متاع قليل من زوج مفارق
منذ 2005-03-12
كانت الغرفة ممتلئة بالنساء ويلفّها الهدوء ويتوشّحها السواد كانت
تعابير الوجوه خالية القسمات مُسلطةٌ على امرأة ممدّدة في الفراش، وقد
بدا من نظراتهنّ أن المنظر مألوفٌ لديهنّ !!
وكانت المرأة شبه غائبة عن الوعي ينساب من عينيْها خطّان من الدموع لا يتوقفان وكأنما تأهّب جسدها لهذا الحادث المؤلم والفقد المُفجّع !!
إنّ هذه الانتقالية في المشاعر من جزع وحزن وحسرة لتترجم -وبكل صدق- ما عليه المرأة الوفيّة لزوجها من حبّ وشوق و شفقة !!
وقد تختلف ترجمة هذا الزخم الهائل من امرأةٍ لأخرى في بعض التجافي والصدود ولكنه كما قيل:
إني لأمنحك الصدودَ وإنني قسماً إليك مع الصدود لأميلُ
فالمرأة منذ أن تخطو خطواتها الأولى في الحياة وقد وضعت نُصب عينيها في كنف زوج كريم.
فما ظنك بعدها بمن يتقوّض بنيانها في لحظة واحدة بموت زوجها وأنيس وحشتها !!
إنها الفضيلة التي قصرت طرف المرأة في زوجها وجعلتها تحيا بحياته وتموت بمماته !!
لا تنظر للعالم إلا بمنظاره !
ولا تعيش إلا بين أسواره !
ولا ترى بذلك قوّة ولا وجبروتاً، وسلطة !!
كما يحلو للبعض التسمية !!
بل ترى فيه أُنساً وعِزةً وشرفاً !!
وهذه خولة الفزارية عندما نام زوجها الحسن بن علي فوق سطح عمدت إلى رجله فربطت رجله بخمارها إلى خلخالها!! فلما استيقظ قال لها: ماهذا ؟
فقالت: خشيت أن تقوم من شدّة النوم فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب فأعجبه ذلك منها !!
فهي ترقبه في حال حياته وتندبه في حال مماته !!
ولا تجد من ملذات الدنيا ما يؤنسها إلا كما حكت زوجة عبيد الله بن زياد عندما سُئلت عنه بعد مماته فقالت: ودِدْت أن القيامة قامت لأراه وأشتفي من حديثه !!
ولعلي لا أحيد عن الحق عندما أقول: إن هذا التقدير والتبجيل من المرأة لزوجها إنما ينبع من تربية ونشأة تُساق إليها !!
فهذا البيت النبوي: قد بلغ الأوج وطُهِّر من كل عوج، فإليك حال الأم وهى الرباب بنت أُنيف زوجة الحسين لما قُتل بكربلاء وَجَدت عليه وَجْداً شديداً وذُكِر أنها بكت عليه سنة ثم أنشدت إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وقد خطبها عِدّة فقالت: ما كنت لأتخذ صهراً بعد رسول الله ووالله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقفٌ أبداً ولم تزل عليه كَمِدةً حتى ماتت !
أما زوجة مصعب بن عمير فكانت معه لما قُتل فطلبته في القتلى حتى عرفته بشامة في خدّه فقالت: نعم بعْل المرأة المسلمة كنت !!
أدركك والله ما قال عنتر:
وهنا يحول الجريضُ دون القريض بهذه القصّة والتي ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية عن عمرو بن الحمق الذي قُتل وبُعث برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد وكانت في السجن فأُلقي في حِجرها!!
فوضعت كفها على جبينه ولثمت فمه وقالت:
غيّبتموه عني طويلاً ثم أهديتموه إليّ قتيلاً
6/1/1426
15/02/2005
وكانت المرأة شبه غائبة عن الوعي ينساب من عينيْها خطّان من الدموع لا يتوقفان وكأنما تأهّب جسدها لهذا الحادث المؤلم والفقد المُفجّع !!
كأنّ عيني لذكراه إذا خطرتْ |
فيضٌ يسيلُ على الخدّين ِمدرارُ |
إنّ هذه الانتقالية في المشاعر من جزع وحزن وحسرة لتترجم -وبكل صدق- ما عليه المرأة الوفيّة لزوجها من حبّ وشوق و شفقة !!
وقد تختلف ترجمة هذا الزخم الهائل من امرأةٍ لأخرى في بعض التجافي والصدود ولكنه كما قيل:
إني لأمنحك الصدودَ وإنني قسماً إليك مع الصدود لأميلُ
فالمرأة منذ أن تخطو خطواتها الأولى في الحياة وقد وضعت نُصب عينيها في كنف زوج كريم.
فما ظنك بعدها بمن يتقوّض بنيانها في لحظة واحدة بموت زوجها وأنيس وحشتها !!
اصبرْ لدهرٍ نال منك |
فهكذا مضت الدُّهورُ |
|
فرحٌ وحُزنٌ مرّةً لا |
الحُزنُ دام ولا الُّسرورُ |
إنها الفضيلة التي قصرت طرف المرأة في زوجها وجعلتها تحيا بحياته وتموت بمماته !!
لا تنظر للعالم إلا بمنظاره !
ولا تعيش إلا بين أسواره !
ولا ترى بذلك قوّة ولا وجبروتاً، وسلطة !!
كما يحلو للبعض التسمية !!
بل ترى فيه أُنساً وعِزةً وشرفاً !!
وهذه خولة الفزارية عندما نام زوجها الحسن بن علي فوق سطح عمدت إلى رجله فربطت رجله بخمارها إلى خلخالها!! فلما استيقظ قال لها: ماهذا ؟
فقالت: خشيت أن تقوم من شدّة النوم فتسقط فأكون أشأم سخلة على العرب فأعجبه ذلك منها !!
فهي ترقبه في حال حياته وتندبه في حال مماته !!
ولا تجد من ملذات الدنيا ما يؤنسها إلا كما حكت زوجة عبيد الله بن زياد عندما سُئلت عنه بعد مماته فقالت: ودِدْت أن القيامة قامت لأراه وأشتفي من حديثه !!
ولعلي لا أحيد عن الحق عندما أقول: إن هذا التقدير والتبجيل من المرأة لزوجها إنما ينبع من تربية ونشأة تُساق إليها !!
فهذا البيت النبوي: قد بلغ الأوج وطُهِّر من كل عوج، فإليك حال الأم وهى الرباب بنت أُنيف زوجة الحسين لما قُتل بكربلاء وَجَدت عليه وَجْداً شديداً وذُكِر أنها بكت عليه سنة ثم أنشدت إلى الحول ثم اسم السلام عليكما ومن يبك حولاً كاملاً فقد اعتذر
وقد خطبها عِدّة فقالت: ما كنت لأتخذ صهراً بعد رسول الله ووالله لا يؤويني ورجلاً بعد الحسين سقفٌ أبداً ولم تزل عليه كَمِدةً حتى ماتت !
أما زوجة مصعب بن عمير فكانت معه لما قُتل فطلبته في القتلى حتى عرفته بشامة في خدّه فقالت: نعم بعْل المرأة المسلمة كنت !!
أدركك والله ما قال عنتر:
وخليلُ غانيةٍ تركت مجندلاً |
بالقاع لم يعهد ولم يتلثمِ |
|
فهتكت بالرمحِ الطويل إهابه |
ليس الكريمُ على القنا بمحرّمِ |
وهنا يحول الجريضُ دون القريض بهذه القصّة والتي ذكرها ابن كثير في البداية والنهاية عن عمرو بن الحمق الذي قُتل وبُعث برأسه إلى زوجته آمنة بنت الشريد وكانت في السجن فأُلقي في حِجرها!!
فوضعت كفها على جبينه ولثمت فمه وقالت:
غيّبتموه عني طويلاً ثم أهديتموه إليّ قتيلاً
6/1/1426
15/02/2005
المصدر: موقع الإسلام اليوم
- التصنيف: