أريد علاجًا شافيًا للوساوس القهرية والنفس الأمارة بالسوء
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: (يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقول: مَنْ خَلَقَ كذا من خلق كذا؟ حتَّى يقول : مَنْ خَلَقَ ربَّك؟ فإذا بلغَه فليَسْتَعِذْ بِالله وليَنْتَهِ)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.....يقع فى داخلى اسئله تعجيزيه تكون احيانا فى الدين واحيانا لما سيقع فى المستقبل لا اجد لها جوابا واخاف على نفسى من تمادى تلك الوسواوس
واريد جزاكم الله خيرا علاج لنفسى حيث اقع فى الذنب واتوب وكانى فى دائره مغلقه رغم تذكير نفسى بالموت ووقوفى بين يدى الله واحيانا اقوم بجلد نفسى لاستفيق فلا اجد الا برود النفس وتماديها فماذا افعل .
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فاللهَ أسأَلُ أن يَشْفِيَكَ شفاءً لا يُغادِرُ سَقَمًا، وأن يُذْهِبَ عنْكَ تلك الوساوس، ويُزيلَ عنك ما أصابك.
لا يخفى عليك أن الوساوس من حبائل الشَّيطان التي يُريد بها أن يُفْسِد دينَ المسلم وعبادَتَه وإيمانَه، بله وحياته كلّها، ولما كانت حاجت الناس لدفع الوساوس شديدة، ضمن الله شرعه طرق قمع الشيطان، وعلاج الوساوس، ومن أعظم وسائل العلاج قطع الوساوس جملة، وعدم الاسترسِال معها، وذلك بقطع الخطرات.
فالعلاج الناجعُ لدفعُ تلك الوساوس، هو الإعراض عنها جملة وتفصيلاً، وعدم الالتفات إليها؛ لأنها من الشيطان وعمله؛ ومن ثم لا يكون دفعُها وإبعادُها لا يتأتى إلا بإهْمالُها؛ ففي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم –: «يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقول: مَنْ خَلَقَ كذا من خلق كذا؟ حتَّى يقول : مَنْ خَلَقَ ربَّك؟ فإذا بلغَه فليَسْتَعِذْ بِالله وليَنْتَهِ»؛ والمعنى: "إذا عَرَضَ له الوِسواسُ، فيلْجأْ إلى الله - تعالى - في دفعِ شرِّه، وليُعرضْ عن الفكر في ذلك، ولْيَعلمْ أن هذا الخاطر من وسوسةِ الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد، والإغراء؛ فلْيُعرِضْ عن الإصغاء إلى وسوسته، ولْيُبادرْ إلى قطعِها بالاشتغال بغيرها"؛ قالهُ الإمامُ النوويُّ في "شرح صحيح مسلم".
وإنما تتمكن الوَسَاوِس من صاحبها إذا استسلمَ لها، ولم يقطعْها، فقد تجرُّه إلى مالا تُحمَد عُقباه من خطواته الخبيثة.
وقال ابن حجر الهيتمي: "للوسواس دواءٌ نافعٌ هو الإعراض عنه جملة، وإن كان في النفس من التردُّد ما كان، فإنَّه متى لم يلتفِتْ لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرَّب ذلك الموفَّقون، وأمَّا مَن أصغَى إليها فإنَّها لا تزالُ تَزدادُ به حتَّى تُخْرِجه إلى حيِّز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرٍ مِمَّنِ ابْتُلوا بِها، وأصغَوْا إليها وإلى شيطانها" اهـ.
ومن عبارات شيخ الإسلام ابن تيمية الجامعة كما في "مجموع الفتاوى" (22/608):
"والوسواس يَعرض لكل مَن توجَّه إلى الله، فينبغي للعبد أن يَثبُت ويصبر، ويلازم ما هو فيه من الذكر والصلاة، ولا يضجَر؛ لأنه بملازمة ذلك ينصرف عنه كيد الشيطان؛ {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76]، وكلَّما أراد العبد توجهًا إلى الله بقلبه جاء الوسواس من أمور أخرى، فإن الشيطان بمنزلة قاطع الطريق، كلما أراد العبد أن يسير إلى الله أراد قطع الطريق عليه" اهـ.
ولتعلم أن وساوس الشيطان غير متناهية، فمتى عارضته بمسلك وجد مسلكًا آخر إلى ما يريده من المغالطة والتشكيك، ليضيع وقتك ويكدر عيشك، ولذلك لا مخلص للمسلم إلا في الإعراض عنه جملة، وصدق الالتجاء إلى وحول الله وقوته والاعتصام من عدوه، فيقول بلسانه أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ملتجئًا إلى الله تعالى بسره إن يدفع عنه كيده وشره؛ كما قال عز قائلا: {وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ} [الأعراف: 200].
وعن عثمان بن أبي العاص قال: "يا رسول الله، إن الشيطان قد حال بيني وبين صلاتي وقراءتي يُلبسها عليَّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإذا أحسستَه فتعوذ بالله منه، واتفل عن يَسارك ثلاثًا»، قال: ففعلتُ ذلك فأذهبه الله عني"؛ رواه مسلم، وهذا يحتاج لقوة قلب لأنه جهاد وللمجاهد ثوابَ المُجاهدين، لأنَّهُ يُحاربُ عدوَّ الله، ومتى استَشْعَر الشيطان تلك اليقظة والقوة فرّ منك؛ فكيد الشيطان مع اللحظ الإلهي لا أضعف منه كما قال تعالى: {إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} [النساء: 76].
ومما يُعين أيضًا على التغلب على الوسواس وهزيمة الشيطان أمور كثيرة منها:
الدعاء بصدق وإخلاص في مواطن الاستجابة كوقت النزول الإلاهي وفي السجود، وغيرها.
ومنها: الإكثار من قراءة القرآن العظيم بتدبر، خصوصًا سورة (ق)؛ فإن لها تأثير مجرب على قمع الشيطان،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: