علماء الأمة: نقاطع من قاطع فلسطين

منذ 2006-05-31
هدد الداعية البارز الشيخ يوسف القرضاوي بأن علماء الأمة سيدعون إلى مقاطعة الدول التي تقاطع حكومة فلسطين، واستثنى من ذلك دولة سويسرا التي أعلنت رفضها للمقاطعة.

جاء ذلك في ختام الجلسة الافتتاحية لمؤتمر الفقهاء والعلماء المسلمين لنصرة فلسطين التي عقدت مساء الأربعاء 11-5-2006 بفندق "ريتز كاريلتون" بالعاصمة القطرية الدوحة.

وفي الكلمة التي ألقاها الشيخ العلامة في افتتاح المؤتمر، دعا القرضاوي إلى مقاطعة البنوك التي ترفض نقل المساعدات المالية إلى الشعب الفلسطيني. وقال إنه إذا استمرت هذه البنوك في الاشتراك في محاصرة الشعب الفلسطيني فسيطلب العلماء من الشعب المسلم سحب أمواله من هذه البنوك المشتركة في جريمة المقاطعة والتجويع.

وطالب القرضاوي الشعوب العربية بالضغط على حكوماتها من أجل الانصياع لمطالب الشارع في إيصال المساعدات المالية التي لم يقدر إيصالها لحكومة حماس.


فتح لم تشارك


وأعرب القرضاوي عن أسفه لعدم تجاوب واستجابة حركة فتح لدعوة العلماء بالمشاركة في المؤتمر، وأشار إلى أن عدداً من قيادات فتح اعتذروا عن عدم حضور المؤتمر الذي كان يهدف إلى رفع الحصار عن الشعب الفلسطيني وعدم تجويعه، من بينهم سليم الزعنون رئيس المجلس التشريعي السابق الذي اعتذر لمرضه، وفاروق القدومي رئيس الدائرة السياسية لمنظمة التحرير الفلسطينية الذي قال: إن خالد مشعل يمثله ويمثل فتح، وقال انقل هذا عني، وكذلك هاني الحسن الذي وعد بالحضور ولم يحضر هو الآخر.

وعقب الشيخ على ذلك قائلا: "إننا بهذا قد أقمنا عليهم الحجة"، واستدرك قائلا: "إن هذا الحرص (على مشاركة فتح) نابع من تقديري للحركة باعتبارها أول من أطلق رصاصة ضد إسرائيل، وأنها قدمت شهداء كُثُرًا".
وقال القرضاوي: إن ممثل الجبهة الشعبية تأخر وسيصل بعون الله.


مقاطعة البنوك والدول المقاطعة


وقال القرضاوي في كلمته: "الأمة تجمع الملايين ولكن هذه الملايين لا تصل إلى الإخوة في فلسطين؛ لأن البنوك تمتنع عن تحويلها (لفلسطين خشية التهديدات الأمريكية)، وهذه البنوك عربية مراكزها في عمان والقاهرة فكيف ترفض هذه البنوك؟".
وأضاف: "نحن نريد أن نضغط على هذه البنوك وإلا سنقاطعها، سنقول للإخوة: اسحبوا ودائعكم من هذه البنوك".

كما دعا للضغط على الحكومات العربية المعنية لكي تعمل على تحويل الأموال المقدمة من الدول والشعوب لفلسطين، وطالب "الحكام المسئولين أن يقفوا وقفة الرجال لمساندة حماس".

وشدد القرضاوي أيضا على ضرورة اتخاذ موقف حاسم ضد أي دولة تتخذ موقفا عدائيا من الحكومة الفلسطينية قائلا: "مثلما قاطعنا الدانمارك (على خلفية قضية الرسوم المسيئة للرسول) سنطالب بمقاطعة أي دولة تقاطع الحكومة الفلسطينية، وهو سلاح مهم بأيدينا".


أمة قوية


وعبر القرضاوي عن قناعته بأن الأمة الإسلامية تقف مع حركة حماس في وجه الضغوط والحصار قائلا: "حماس معهم أمة العرب، ومعهم أمة الإسلام من إندونيسيا التي رأينا فيها المسيرات التي قامت تطالب بجمع دولار من كل إندونيسي، أكثر من 200 مليون مسلم من جاكرتا، إلى موريتانيا (التي شهدت تحركات مماثلة)، فالعالم الإسلامي كله وراء حماس؛ لأن حماس على الحق والله هو الحق".

وعدد القرضاوي خطوات أخرى على المستوى الفردي لنصرة فلسطين تعكس "قوة الأمة رغم ما انتابها من مظاهر الضعف"، مشيرا إلى تلقيه تبرعا من رجل قطري "كارتونة بها 5 ملايين ريال قطري" (1.4 مليون دولار) وإلى مؤتمر اتحاد الأطباء العرب الذي عقد في القاهرة الجمعة الماضي وتم خلاله جمع نحو 7 ملايين جنيه مصري ( 1.2 مليون دولار) ونحو 20 كيلوجراما من الذهب خلال ساعتين، في حين كان المستهدف جمع 5 ملايين جنيه.

وأعرب عن قناعته بأن "حماس لن تنهزم" ولا الشعب الفلسطيني، واصفا إياه بـ"الأسود"، وخلص إلى أن "حماس قد نجحت في الامتحان، والامتحان الآن للأمة ومدى قدرتها على الوقوف وراء حماس". وأثارت كلمة الشيخ القرضاوي مشاعر الحاضرين؛ فدوت التكبيرات في القاعة أكثر من مرة خلال الكلمة.
وأشار القرضاوي إلى أن هناك العديد من العقبات أمام حركة حماس، أولها مؤسسة الرئاسة الفلسطينية التي طالبها بالتعاون مع الحكومة.

وفي ختام المؤتمر حرص القرضاوي على توضيح أن انتقاداته التي وجهها لفتح وللرئاسة الفلسطينية نابعة من حرصه على وحدة الشعب الفلسطيني.


خطوات عملية للنصرة


الداعية الشيخ سلمان العودة طرح من جهته خطوات أخرى عملية لنصرة الشعب الفلسطيني. وقال: "واجب الحكام وإن لم يفعلوا (ما يصب في دعم فلسطين) فعلى الأقل أن يغضوا الطرف عن الشعوب وما تقوم به لمساعدة هذا الشعب"، كما طالب بأن يكون هناك "دعم إعلامي وتغطية جيدة لهذه القضية".
وطرح أيضا أهمية سعي المسلمين إلى "الاستثمار في الأراضي الفلسطينية، بما ينفع الشعب الفلسطيني".

ورأى مؤتمر الدوحة أن نصرة فلسطين بحاجة إلى "لونين من الخطاب: الأول خطاب عاطفي لتحريك مشاعر المسلمين لنصرة إخوانهم في فلسطين، ويذكرهم بعهد الأخوة وميثاق النصرة، وألا يسلموا هذا الشعب لحصار آثم يحاول أن يبتزهم في المأكل والمشرب من أجل التنازل عن مبادئه".

ورأى أن الخطاب الآخر يجب أن يكون خطابا "عقلانيا وهادئا، وهذا موجه للإخوة في فلسطين، يناشدهم فيه بألا يحملوا السلاح في وجه بعضهم، وألا يسمحوا بإراقة الدم الفلسطيني بأيد فلسطينية؛ لأن هذا لو حدث فهو نهاية مؤلمة لهذا القضية العظيمة".

من جانبه، وجه خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس نداء للأمة الإسلامية بكافة أطيافها وعناصرها، دعاهم للوقوف إلى جانب الشعب سائلا إياهم: "فبماذا تجيبون؟".

وحذر في كلمته في المؤتمر من أن الإصرار على تجويع الشعب الفلسطيني وحصاره سيولد الانفجار، لكنه لم يوضح طبيعة هذا الانفجار قائلا: "إن كل خطوة حصار سنرد عليها بخطوة إصرار".


ظلمات ثلاث


أما رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية فقد أكد في مداخلة له بالمؤتمر عبر تسجيل صوتي أنه يراد للشعب الفلسطيني "أن يعيش في ظلمات ثلاث: الحصار، والاحتلال، والعزل السياسي لحكومة منتخبة، وبفضل جهود العلماء والمجاهدين ستمحى تلك الظلمات الثلاث".

وشدد على أن الحصار يهدف لدفع الحكومة لتقديم تنازلات سياسية، لتتخلى عن الحقوق والثوابت الفلسطينية، إلا أن "الحكومة لن ترضخ، ولن تذل، ولن تسقط القلاع ولن تُخترق الحصون".

كما أشار إلى أن حماية الوحدة الوطنية من أولويات الحكومة، وقال: "سنحمي وحدتنا ودمنا وتماسكنا، وهو خط أحمر، والسلاح الفلسطيني لن يصوب إلى صدر فلسطيني، ولن تراق الدماء الفلسطينية على أيد فلسطينية".

وينتظر أن يختتم المؤتمر الخميس 11-5-2006 أعماله بإصدار فتوى توجب على الأمة والحكومات الإسلامية دعم الشعب الفلسطيني. وجاءت مبادرة عقد هذا المؤتمر من جانب اتحاد علماء المسلمين وعدد من المنظمات الإسلامية الأخرى.
المصدر: اسلام اون لاين - فرحات العبار