هل الذهاب للضريح والاغتسال عنده يوقع في الكفر؟
لا شك فيه أن الأخت السائلة وقعت في خطئ كبير بالذهاب لمكان يشرك فيه بالله تعالى، وقد حذرنا الله...
السلام عليكم قصتي هي اني اعلم ان الشرك لا يغتفر ما لم يتب العبد منه وقبل الزواج ذهبت بي امي الى ضريح تقصد انها إذا ذهبت هناك فساتزوج وخفت من الحرج والسخرية منها وذهبت معها من دون اعتقاد ان ذلك يجلب النفع وامرتني بالاغتسال هناك بدعوى ان الاغتسال هناك يجلب رزق الزواج رفضت لكن اصرت علي واغتسلت دون اعتقاد لكن اتناء الاغتسال راودني شك في انه من الممكن ان يكون الاغتسال في الضريح هدا فعلا من اسباب الرزق واغتسلت لما اتممت الغسل قلت لها قد اغتسلت واظهرت لها فرحي بذلك الاغتسال و(قلت لها اغتسلت وسياتي الرزق وكاني رضيت بذلك مجاملة لها )ولما رجعت الى المنزل اصلي كعادتي واصوم واكره الشرك اصلا دون اعتبار دالك وتزوجت وبعد الزواج علمت انه لا يصح عقد زواج المشرك وتدكرت هدا الدي وقع فهل بصلاتي اعتبر داخلة في الاسلام مع عدم الندم على هدا ومع عدم العزم على عدم العودة وماحكم زواجي في هده الحال ع وهل ماوضعته بين قوسين يقتضي اني كفرت
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه، ثم أما بعد:
فقد أجمع أهل السنة على أن قَصْد القبور لأجْل الدُّعاء عندها رجاء الإجابة، أو لتعجيل الزواج أو غير ذلك ليس من الشريعة، ولا يحبه الله ويرضاه؛ ولهذا؛ كان أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا نزلتْ بهم الشدائد، وأرادوا دعاء الله لكشْف الضُّر، أو طلب الرحمة، لا يقصدون شيئًا من القبور؛ لا قبور الأنبياء، ولا غير الأنبياء، حتى إنهم لَم يكونوا يقْصدون الدعاء عند قبْر النبي - صلى الله عليه وسلم -
لأن الإنسان بعدما يموت لا ينفع ولا يضر، مهما كان منَ الصالحين؛ ومن معتقد أهل السُّنَّة أنَّ سؤال الميت والغائب، أو دعاءه، أو الاستغاثة به عند الشدائد والكربات - عبادة لهم من دون الله، وهو حقيقة دين المشْركين؛ كما قال – تعالى -: {إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأعراف: 194]، وقال –تعالى -: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} [يونس: 18]، قال تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ * وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ} [سبأ: 22، 23].
وقال: {وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} [الزمر: 3]، فالمشركون كانوا يسألون الوسائط، زاعمين أنهم يشْفعون لهم عند الله في قضاء حَوائجهم.
قال شيخ الإسلام تقي الدين - رحمه الله -: "فمن جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكَّل عليهم ويسألهم، كَفَر إجماعًا".
وقد أجمع الصحابة على ترك سؤال النبي - صلى الله عليه وسلم - والاستسقاء به بعدما لحق بالرفيق الأعلى إلى الاستسقاء بعمِّه العباس، فقد كان من السهل عليهم أن يأتوا قبره ويسألوه النفع، ويستشفعوا به في نزول المطر.
فروى البخاري عن أنس: أنَّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبدالمطلب؛ فقال: "اللهم إنا كنَّا نتوَسَّل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوَسَّل إليك بعمِّ نبينا فاسقنا، قال: فيسقون".
ومما لا شك فيه أن الأخت السائلة وقعت في خطئ كبير بالذهاب لمكان يشرك فيه بالله تعالى، وقد حذرنا الله من ذلك فقال سبحانه: {وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا} [النساء: 140]، ولكن الذي يظهر أن هذا الفعل غير مكفّر؛ لعدم توافر القصد إلى الفعل المكفر، وإنما كان الدافع الخوف من السخرية من الأم، فيجب التوبة والندم والعزم على عدم الفعل في المستقبل، والإكثار من الأعمال الصالحة،، والله أعلم.
خالد عبد المنعم الرفاعي
يعمل مفتيًا ومستشارًا شرعيًّا بموقع الألوكة، وموقع طريق الإسلام
- التصنيف:
- المصدر: