُونَ النَّاسَ}، وذاك في قرارة نفسه وفي عزمه أنه يصلي ولو لم يكن بحضرة أحد، فهنا يفترق عن المنافقين، لكن وجه الشبه بينهم أنه يقوم إليها كسلانَ كحال المنافقين، فليحذر من مشابهتهم ولو من هذا الوجه.

 

فعلى الإنسان أن يبذل الأسباب ويَرصد من يوقظه كما فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- في السفر، رَصَد من يوقظه، ومع ذلك فاتته صلاة الصبح -عليه الصلاة والسلام- مع جميع أصحابه، ولم يوقظهم إلا حر الشمس، فإذا حصل هذا نادرًا من المسلم فقد حصل من النبي -عليه الصلاة والسلام- مرة واحدة؛ للتشريع، ولو لم تحصل هذه المرة منه -عليه الصلاة والسلام- لبقيتْ حسرة في قلوب المؤمنين إذا فاتتهم الصلاة ولو فعلوا من الاحتياطات ما فعلوا، لكن من باب التنفيس عليهم حصل هذا من النبي -عليه الصلاة والسلام-، ومع ذلك لا يجوز التساهل والاستدلال بهذه القضية النادرة التي حصلت مرة واحدة منه -عليه الصلاة والسلام-، فيجب على الإنسان أن يهتم لصلاته وأن يرصد من يوقظه، ويستوي في ذلك أن يكون آدميًا، بأن يكل إليه إيقاظه، أو آلة من الآلات مثل الهاتف أو ساعة أو ما أشبه ذلك، ومع ذلك يسعى في انتفاء الموانع التي تمنعه من القيام وعلى رأسها السهر وكثرة الأكل وغير ذلك، وقد يكون من المعوِّقات مزاولة بعض المعاصي في الليل أو ما أشبه ذلك، فإن هذه تُقيِّده عن أفعال الخير ومنها القيام لصلاة الفجر مع الجماعة.

عبد الكريم بن عبد الله الخضير

عضو هيئة التدريس في قسم السنة وعلومها في كلية أصول الدين بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض وحاليا عضو هيئة كبار العلماء واللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء.