هل ممارسة الجنس عبر الانترنت من الكبائر
الزنا عبر الانترنت هل هو من كبائر الذنوب نظرا لما فيه من تعري انا ندمت يا رب الله يقبل توبتي وإن كان من الكبائر نظرا لانكشاف عوراتي فهل من كفارة ؟ مع اني توبة وتركت الفعل من سنتين لكن لا اريد ايضا ممارسة الجنس عبر الهاتف اريد توبة نصوحه عن كل هذه الامور . ادعوا لي ارجوكمم شيخ هل من الممكن ان يكون هذا بسبب السحر والمس انه يهيج الشهوات ففعلت ما فعلت ؟ ارجو ان يتوب الله علي في هذه الايام الفضيلة
الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:
فإن ممارسة الجنس عبر الانترنت ليس من الزنا الحقيقي المتوعد عليه بالعذاب الأليم، وإنما هو من الزنا المجازي الذي يكون مقدمة وخطوة في سبيله؛ ففي الصحيحين عن أبي هُريْرة قال رسول الله - صلَّى الله عليْه وسلَّم -: "كُتِبَ على ابْنِ آدم نصيبُه من الزِّنا، مُدرِكٌ ذلك لا محالة، فالعَيْنان زِناهُما النَّظر، والأُذُنان زناهُما الاستِماع، واللِّسان زناه الكلام، واليد زِناها البطْش، والرِّجْل زِنَاها الخُطَى، والقلب يَهوَى ويَتَمنَّى، ويُصَدِّق ذلك الفَرج ويُكَذِّبُهُ".
قال النَّووي في "شرح مسلم": "إنَّ ابن آدم قُدِّر عليْه نصيبُه من الزنا، فمِنْهم مَن يكون زناه حقيقيًّا، بإدْخال الفرْجِ في الفرْج الحرام، ومنهم من يكون زِناه مجازًا، بالنَّظر إلى الحرام، أو الاستِماع إلى الزِّنا وما يتعلَّق بتحصيلِه، أو بالمسِّ باليد، بأن يمسَّ أجنبيَّة بيدِه أو بتقْبِيلِها، أو بالمشْي بالرِّجْل إلى الزِّنا، أو النَّظر، أو اللَّمس، أو الحديث الحرام مع أجنبيَّة، ونحو ذلك، أو بالفِكْر بالقلب، فكل هذه أنْواع من الزِّنا المجازي". اهـ.
وكذلك ممارسة الجنس عبر الهاتف، من الزنا المجازي أيضًا، الذي يؤجج الشهوات، ويدعو إلى الرذيلة، وهو أشر من تأثر السحر، فلتحذري من استِدْراج الشَّيطان؛ وقد قال - تعالى -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَن يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ} [النور: 21].
ولتشغلي نفسك بطاعة الله والمباحات حتى لا تشغلك بالعصية.
أما التعري أما الكاميرا فمن كبائر الذنوب؛ لأن الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار أو غضب أو لعنة أو عذاب، كما ورد عن ابن عباس.
وكذلك كل ذنب ترتب عليه عقوبة في الدنيا، أو وعيد في الآخرة، أو لعنة أو غضب، أو نفي إيمان.
قال القرطبي في حد الكبيرة: الكبيرة كل ذنب ختمه الله بنار، أو غضب، أو لعنة، أو عذاب.
وفي الصحيح عن أبي هريرة عن رسول الله أنه قال صلى الله عليه وسلم: "صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا"، فهذا الحديث يدل عن أن كشف عورة المرأة من الكبائر؛ للوعيد عليه بالمنع من دخول الجنة، وأيضًا قد صحّ عن رسول الله لعن المتبرجات، كما روى أحمد في مسنده عن عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "سيكون في آخر أمتي رجال يركبون على سروج، كأشباه الرحال، ينزلون على أبواب المسجد، نساؤهم كاسيات عاريات، على رءوسهم كأسنمة البخت العجاف، العنوهن، فإنهن ملعونات".
إذا تقرر هذا؛ فالواجبُ عليكِ المبادرةُ بالتَّوبة إلى الله تعالى، والنَّدمُ، والعزم على عدم العَوْد؛ فإِنَّ الله يُحبّ التَّوّابين ويُحبّ المُتطهّرين؛ قال عزَّ وجلَّ بعد ذكر عقوبة الزَّاني: {إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً} [الفرقان: 70].
ومن تَمام توبتِك وتَحقيقها أن تَبتعدي كلَّ البُعْدِ عن الدخول على "الإنترنت" جملةً، والمواقع المشبوهة خاصَّة؛ لأنَّ الشَّرع إذا حرَّم شيئًا حرَّم الطّرق الموصلة إليه.
ولْتَبْحثي عن صُحْبة أهْل الخير، ومع الحِرْص على القيام بالواجبات الشرعيَّة وشغْل النَّفس بالطَّاعات مع الإكثار من نوافل العبادات فإنَّ ذلكمما يطمئِن القلب ويصرِفُه عن دواعي الشَّرّ قال تعالى: {وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفاً مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} [هود: 100].
هذا؛ والذي يظهر أن سبب حر الشهوة وهيجانها هو التعرض للفتن، وعدم غض البصر، والاستمتاع بالموسيقا والأغاني، ومشاهدة المسلسلات والأفلام ونحو هذا، وليس بسبب السحر، ولا يخمد نار الشهوة إلا بذكر الله سبحانه والمواظبة على الصلاة، {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ} [العنكبوت: 45]، وصدق اللجوء إلى الله بالدعاء والاستعانة والاستعاذة والتوكل،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: