حرص الأب على مصلحة بنته ليس من تقييد الحرية
في الحقيقة بحثت في الفتاوى، لكن لم أجد توضيحا كاملا. أريد أن أفهم ما هو حق الأب على ابنته: هل له منعها من الخروج؟
كما أني لم أوفق في التوفيق بين فتوى حضرتكم في جواز خروج المرأة لفعل الخير بدون إذن والدها، وبين فتوى أخرى بعدم جوازه، والصبر على منع الأب لها حتى لو كان في ذلك تشدد.
وأريد رأيكم في كوني فتاة جامعية، أدرس في جامعة مختلطة، علما أن كل الجامعات كذلك، لكنني قرأت كل الشروط في الاختلاط وأمور اللباس، وأبتعد عن كل فتنة في ذلك -إن شاء الله- فهل من الجائز أن أجلس مع الفتيات في مكان في الجامعة، أو مجلس نبتعد فيه عن الشباب؟
وهل يجوز لي قضاء بعض الوقت معهن؟ فأنا حقا أشعر بضغط من تراكم الساعات الدراسية، وأشعر أن من حقي أن أجلس معهن قليلا، وأرفه عن نفسي يعني مثلا ساعة. فأنا حقا أشعر بضغط كبير، والله أنا إنسانة أريد أن أرتاح قليلا. فهل هذا جائز؟
وإذا كان الأب لا يريد ذلك. فهل يكون حراما؟ وكيف يمكن أن أفهم كل هذه القيود، يعني ألا تعطى المرأة الحرية في الحياة ما دامت لا تخالف الشرع، علما أني أعلم أن خروج المرأة يكون في شيء، ولكن ألا يمكن أن تقضي بعض الوقت مع صديقاتها في الجامعة، أو تذهب لمطعم قريب أو غيره؟
وإذا كان ذلك جائزا، والأب يعارضه. فهل يصبح حراما؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فجزاك الله خيرا على حرصك على تعلم أمر دينك، نسأل الله أن يثبتك، وأن يؤتيك من لدنه رحمة، وأن يهيئ لك من أمرك رشدا.
ثم اعلمي أن والدك حريص على ما ينفعك، يحب لك الخير. وما يأمرك به وينهاك عنه، سببه إنما هو هذا الحرص على مصلحتك.
فمجالسة الطالبات اللاتي لا يعرف حالهن، قد يكون سببا للتأثر بهن؛ ولذا حذر النبي صلى الله عليه وسلم من جليس السوء، وشبهه بنافخ الكير: إما أن يؤذي بنتن دخان كيره، أو يتطاير منه الشرر فيحرق الثياب. وهكذا جليس السوء، قد يكون من بين الطالبات بنات صالحات، لكن لكثرة الفساد وسوء الأخلاق، ربما أراد الأب سد الباب، والبعد عن مجالستهن، خشية عليك. فاحمدي له ذلك، ولا تظني أنه يتسلط، أو يقيد من حريتك. فالطبيب يقول للمرء لا تطعم كذا، ولا تشرب كذا؛ لأنه يضر بصحتك، ويؤثر عليك. فيقبل المرء منه ذلك، ممتنا له شاكرا.
ثم إن هذه المسألة برمتها داخلة تحت حدود طاعة الأب ما يجب منها، وما لا يجب. وقد ذكر أهل العلم أن طاعته واجبة، لكنها مقيدة بالمعروف، وفي غير معصية الله عز وجل مما فيه نفعه، ولا ضرر فيه على الولد. أما ما لا منفعة له فيه، أو ما فيه مضرة على الولد، فإنه لا يجب عليه طاعته فيه حينئذ.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- في الاختيارات: ويلزم الإنسان طاعة والديه في غير المعصية، وإن كانا فاسقين... وهذا فيما فيه منفعة لهما، ولا ضرر عليه. انتهى.
وقال ابن حجر الهيتمي:... والحاصل أن مخالفة الوالد خطيرة جداً، فلا يقدم عليها إلا بعد إيضاح السبب المجوز لها عند ذوي الكمال. انتهى.
والله أعلم.
الشبكة الإسلامية
موقع الشبكة الإسلامية
- التصنيف: