طلقت زوجتي وهي حائض فهل يقع الطلاق
رجل طلَّق زوجته مرتين وقد أرجَعها، وطلَّقها الثالثة وهي حائض، ويسأل عن حُكم ذلك؟
طلَّقتُ زوجتي مرتين، ثم راجعتُها بعد ذلك، ثم طلقتها طلقة صريحة بأن قلت لها: أنتِ طالق؛ بسبب خلافات بيننا، علمًا بأنها كانت حائضًا في أثناء وقوع الطلاق، فهل يجوز لي مراجعتها، والتكفير عن هذا الطلاق؟ أفيدونا أفادكم الله.
قال الإمام ابن باز رحمه الله: "لا يجوز تطليق الزوجة في حال الحيض ولا في حال النفاس، ولا في طُهْرٍ جامَعها فيه حتى تطهُر، لا بد من طُهرها من الحيض أو النفاس، ثم يطلق قبل أن يمسها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمر لَمَّا طلَّقها وهي حائض، غضب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأنكر عليه، وقال: «راجِعها، ثم أمسِكها حتى تطهُر، ثم تَحيض، ثم تَطهُر، ثم إن شئت طلِّقها قبل أن تَمسَّها»، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق على النساء، وإذا مسها لا يطلقها حتى تحيض، ثم تطهر، ثم يطلقها قبل أن يمسَّها، هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن عمر، وغضب عليه لما طلقها في الحيض، ومثله في النفاس.
وقد اختلف العلماء رحمهم الله: هل يقع الطلاق أو ما يقع؟ فالجمهور على أنه يقع وقد فعله ابن عمر أوقعها على نفسه، ابن عمر رحمه الله حسبها على نفسه وعدَّها على نفسه، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا يحسب؛ لأنه طلاق منكر منهيٌّ عنه؛ فلا يحسب إذا طلقها في الحيض، أو في طهر جامَعها فيه، وليست حبلى ولا آيسة، وهذا هو الأرجح، وهو الذي نُفتي به إذا طلقها وهي حائض أو نُفساء، وهو يعلم ذلك، وهو يعلم أنها حائض أو نفساء لم يقع، وعليه التوبة إلى الله من ذلك، وهكذا في طُهر مسَّها فيه وليست حبلى ولا آيسة، أما طلاق الحبلى فلا بأس، النبي صلى الله عليه وسلم قال لابن عمر: «طلقها طاهرًا أو حاملًا»،
وهكذا الآيسة التي ما تحيض، فتطليقها لا بأس في أي وقت، أما إذا كانت تحيض فليس له أن يُطلقها حتى تطهُر، ثم يطلق قبل أن يمسَّ، إلا إذا كانت حاملًا، له أن يطلقها مطلقًا ولو جامعها، ولو كان قد جامعها ما دامت حاملًا، الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((طلقها طاهرًا - يعني: قبل أن تمسها - أو حاملًا))، هكذا جاءت السنة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا القول أصح، إذا طلقها في الحيض أو في النفاس، أو في طهر مسَّها فيه، وليست حاملًا ولا آيسة - لا يقع على الصحيح إذا كان يعلم حالها، أما إذا كان لا يعلم حالها يقع الطلاق مثلما هو عند الجميع، إذا كان لا يعلم - مثلما قال الجمهور - يقع الطلاق، والأكثر من أهل العلم يرَون أنه يقع الطلاق مُطلَقًا، يحرم عليه ويأثم، لكن يقع الطلاق عقوبةً له، ولكن الصواب أنه لا يقع؛ لأنه طلاق منهي عنه، وفي بعض الروايات أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: ((أرجعها))، ولم يرَها طلقة واقعة، وقال: «إذا طهرت فليطلق أو ليمسك»؛ يعني: قبل أن يمس، فالسنة للمؤمن إذا أراد الطلاق أن يُطلقها حالَ كونها حاملًا، أو في طهر لم يمسها فيه، هذا هو السنة للمؤمن لا يطلق في الحيض، ولا في النفاس، ولا في طهر حصل فيه جماع، وهي ليست حاملًا ولا آيسة، فهذه الأحوال الثلاثة لا يطلق، ويطلق في حالين: إحداهما: حال كونها حاملًا، والثاني: حال كونها في طهر لم يمسَّها فيه، وهي حائل ليست حاملًا في طهر لم يمسها فيه، ومثلها اليائسة يطلقها لا بأس؛ لأنها ليس عندها حيض، إذا طلق الآيسة لا بأس في أي وقت، أو الحامل في أي وقت، أو التي تحيض لكن في طهر لم يمسَّها فيه فلا بأس، هكذا جاءت السنة بحديث ابن عمر رضي الله عنهما"؛ انتهى كلامه رحمه الله[1].
والذي أرى أيها الأخ المبارك أن تراجع أقرب قاضٍ أو مفتٍ في بلدك، وتشرح له وقائع حالتك مع طليقتك ويفتيك؛ لأن مثل هذه المسائل لا بد فيها من تصور دقيق لها ومقابلة وأسئلة، وفَّقك الله.
[1] موقع سماحة الشيخ -رحمه الله-: حكم طلاق الحائض.
محمد بن عبد الله الصغير
طبيب بقسم الأمراض النفسية في كلية الطب بمستشفى الملك خالد الجامعي
- التصنيف: