أسرح في الصلاة
انا لي فترة اصلي لكن اجد نفسي افكر في اشياء ويذهب تركيزي مع الصلاة فهل علي أن أكرر الصلاة التي أحسست اني سهوت فيها وهل من نصائح لأتجنب السهو في الصلاة
انا لي فترة اصلي لكن اجد نفسي افكر في اشياء ويذهب تركيزي مع الصلاة فهل علي أن أكرر الصلاة التي أحسست اني سهوت فيها وهل من نصائح لأتجنب السهو في الصلاة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فَلا يخفى الخشوع روح الصلاة ولُبُّهَا، وصلاةٌ بلا خشوعٍ كجسدٍ بلا روحٍ، وقد أجمع العُلماء على استحباب الخشوع والخضوع وغض البصر عما يلهي.
وقد أثنى الله سبحانه وتعالى على المؤمنين الخاشعين؛ يقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون: 1]، والخشوع: هيئة في النفس يظهر منها في الجوارح سكون وتواضع كما قال الإمام القرطبي.
وقال قتادة : "الخشوع في القلب وهو الخوف وغض البصر في الصلاة، وقد وردت نصوص كثيرة في الخشوع، منها: قوله تعالى: {وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ} .
وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على فضل الصلاة، وعظيم فضل الخاشعين، منها حديث عقبة بن عامر - رضي الله عنه - أنه سمع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من مُسْلِمٍ يتوضأ فيحسن وضوءه، ثم يقوم فيصلي ركعتين يُقْبِلُ عليهما بقلبه ووجهه، إلا وَجَبَت لَهُ الجَنَّة»؛ رواه مسلم.
وفي الصحيحين من حديث عثمان أنه وصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا ثلاثُأ الله ثم قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من توضأ نحو وضوئي هذا، ثم قام فركع ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه».
وفي الصحيح عن عمر بن عبسة أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قال في حديث: «... من قام فصلى فحمد الله وأثنى عليه ومَجَّدَهُ بالذي هو له أهل وفرغ قلبه لله، إلا انصرف من خطيئته كهيئته يوم ولدته أمه».
وروى مسلم، عَن عُثمان رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: «ما من مسلم يحضر صلاةً مكتوبةً فَيُحْسِنُ وُضُوءَهَا وخُشُوعَها وَرُكُوعَهَا، إلا كانت كفارةً لما قبلها من الذنوب، ما لم تُؤْتَ كَبِيرةٌ وذلك الدهر كله».
وعلى الرغم من حاجة المسلم للخشوع في صلاته، إلا أن الله تعالى برحمته لم يفرضه علينا كما هو قول جمهور الفقهاء فنصوا على أنه سُنَّةٌ من سنن الصلاة؛ واستدلوا بحديث أبى هريرة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: «إذا نودي للصلاة أدبر الشَّيْطَانُ وَلَهُ ضُرَاطٌ حتى لا يسمع التَّأْذِينَ، فإذا قَضَى النداء أقبل، حتى إذا ثُوِّبَ بالصلاة أدبر، حتى إذا قضى التَّثْوِيبَ أقبل حتى يَخْطُرَ بين المرء ونفسه، يقول اذكر كذا، اذكر كذا. لما لم يكن يذكر، حتى يظلُّ الرجل لا يدرى كم صلى»؛ متفق عليه.
وذهب بعض الفقهاء إلى أن الخشوع فرائض، لا تَبْطُلُ الصَّلاةُ بتركه؛ وذهب آخرون: إنه فرض تبطل الصلاة، والصحيح قول الجمهور للحديث السابق.
وعليه، فالصلاة صحيحة ولا تجب إعادتها.
أما وسائل تحصيل الخشوع في الصلاة:
فمنها: استحضار هيبة الوقوف بين يدي الله تعالى، وأنه مطِّلع علينا، واستحضار أننا نخاطب الله تعالى ويجيبنا؛ كَمَا روى مُسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم – قال: «قال الله تبارك وتعالى: قَسَمْتُ الصَّلاة بيني وبين عبدي نِصفين، ولعبدي ما سأل، فإذا قال العبد: {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} قال الله تعالى: حمدني عبدي، وإذا قال: {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} قال الله تعالى: أثنى علي عبدي، وإذاقال: {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} قال: مجدني عبدي، فإذا قال: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} قال: هذا بيني وبين عبدي، ولعبدي ما سأل، فإذا قال: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ} قال: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل».
ومنها: تَفْرِيغ القلب من الشواغل الدنيوية والحاجات البدنية؛ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع فتاوى": "وأما زوال العارض فهو الاجتهاد في دفع ما يُشغِل القلب من تفكر الإنسان فيما لا يُعِيْنُهُ، وَتَدَبُّر الجواذب التي تجذب القلب عن مقصود الصلاة، وهذا كل عبد بِحَسْبه؛ فإن كثرة الوسواس بحسب كثرة الشبهات والشهوات وتعليق القلب بالمحبوبات التي ينصرف القلب إلى طلبها والمكروهات التي ينصرف القلب إلى دفعها".
ومنها: التفكر والتدبر فيما يقرأ في الصلاة من القرآن، وفي معاني الأذكار، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29]، وقال: {أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24].
ومنها: القراءة في أخبار السلف الصالح، وسير خشوعهم في الصلاة.
ومنها: الاستعاذة بالله من وساوس الشيطان ومكائده التي يلقي في قلب المؤمن؛ لكي يحرمه من لذة الخشوع؛ ففي "صحيح مسلم" أن عثمان بن أبي العاص أتى النبي - صلى الله عليه وسلم – فقال: يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي، وقراءتي يلبسها علي؛ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «ذاك شيطان يقال له خَنْزَبٌ، فإذا أحسسته، فَتَعَوَّذ بالله منه، واتْفُل على يَسَارِك ثَلاثاً»، قال: ففعلت ذلك، فأذهبه الله عني.
هذا؛ والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: