طلب الزوجة من زوجها ترك البيت حتى تتحسن أخلاقه
فيجب على هذا الزوج أن يعظ زوجته ويخوفها بالله تعالى، فإن تمادت هجرها في الفراش، فإن يجدي معها الضرب ضربها، فإن تمادت وَسِّط أهلَ الخير والصلاح من العقلاء وأصحاب الخبرة، هذا؛ كما أنه ينبغي له البحث عن سكن آخر بعيدًا عن أهل زوجته.
هل يجوز للزوجة أن تقول لزوجها اترك البيت شهرا إلى أن تتحسن اخلاقك مع العلم اننى اسكن فى بيت أبيها وقد قمت ببناء وتأسيس اكثر من نصف الشقة بمالى
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فلا شك أن طلب الزوجه من زوجها ترك البيت حتى تتحسن أخلاقه، نشوز منها؛ فالرجل رئيس البيت، والقائم عليه، قال تعالى:{وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [البقرة: 228]، وهي درجة القوامة، وقال الله تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ} [النساء: 34]، قال زيد بن ثابت: "الزوج سيد في كتاب الله"، وقرأ قوله: {وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ} [يوسف: 25]، والمرأة أسيرة في بيت، وقال عمر بن الخطاب: "النكاح رق؛ فلينظر أحدكم عند من يرق كريمته"، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الله في النساء فإنهن عوان عندكم"، فأخبر أن المرأة عانية عند الرجل؛ والعاني الأسير، والزوج سيدها كما نطق به القرآن الكريم، وعلى العاني والعبد الطاعة والخدمة وحسن الخلق، ولا يستقيم هذا مع طرد المرأة لزوجها من بيته.
والرجل تزوج بأمانة الله فهو مؤتمن عليها، وأباح الله له ضربها بنص القرآن، وإنما يؤدب من له عليه ولاية؛ فإذا كان الزوج مؤتمنًا عليها وله عليها ولاية؛ قال الله تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلاتَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيّاً كَبِيراً *وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِهَا إِنْ يُرِيدَا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} [النساء: 35].
والشريعة طافحة بالأمر بطاعة الزوج، والوعيد من مُخالَفته ما لم يَرِد في حقِّ غيره؛ ولهذا قال الإمام أحمد في امرأة لها زوج وأمٌّ مريضة: "طاعة زَوجها أَوجَب عليها من أمِّها، إلَّا أن يَأذَن لها".
وروى ابن حبان عن أبي هريرة قال: "قال النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "إذا صلَّت المرأةُ خمسَها، وصامت شهرها، وحَصَّنت فرجَها، وأطاعت زَوجها، قيل لها: ادخُلي الجنَّة من أيِّ أبواب الجنَّة شئت"؛ صحَّحه الألباني. وروى ابن ماجه عن عبد الله بن أُبَيٍّ قال: "قال رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "لو كنت آمرًا أحدًا أن يَسجُد لغير الله لأمَرتُ المرأة أن تَسجُد لزوجها، والذي نفس محمد بيده لا تُؤدِّي المرأة حقَّ ربِّها حتى تُؤدِّيَ حقَّ زوجها، ولو سألها نفسها وهي على قَتَب لم تَمنَعه"؛ والحديث صحَّحه الألباني، والقَتَب: رَحْل صغير يُوضَع على البعير.
وروى أحمد والحاكم عن الحُصين بن مِحصن: "أن عمَّةً له أَتَت النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - في حاجة، ففَرَغت من حاجتها، فقال لها النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "أذاتُ زوج أنتِ؟" قالت: "نعم"، قال: "كيف أنتِ له؟" قالت: "ما آلُوه - أي: لا أُقصِّر في حقَّه - إلَّا ما عَجَزت عنه"، قال: "فانظُري أين أنتِ منه؛ فإنَّما هو جنَّتُك ونارُك".
إذا تقرر هذا؛ فيجب على هذا الزوج أن يعظ زوجته ويخوفها بالله تعالى، فإن تمادت هجرها في الفراش، فإن يجدي معها الضرب ضربها، فإن تمادت وَسِّط أهلَ الخير والصلاح من العقلاء وأصحاب الخبرة، هذا؛ كما أنه ينبغي له البحث عن سكن آخر بعيدًا عن أهل زوجته،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: