الفلوجة الباسلة والحرب القذرة

منذ 2004-11-27
11/04/2004

لم أجد كلمة يمكن أن تتناسب مع هذه الحرب الهمجية الشرسة, التي تشنها القوات الأمريكية على مدينة الفلوجة في الغرب من بغداد, إلا ما ذكره أهالي الفلوجة أنفسهم من وصفهم الحرب بأنها "قذرة", نعم.. إنها فعلاً قذرة بكل المقاييس وبكل ما تحمله هذه الكلمة من معنى.

لله درك يا مدينة المساجد.. وأنت تواجهين هذه الهجمة البربرية الشرسة على أيدي دعاة الحرية والسلام في القرن العشرين كما يزعمون, لله درك على حرب من عدو انسلخ عن كل معنى أو قيمة إنسانية, عدو هجر طاولاته المستديرة وعقد الحوارات المستفيضة لحل الخصومات بالطرق الدبلوماسية, وفضّل لغة الحرب والدمار والقتل بالرصاص والقنابل والمروحيات والطائرات وأرتال الدبابات والمدافع وكراديس المارينز المؤلفة من آلاف الجنود, وكأنهم يواجهون جيشاً أحمر يكافئهم من حيث العدة والعدد! ليصبوا جمّ غضبهم وحقدهم الدفين على مدينة المساجد. وإنها لمنقصة في أعراف الجيوش والحروب التي عرفها التاريخ, أن يقابل جيشٌ مدجج بأحدث أنواع السلاح الثقيل والخفيف وأنواع الطائرات وآلاف الجنود المارينز, أمام مدينة مأهولة بالسكان عزل, إلا من إرادتها الصلبة وشبابها الأبطال بسلاحهم الخفيف! تلك هي أدوات الحملة الأمريكية كما يصفونها على الفلوجة الباسلة.

أما المفردات اللغوية والتعبيرات التي أطلقها قادة هذه الحملة على الخصم أنه (العدو) وهي مفردة يستخدمها دعاة التحرير ضد من حرروهم؟ فلله درك يا مدينة المساجد...

أما سبب هذه الحملة فهو ملاحقة أربعة أشخاص مجهولين من العامة متهمين بالتمثيل بجثث الأمريكان الأمنيين الأربعة, الذين قتلوا في الطريق, لله درك يا مدينة المساجد.. فعدوك يقتص

من ثلثمائة ألف من أبنائك لمعاقبة المتهمين الأربعة! فيا له من حيف في عالم الظلم والجور, لله درك يامدينة المساجد...

أما عن أهداف هذه الحملة العسكرية؛ فكانت الأحياء السكنية والمساجد والأسواق والأماكن العامة, ينهمر عليها وابل من القذائف وحمم من النيران ترميها مروحياتهم وطائراتهم ( إف16) الغادرة وقنابلها العنقودية الفتاكة والمحرمة دوليًّا, لتحصد أرواح العشرات وربما المئات والألوف من الضحايا المدنيين الأبرياء تحت ذريعة معاقبة الأربعة, لله درك يا مدينة المساجد...

أشلاء أبنائك وأطفالك ونسائك وشيوخك ضاقت بهم المشافي, ليسعها بعد ذلك ملعبك الرياضي قبراً لضحاياك الجماعية. وحصار ظالم يمنع عنك ما جاد به أبناء عاصمة الرشيد وما حولها, من مساعدات إنسانية ليواسوا جرحك ومصابك الأليم.

لله درك يا مدينة المساجد.. من قلة الناصر والصديق والسكوت المطبق المريب لمجلس الأمن العتيد ومجلس الحكم الربيب, فأين منك دول العالم القريب والبعيد, من مجزرة يروح ضحاياها العديد, على أيدي أحفاد القردة والصليب؟!

لله درك يا مدينة المساجد.. فلقد خط اسمك بدماء ضحاياك الشهداء الأبرار الأخيار في صفحات التاريخ, لتكوني رمزاً للمقاومة والصمود, والتضحية والفداء, ومفخرة للأجيال, وستبقى الفلوجة الباسلة مدينة المساجد شامخة وشامة في هامة الزمان, وسيحفظ ذكرها التاريخ ويردد اسمها الأجيال تلو الأجيال.
المصدر: www.islamtoday.net