لك الله يا أقصى

منذ 2005-04-10

تهديد من إخوان القردة والخنازير ونسل قتلة الأنبياء بتدنيس المسجد الأقصى , يهز أركان الفؤاد وجنبات الضمير الإسلامي , ولكن ..

بسم الله نبدأ، وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير..

تهديد من إخوان القردة والخنازير، ونسل قتلة الأنبياء بتدنيس المسجد الأقصى, يهز أركان الفؤاد وجنبات الضمير الإسلامي, ولكن هل من مجيب؟!

تلقّفت أذني نداء الأقصى الجريح في ثوبه الحديث، وقد غيّر خطابه قائلاً لملوك المسلمين:

يا أيها الملك الذي

 

لمعالم الإسلام نكّس

جاءت إليك ظلامة

 

تسعى من البيت المقدّس

كل الكنائس طُهِّرَت

 

وأنا على شرفي أدنس



طفِقْت هائماً على وجهي في دول المسلمين، أبحث عن صلاح الدين؛ عسى أن يعود الأقصى لخطابه القديم, وعسى أن نرى الفرح يسكن جنباته وأكنافه..

ولكن هيهات هيهات..

فما ثَمَّ صلاح الدين!

فهِمْتُ أبحث عن ظلّه, عن خياله..

فما وجدت له ظلاً يملك المسلمين ولا خيالاً..

فبحثت عن حذائه ليملك, فما وجدت إلا أحذية أمريكية الصنع, فاسترجعت وعدت يائساً مكسوراً؛ فمن للأقصى لو دنّسه هؤلاء الخنازير؟

فنادتني نفسي.. ارجع لصوابك، لها الله الذي هيأ لها من قبل الفاتحين, هيأ لها عمر الفاروق وصلاح الدين..

فقلت للأقصى بأعلى صوتي: "لك الله يا أقصى", فما أنهيتُ كلماتي إلا وقد سمعت هامساً في أذني، يهمس يقول: "أتبحث عني؟", قلت: "من أنت؟", قال: " أنا صلاح الدين"..

فنظرت ورائي مسرعاً، فإذا بطفل صغير ينظر إليّ بأعين بها شرر العزم والإيمان والتصميم على النصر, فقلت له: "أنت أيها الصغير صلاح الدين!", ففتح يده المغلقة، فانكشفت عن حجر, والتفت إليّ قائلاً: "نعم صلاح الدين", فقلت: "ولكن يا حبيبي طال بحثي عنك, أين أنت؟"

قال: "في جنَبات القدس وأكنافها كما أخبر الرسول, قائماً على الحق إلى قيام الساعة". ثم أعطاني ظهره متمتماً بكلمات لن أنساها، وتركني ومشى مسرعاً قائلاً: "ليس لدي من الوقت ما أضيعه, فالكل يسعى لسرقة الحجر من يدي, بالرغم من حالي الذي ترى، فلم أعد بقوّتي وجنودي, ولا بصحّتي وعتادي, وإنما هو إيماني في قلبي وحجري في يدي. المسئولية في رقابكم أجمعين", ثم تركني مسرعاً.

فطفقت أبحث عنه, فلم أره..
ذهبت يمينًا ويساراً طلباً لصلاح الدين, فإذا بابتسامة أطفال القدس تعلوا وجوههم -استخفافاً بحالي-, وكأن عيونهم تدعوني برفق ( كلنا صلاح الدين ), ولكني تمنيت النوم عسى أن أراه في منامي يقود الجيوش وينقذ الأقصى.

فما أن وضعت رأسي على وسادتي، إلا وقد قمت مفزوعاً على أصوات الفضائيات العربية تعج بالرذائل والموبقات, فاستعذت بالله من الشيطان الرجيم, فإذا بصارخ من بعيد يقول لي: "إنهم رجالي ونسائي وهذا صوتي غزوتكم به", قلت له: "لا أفلحت ولا نجحت, ولك الخسار إن شاء الله في الدنيا والآخرة", ثم علوته بصوتي ( الله أكبر ), فلم أر له أثراً, ولكني وجدت جيش صلاح الدين وقع أسيراً في حباله, ما بين غناء وبغاء, وما بين أضرحة ومكاء, وما بين تصدية و غثاء، فقلت رافعاً يديّ إلى السماء "إلهي أنقذ هؤلاء".

شاهدت من بعيد دموع الأقصى على مُقلِ مآذن بغداد, ورأيت دمشق ترتجف متوجسة ترقبها القاهرة من بعيد بردائها الأسود، وقد كساها الحزن على واقعها المرير, وإذا بالجامع الأزهر يشكو حاله لجامعة الزيتونة التي قتلت منذ زمن بعيد, وإذا بالشريعة المطهّرة وقد أضحت أوراقاً تزيّن بها الكتبات والغرف, وقد ترك الناس هدي من سلف.

شريعة الرحمن لا تطبق, وننتظر النصر المطلق, فوضعت يداي فوق رأسي بين ركبتي شاكياً حالي وحال أمتي إلى ربي, غير يائس من رحمته, ولكني خائف من سؤاله عن الأمانة يوم يقوم الأشهاد, فماذا أعددنا لهذا السؤال؟

ثم عدت إلى الأقصى من جديد، فقلت له بنظرة المستحيي: "لك الله يا أقصى", ونظرت من بعيد, فإذا بصلاح الدين ينظر قائلاً: "لازلت قائم؟ لازلت قائم؟"
ولكن رسالتي لأمتي { إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ }.

فيا رياح التغيير هبّي, ويا أُسْدَ الإسلام لبّوا الندا..

ولنبدأ، لنعود فالعود أحمد, ولا وقت لبطيء ولا متكاسل؛ فالقطار سريع.


فلسطين مهلاً ولا تجزعي

 

ولا تيأسي إن ديني معي

لأن ضيّعتكِ دموعُ النفاق

 

سيفديك نحري مع المدمع

سأثأر حتماً لمسرى الرسول

 

لربي وديني ألا فاسمعي

أتينا تباعاً نروم الفدا

 

وللقدس نحبو وللمرجع


محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.