إضاءات على (ساعة في قرب الحبيب)
أملا أن نكون ممن أنعم عليهم ربهم فأعطاهم..واستخلصهم واصطفاهم. .ويصدق فينا قول ربنا " وقليل ما هم " أبعث بكلمات مليئة بالآمال والآلام.. بحروف سطرتها الأقلام..على أوراق تتزاحم عليها النصيحة والكلام..ابعثها إلى من مرض قلبه ويتناسى أوجاعه..أبعثها إلى من نسى النار كي يعلم أنها نزاعة..ابعثها إلى من ضيع عمره ساعة بعد ساعة..ابعثها إلى من ساء عمله وقد دنت الساعة..أقول له قد أعددنا لك اليوم في قرب الحبيب ساعة..علها تؤثر فى قلبك فتقول سمعا وطاعة..
أيها الحبيب:-هل تحب الله رب العالمين ؟!بالطبع تحبه..لكن هل أنت صادق في حبه؟!ولو كنت صادقاً فما هو دليل صدقك؟! وهل تركك للعبادة بعد رمضان دليل على حبك هذا؟! وهل لو دعوناك معنا ساعة تستجيب أم لا ؟! إنها ساعة نقيم فيها الليل ونقترب فيها من الحبيب .
عز الحبيب إذا خلا في ليله *** بحبيبه يشكو إليه ويضرع
وقربة إلى ربكم ومنهاة عن الإثم وتكفير للسيئات ومطردة للداء عن
الجسد " .
أخى :- شارك معنا لتكون على أخلاق الأنبياء..قال الفضيل:- " ثلاثة من
أخلاق الأنبياء الحلم والإنابة وقيام الليل " .
أخى :- شارك معنا ليستنير قلبك وتغفر ذنوبك..قال ابن الحاج :- "
القيام يحط الذنوب كما يحط الريح العاصف الورق الجاف من الشجر وينور
القبر وينشط البدن " .
أخي :- شارك معنا ليستنير وجهك..قيل للحسن البصرى " ما بال المتهجدين
بالليل من أحسن الناس وجوها؟! قال:-" لأنهم خلوا بالرحمن فألبسهم من
نوره"
وقال سعيد بن المسيب :-" إن الرجل ليصلى بالليل فيجعل الله فى وجهه
نورا يحبه عليه كل مسلم فيراه من لم يره قط فيقول : "إني لأحب هذا
الرجل "
وكان الناس إذا رأوا وكيع بن الجراح قالوا " ما هذا بشراً إن هذا إلا
ملك كريم "..وكانوا إذا رأوا محمد بن سيرين سبحوا الله من كثرة النور
الذى فى وجهه بسبب قيام الليل.. سبحان الله..أهل القيام ترى فى صحائف
قلوبهم سطور القبول وقد كتبت على وجوههم بمداد الأنوار..فسهرهم إلى
الصباح.. قد أثر في وجوههم الصِباح .
فى ظلمة الليل للعباد أنوار *** تسرى قلوبهم فى ضوئهن إلى
أكرم بهم من رجال لو رأيتهم *** إن ينطقوا فتلاوات وأذكار
منها شموس ومنها فيه أقمار *** ذاك المقام ومولاهم لهم جار
وللظلام على الأجفان أستار *** أو يسكتوا فاعتبارات وأفكار
حبيبي فى الله:-إليك هذه التجربة الإيمانية الربانية التي تحمل البركات..إنها تجربة حدثت وتمت بفضل الله فى إحدى قرى مصر بمحافظة المنوفية ..ألا وهى " عرب الرمل "مركز قويسنا وبالتحديد فى مجمع النور الإسلامي.. ومجمع النور هو مسجد جمع النور حوله ببركة أهل الإيمان.. وكيف لا يجمع النور وهو يمتلئ بالآلاف من أهل الإيمان فى قيام الليل وفى صلاة التهجد! ..وعرب الرمل هي عرب الإيمان ..وهى عرب القرآن ..فإن ذهبت إليها وجدت جبالاً متحركة من الإيمان .. و صدق أخينا و حبيبنا / محمد عيد الشعباني حين أنشد يقول :-
وأمهلت نفسي كي تفكر ساعةً *** فقلت لها إن الإجابة سهلة
فإن لم يكن فيها جبال من الحصى *** رجال على التوحيد ربوا وأشربت
فلم أرى فيها من جبال ولا كثب *** لماذا إذاً صارت إلي الرمل تنتسب
ولكنها بعد التفكر لم تجب *** ولا تقتضى هذا التردد والعجب
فإن بها هذى الجبال من الذهب *** قلوبهم حب القرآن مع الأدب
فى هذه البلدة الطاهرة كان الناس يتهجدون فى رمضان من أول
ليلة..ويبدؤن بساعة أو ما يزيد.. حتى يقوموا الليل كله في العشر
الأواخر.. وما يمر يوم إلا وترى الأعداد فى ازدياد والإقبال على الله
ملحوظ..فترى الناس يصلون فى الشوارع وفوق المنازل..والكل يدخل السباق
ليكون من الأوائل..لو رأيتهم وقد أقبلوا على مولاهم ..هذا يعاتب نفسه
على التفريط..وهذا يتفكر فى هول المصير..وهذا يخاف من ناقد بصير
..وهذا يبكى لذنوبه ..وهذا يبكى لعيوبه..وهذا يبكى لفوات مطلوبه
..فكانت هذه الهمسات الإيمانية .
الهمسة الأولى :- يقف احد الفتيان الصغار في السن ..الكبار فى الإيمان
ليصلى بجوار أبيه..فيقف وسط المتهجدين.. وينتابه التعب من طول الركوع
والسجود فيصلي و هو جالس .. فتأخذه سنة من النوم فينام وهو جالس .. و
كان الإمام يقرأ قوله تعالي :
(إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً * فَجَعَلْنَاهُنَّ
أَبْكَاراً*عُرُباً أَتْرَاباً * لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ) الواقعة
(39:35)
فيرى الطفل في منامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يمر بين
الصفوف..ثم يقف النبي صلى الله عليه وسلم أمامه و كأن الحبيب النبي
صلى الله عليه وسلم يبكي من جموع المتهجدين ويقول له " قم يا بنى إنها
ليلة القدر " فيقوم الطفل من منامه وهو يبكى رغبة ورهبة من رؤيا النبي
صلى الله عليه وسلم .. فيتعجب المتهجدون من بكائه..فيقص عليهم الخبر
فيبكوا جميعاً.
الهمسة الثانية:- وقفت الأخت الفاضلة خلف الإمام..وبعد طول القيام
سجدت فأخذتها سنة من النوم..فرأت النبى صلى الله عليه وسلم وقد أتاها
يبشرها بمغفرة الله لهذا الجمع المبارك..وفى النهاية قال لها النبى
صلى الله عليه وسلم :- " إن الله عاتب علي
أحبابه من المتهجدين المسلمين " قالت له :- " لماذا يا رسول الله
؟! فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم :- " لأنهم يعبدون الله و
يتهجدون فى رمضان ويتركون التهجد بعد رمضان "..ثم انتهت الرؤيا
واستيقظت الأخت وكانت ما تزال ساجدة..فأخذت تصيح دون وعىٍ وتقول "
"متزعلش" منا يا رب.. "متزعلش" منا يا رب "..وتبكى وتصيح حتى ظن
المصلون و المصليات أن بها صرعاً أو غير ذلك..فحاولت المصليات تهدأه
روعها..وبدأت تقص عليهن ما رأت ..فانفطرن جميعا من البكاء .
ماذا أقول :- " هذه وجوه غسلتها الدموع..وجوه طالما أذلها في الدياجى
الخشوع ..وجوه فى الليل أذعنت وذلت..وجوه ألفت السجود فما ملت..وجوه
توجهت إلى الله وعن غيره تولت.. فزال عنها فترة الهجر وتجلت .
حبيبى :- المتهجدون هان عليهم طول الطريق لعلمهم شرف المقصود.. وهانت
عليهم مرارات التعب حباً لتحصيل الجنة من العزيز الودود .
أخى الحبيب :- هذا الطفل وهذه الأخت ناما وهما يصليان ..فيا ترى هل
أنت تنام على الصلاة ؟! أم على التلفاز والتهريج والغيبة
والنميمة؟!
هذا الطفل وهذه الأخت لو ماتا على حالتهما هذه لكان ذلك علامة محبة من
الله لهما ..فهل من الممكن أن تكون خاتمتك على مثل هذا الحال
؟!.
أخى :- هذا طفل استقام فى الصلاة فرأى النبي ..فلماذا لم تر أنت النبى
حتى الآن؟!
ذكر الإمام أحمد فى كتابه " الزهد " أن الحسن البصرى قال :- " إذا نام
العبد وهو ساجد باهى الله به الملائكة يقول - انظروا إلى عبدى يعبدنى
وروحه عندى وهو ساجد "
أخي /أختي .. إخلاص + يقين + محاسبة النفس+علم بثواب المتهجدين= تلذذ بين يدي الله رب العالمين
الهمسة الثالثة:- رأت إحدى المتهجدات كأنها تقف مع المتهجدات في
المسجد..وبينما هن في هذا الجو الروحانى المؤثر..إذ بها تسمع منادياً
ينادى من السماء" ساعة فى قرب الحبيب " فتأججت المشاعر.. واشتاقت
القلوب ..وارتفعت الإيمانيات..وبكت العيون .. وعلت الهمة .. وبعد
التهجد رأت إحدى الأخوات أن الملائكة تنادى على المتهجدين وتوزع عليهم
الهدايا والجوائز.. كل هدية مكتوب عليها " مغفرة أو رضوان " ..قلت فى
نفسى صدق الله( لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي
الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ
الْعَظِيمُ) (يونس:64)
وصدق النبي صلى الله عليه وسلم :- " لم يبق من النبوة إلا
المبشرات..قالوا : وما المبشرات يا رسول الله ؟! فقال النبي صلى الله
عليه وسلم :-" الرؤيا الصالحة يراها العبد المؤمن أو ترى له " متفق
عليه
فى الحقيقه أيها الأحبة حينما حكى لى أحد الإخوة هذه الرؤيا تذكرت قول
ذر بن عبد الله الهمدانى : " بلغنى أن العبد إذا قام من الليل للصلاة
لم يسمعه شئ من خلق الله إلا استحلى تهجده فدعا له بخير..وإن الجن في
البيوت يستمعون لقراءته ويصلون بصلاته..وإن البر ليتناثر على رأسه إذا
هو قام إلى التهجد " .
الهمسة الرابعة :- يرى أحد المتهجدين أن الملائكة تحرس المكان وينبعث
النور إلى عنان السماء .. الله اكبر .. هنيئا لهذا الجمع المبارك ..
وهنيئا لأهل التهجد .
قال كعب الأحبار :- " إن الملائكة ينظرون من السماء إلى الذين يتهجدون
بالليل كما تنظرون أنتم إلى نجوم السماء " .
أخى :- كلام المتهجدين ورؤيتهم مغناطيس لأفئدة الرجال .. فالمتهجدون
كلامهم رقيق .. يخرج من بحر قلوبهم العميق .. فيؤثر فى العدو والصديق
.. وكم من أناس تحيا القلوب بكلامهم .. وكم من أناس تموت القلوب برؤية
وجوههم .
الهمسة الخامسة :- يرى أحد الأحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في
المنام فيقول له " أين الطريق يا رسول الله ؟!" .. فيشير له النبى إلى
مكان التهجد والقيام .
سبحان الله .. كأن النبى يدلنا أن هذا هو سبيل المؤمنين .. وعلامة
المتقين .. وطريق النصر والتمكين .. لكن للأسف .. عبارة النسيم لا
يفهمها إلا المشتاق .. وحديث البروق لا يروق إلا للعشاق .
إخوتاه :- الفرق بيننا وبين المتهجدين الأحباب .. كالفرق بين القشر
واللباب.. أما لنا همة ننافس بها الحسن وسفيان وكميل ؟! .. أما سمعنا
قول السرى :- " رأيت الفوائد تأتى فى ظلم الليل " ؟! .. أين ابن حنبل
والفضيل ؟! .. أين رجال الليل ؟! .. ذهب الأبطال وبقى البطال .. لكنهم
إن طواهم الفناء.. فقد نشرهم الثناء .. والفرق بيننا وبينهم كما بين
الأرض والسماء.
قف بالديار فهذه آثارهم *** كم قد وقفت بها أسائل مخبرا
فأجابني داعي الهوى فى رسمها *** تبكى الأحبة حسرة وتشوقا
عن أهلها أو صادقا أو مشفقا *** فارقت من تهوى فعز الملتقى
الهمسة السادسة :- رأت إحدى الأخوات المباركات بعد ليلة من التهجد
زوجها المتوفى و قد أتاها في المنام و هو يقول لها (إن رسول الله صلى
الله عليه وسلم يقول لكم بشروا المتهجدين بالجنة) تذكرت حينها قول
الله (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ
أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (السجدة:17)
إخوتاه :- هذه كانت رؤى أقوام قاموا فى الجد وقعدنا .. سهروا فى الدجى
ورقدنا .. هذا طريقهم فأين السالكون ؟! .. وهذا كلامهم فأين السامعون
؟! .. كانوا إذا جن الليل ساروا فى بوادي الدجى .. وأناخوا مراكبهم فى
وادى الذل .. وجلسوا فى زاوية الإنكسار .. فإذا فتح الباب للواصلين
هجموا هجوم العابدين الصادقين .. وبسطوا كف " وتصدق علينا " ..
فأجابهم هاتف القبول بقوله :- " لا تثريب عليكم اليوم " .
حبيبى :- ألا تبحث عن صفقة رابحة؟! .. قيام الليل أربح صفقة.. فهو
ينبوع دافقٌ من الحسنات فى متناول كل مؤمن يريد زادًا في الطريق ورياً
فى الهجير ورصيدًا حين ينفد الرصيد ..
الأخ أبو تسنيم
- التصنيف: