هل نستحق النصر؟!
المتابع لما يدور في جميع أنحاء العالم الإسلامي يدرك أن هناك خللًا واضحًا هو السبب الأجل في تأخر نزول النصر وتأخر التمكين لشريعة الرحمن.
المتابع لما يدور في جميع أنحاء العالم الإسلامي يدرك أن هناك خللًا واضحًا هو السبب الأجل في تأخر نزول النصر وتأخر التمكين لشريعة الرحمن.
ثورات قامت وطواغيت زلزلت عروشهم ومظالم رفعت وبالرغم من ذلك تأخر التمكين للدين في معظم الديار مما يدل على ثقب واضح في السفينة وثغرة قاتلة يجب أن تدرك قبل أن تتسبب في تمام الغرق.
لو نظرنا للأسرة المسلمة كلبنة أولى في بناء المجتمع المسلم وبناء الأمة بكليتها لأدركنا الخلل، هل ثم فارق واضح بين أسر المسلمين في الديار الإسلامية وبين أسر غيرهم من أهل الملل المخالفة للإسلام؟!
هل التزام الأسرة المسلمة بما فرض الله عليها من صلاة الرجال في المساجد والتزام النساء بالصلوات في أوقاتها والتزامهن بالحجاب المفروض والحشمة المرومة والتخلق بخلق الإسلام هو السائد في الأسر أم أن السائد العام يكاد يجعلنا لا نفرق بين بيت المسلم وجاره النصراني في مجتمعات المسلمين؟!
هل المجتمعات المسلمة ملتزمة بعقيدة التوحيد الخالص دون انحراف مخل يؤثر في صحتة أم أن البدع تنخر في عظام المجتمع وتكاد تصل للنخاع وكذا أفعال الشرك الأكبر المتمثلة في عبادة القبور والتبرك بها والتوسل إليها فضلًا عن إلغاء التشريع الإسلامي وبغض البعض لأحكام الرحمن والرضا بشرائع الغرب؟!
وهل أخلاق المجتمع المسلم اليوم تستحق النصر أم أن المنتشر السائد هو السب والقذف وسوء الأخلاق الذي يصل إلى سب الدين وسب الذات الإلهية في بعض الأحيان عياذًا بالله؟!
هل قامت المجتمعات بالرد الكافي على أهل الأهواء والحقد من أرباب المناهج المغايرة لمنهج القرآن والذين لا يفترون يتشدقون بأسماء آلهتهم المعبودة من فلاسفة الغرب ومفكريهم ولا يألون جهدًا في بث سمومهم وسط العامة؟!
أصبحت مهاجمة الشريعة وأهلها على فضائيات الديار الإسلامية شيء معتاد وكأن الإسلام وأهله أصبح الواجب عليه مجرد الدفاع أمام هجمات هؤلاء الملوثين، انتشار العهر والفجور في فضائيات تتسلل إلى البيت المسلم فتدخل في غرف نومنا وبين شبابنا وفتياتنا لتبث سمومها القاتلة وتنشر فتنها وإباحيتها وشهواتها بين أبناء المسلمين, أليس كل هذا من أسباب تأخر النصر والتمكين؟!
انتشار الرشوة وأكل الحرام والربا في المعاملات وأكل أموال الناس بالباطل والفساد الوظيفي والغش التجاري... أليس كل هذا من أسباب تأخر النصر والتمكين؟!
انتشار الأحقاد وعدم صفاء القلوب والتفرق والتشرذم حول المسميات والأشخاص والتعصب الأعمى للطوائف والمسميات.... أليس كل هذا من أسباب تأخر النصر والتمكين؟! عقوق الوالدين وقطع الأرحام وتفكك الأسر وسوء التربية, أليس من أسباب تأخر النصر والتمكين؟!
ما العمل إذًا؟
المخرج من كل ما نحن فيه بلا شك أو ريب هو أن ننصر الله تعالى حتى يتنزل النصر والتمكين. ننصر شريعة الله بتطبيقها على أنفسنا ثم نشرها والدعوة إليها ثم بالإنكار على محاربيها ومبغضيها. لابد من تكامل العلم والعمل حتى نصل بهما لتصحيح الدنيا ثم لنصعد إلى خيري الدنيا والآخرة على حد سواء.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} [محمد:7].
{وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ.الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ} [الحج:40،41].
طريقنا واضح وسبيلنا معلوم والمرض لابد له من علاج والعلاج مضمون، قال تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}
[الأعراف:96].
قال ابن كثير رحمه الله:
يخبر تعالى عن قلة إيمان أهل القرى الذين أرسل فيهم الرسل كقوله تعالى: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ} أي ما آمنت قرية بتمامها إلا قوم يونس فإنهم آمنوا وذلك بعدما عاينوا العذاب كما قال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَىٰ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ. فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَىٰ حِينٍ} وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ} الآية، وقوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا} أي آمنت قلوبهم بما جاء به الرسل وصدقت به واتبعوه واتقوا بفعل الطاعات وترك المحرمات {لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ} أي قطر السماء ونبات الأرض قال تعالى: {وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} أي ولكن كذبوا رسلهم فعاقبناهم بالهلاك على ما كسبوا من المأثم والمحارم.
وهذه رسالة من قلب مفتوح ما يريد إلا صلاح أمته
فهل أطمع في استجابة فورية؟!
الله المستعان
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: