حكم العمل عند من يسب الله

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، أمَّا بعد:

فإن سب الله تعالى كفر أكبر بإجماع العلماء، هو كما قال أبو محمد ابن حزم: وأما سب الله تعالى - فما على ظهر الأرض مسلم يخالف في أنه كفر مجرد.

وقال الإمام إسحاق بن راهويهكما في كتاب "الصارم المسلول على شاتم الرسول"(ص: 3): "أجمع المسلمون على أن من سب الله، أو سب رسوله صلى الله عليه وسلم، أو دفع شيئا مما أنزل الله عز وجل، أو قتل نبيا من أنبياء الله عز وجل- أنه كافر بذلك، وان كان مقرا بكل ما أنزل الله"

فيجب على من سمعه منه ينكر عليه، وأن ينصحه ويرغبه ويرهبه ويبين له خطورة ما صدر منه، ووجوب التوبة عليه.

والواجب على المسلم أن يتجنب أماكن المعصية، فالمكان الذي يسَب الله فيه أولى؛ قال تعالى: {وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ وَإِمَّا يُنْسِيَنَّكَ الشَّيْطَانُ فَلَا تَقْعُدْ بَعْدَ الذِّكْرَى مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ} [الأنعام: 68]، وقال الله تعالى : {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا } [النساء: 140].

أيضًا فإن إنكار المنكر واجب؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغيِّره بيده، فإن لم يَستطِع فبلسانه، فإن لم يَستطِع فبقلبه، وذلك أضعفُ الإيمان"؛ رواه مسلم.

قال الإمام النَّووي في "شرحِه لصحيح مسلم": "الأمر بالمعْروف والنَّهي عن المُنْكَر فرضُ كفاية، إذا قام به بعضُ النَّاس، سقط الحرَجُ عن الباقين، وإذا ترَكَه الجميع، أثِم كلُّ مَن تمكَّن منه بلا عذْر ولا خوف، ثُمَّ إنَّه قد يتعيَّن، كما إذا كان في موضِعٍ لا يعلم به إلاَّ هو، أو لا يتمكَّن من إزالته إلاَّ هو". اهـ.

فإن كفّ هذا الرجل عن السب، وإلا فابحث عن عمل آخر، فإن تعسر عليك الحصول على عمل سريع، فيجوز العمل معه، فهو مثل العمل مع الكفار يجوز مع الالتزام بالضوابط الشرعية في معاملته،، والله أعلم.