حائر بين حلقة القرآن ودراستي الجامعية

منذ 2018-07-04

ماذا افعل هل اترك المسجد والحلقة لمدة سنة ونصف لاني محتاج لهذه المدة لاجتاز مرحلة البكالوريس ... واني حائر جدا جدا جدا جدا ولا ادري ما افعل ووالدي يقول لي هذا لايجوز تقصيرك في الجامعة وانت تعلم الدراسة ليست مجانية

السؤال:

بسم الله الرحمن الرحيم

انا شاب ملتزم ولله الحمد حفظت المصحف .....وبعد حفظي للمصحف الحمد لله نجحت بالثانوية ومن ثم ذهبت الى الجامعة وانا الان سنة ثالثة ولله الحمد ...ولكن المشكلة ان مستواي دراسي منخفض جدا ورسوب بالمواد ....بسبب اني انشأت حلقة تحفيظ للقران مكونة من 15 طالب وبدات ادارسهم ولكن المشكلة ان كل اهتمامي بالحلقة ويوجد من يساعدني ولكن لهم ايام محددة حسب قدرتهم وانا امسك باقي الايام كاملا وغير هذا ان افتح المسجد واغلقة صلاة المغرب والعشاء ...... لو تركت الحلقة سوف تسقط الحلقة .......

سؤالي هنا ماذا افعل هل اترك المسجد والحلقة لمدة سنة ونصف لاني محتاج لهذه المدة لاجتاز مرحلة البكالوريس .......... واني حائر جدا جدا جدا جدا ولا ادري ما افعل ووالدي يقول لي هذا لايجوز تقصيرك في الجامعة وانت تعلم الدراسة ليست مجانية ..... والله اني حائر جدا جدا جدا .........

واشكرك سلفا ...محبك

الإجابة:

الحمدُ لله، والصلاةُ والسلامُ على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومَن والاه، أما بعدُ:

فمما لا شك فيه أن علاج حيرتك تتمثل في مراعاة الأولويات وأيهما تقدِّم! فتبدأ بالأهم فالأهمِّ، رسول الله صلى الله عليه وسلم رغبنا في هذا في قوله: «احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز»؛ رواه مسلم.

فالموازنة بين الحسن والأحسن اختيار خير الخيرين، من الأصول العقلية التي أودعها الله في الفطر البشرية وصريح العقل، وجاءت بها الشرائع السماوية.

ولا شك أن إنهاء دراستك والحصول على شهادتك هو ما يتعين عليك الآن، وتحصل المنفعة لك ولأسرتك، ويتأكد ذلك إن كانت الدراسة بنفقات وليست مجانية؛ فالضروريات مقدَّمة على الحاجيات، والحاجيات مقدمة على التحسينيات، وهكذا.

أما تحفيظ القرآن الكريم فيمكنك إيقاف الحلقة إلى أن تنتهي من دراستك، أو تبحث عن غيرك ليخلفك في حلقة الدرس، ويمكنك مساعدتهم بما تيسر من وقت، لحين انهاء الدراسة.

ولتتأمل تلك العبارة الرائعة لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى التي ذكرها في مجموع الفتاوى (10 / 512): "الشريعة مبناها على تحصيل المصالح وتكميلها، وتعطيل المفاسد وتقليلها، وإلا فمَن لم يوازن ما في الفعل والترك من المصلحة الشرعية والمفسَدة الشرعيَّة، فقد يدَعُ واجبات ويفعَل مُحرَّمات".

وقال في مجموع الفتاوى (28 / 284): "وعلى أن الواجب تَحصيل المصالح وتكميلها؛ وتعطيل المفاسد وتقليلها، فإذا تعارضتْ كان تحصيل أعظم المصلحتين بتفويت أدناهما، ودفع أعظم المفسدتين مع احتمال أدناها هو المشروع".

وليس هذا من باب تقديم واختيار الدراسة الدنيوية على تحفيظ القرآن العظيم، وإنما هو في حقك أنت، وفي ذلك الوقت خصوصًا، فالشهادة الجامعية هامة في جميع شؤون حياتك الدنيويَّة: من الحصول على عمل مناسب، فلا يُمكنك ذلك في الأغلب إلاَّ بعد إكمال الدراسة، ولا شك أن تأخيرها تعطَّل للقيام بكثير من أمور الدنيا والدين.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى" (20/ 51) في معرض كلامه عن التعارض بين حسنتين لا يمكن الجمع بينهما؛ فتقدم أحسنهما بتفويت المرجوح... وتقديم قراءة القرآن على الذكر إذا استَوَيَا في عمل القلب، واللسان، وتقديم الصلاة عليهما إذا شاركَتْهُمَا في عمل القلب، وإلا فقد يترجح الذكر بالفهم، والوجل على القراءة التي لا تجاوز الحناجر، وهذا بابٌ واسعٌ".

هذا؛ والله أعلم.

خالد عبد المنعم الرفاعي

يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام