لقطات من كأس العالم

منذ 2006-06-01
الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى أما بعد ؛
فقد أظلنا توقيت مسابقة كأس العالم التي تطل علينا كل أربعة أعوام ، ولا شك أن الرياضة شيء جميل حض عليه الشرع ، بل الرياضة تتحول إلى عبادة بالنية الصالحة ولا شك ، ولكن لنا وقفات مع لقطات حية من كأس العالم .

الوقفة الأولى :

تدشن الدول العربية والإسلامية معظم مساحة إعلامها تقريباً لخدمة كأس العالم ، سواء الفضائي أو الصحافي ، في الوقت الذي تنال الدعوة الإسلامية من نفس الإعلام نذراً يسيراً في وقت يبني فيه الغرب حضارته على أساسين؛ أولهما العقيدة الراسخة (من خلال أيدلوجيات فلسفية استبدلوا بها دينهم ) وثانيهما : المنظومة الثقافية العلمية التي لا غنى لحضارة عنها ، في وقت تحتل مساحة البرامج العلمية والثقافية الهادفة أقل المساحات في إعلام كأس العالم العربي والإسلامي ، وبالطبع في غير وقت كأس العالم فالمسلسلات والأفلام التي تدمر تصورات الجماهير لا تكلّ ولا تملّ مما يدل على أننا قلبنا هرم الأولويات فجعلنا الرياضة الترفيهية أصلاً وبناء الحضارة تابعاً ، فأين العقول !!.

الوقفة الثانية :

في الوقت الذي لا يجد فيه معظم شباب الدول الإسلامية والعربية والتي في أغلبها من الدول النامية ، لايجد معظم الشباب ما يسد رمقهم فضلاً عمّن تقوم بها أسر جديدة ، تقوم هذه الدول بالصرف على مدربين أجانب ولاعبي كرة ومعسكرات تدريب ما لو توُفرَ لأقامت به مشروعات تكفي لمعيشة الآلاف من الأسر الشابة ، فهل الكرة مقدمة على بناء المجتمعات ؟!

الوقفة الثالثة :

يشارك في كأس العالم دول استعمارية استباحت ديار المسلمين فسفكت الدماء وهتكت الأعراض على مسمع ومرأى من العالم الصامت ، وبالطبع كل لاعب من لاعبيها لو دعي إلى الدخول في قواها العسكرية ما استطاع الرفض ، فكيف بمن يهتف لمغتصب أخته وقاتل أخيه وأين الولاء لله وللرسول وأين البراء ممن عادى الله ورسوله صلى الله عليه وسلم.

الوقفة الرابعة:

تتركز كاميرات مصوري هذا الحدث الرياضي على إبراز مفاتن نساء الغرب من المشاهدات فيما لا يعد عيباً في عرفهم ولا أخلاقهم ، فكيف بنا وقد قال الله تعالى " قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم" فعليك بغض بصرك عما حرم ربك ، وكيف بنسائنا وقد أطلقن لأعينهن العنان والله يقول " وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن" وكيف ببناتك المراهقات أخي الكريم وقد تأثرن بنساء الغرب ، والمصيبة في التقليد الأعمى وقد وصل الأمر إلى ظهور بنات العالم العربي في ملاعب كرة القدم بنفس طريقة الغربيات ممن لا خلاق لهم ولا دين ، فأين ذهبنا وأين ذهبت أخلاقنا !.

الوقفة الخامسة :

يتأثر المشاهد العربي والمسلم بالفرق الهائل في المستوى بين لاعبي دولته وبين لاعبي الغرب مما يكسب البعض مرْكبات النقص والانهزامية ، بل قد يصل ببعضهم الحال إلى عزوِ ما نحن فيه إلى الإسلام ، ولهؤلاء أقول: إن عزتنا الحقيقية في ديننا وما عَلَتنا الأمم إلا لمّا تركناه وراء ظهورنا واتبعنا كل ناعق ، والحق أننا تأخرنا حضارياً ولكن المتابع للتاريخ يعلم أن الأمة مرت بعصور ضعف أكبر بكثير من عصرنا الحاضر ، ولمّا عادت لكتابها ودينها وعرفت ربها عادت لسيادتها وعِزّها ، ولك أخي الكريم في وضع المسلمين قبل فتح صلاح الدين بيت المقدس أُسْوَة ، راجع ما اكتنف المسلمين من ضعف قبل الفتح وما علاها من عزة بعده وتعلم عوامل الضعف وأسباب العزة والقوة لتعلم أن الإسلام هو عزنا ومهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله.

الوقفة السادسة :

لماذا لا نجعل من كأس العالم موسماً دعوياً لنشر الشريط والكتيب والحض على التبرع للمنكوبين من المسلمين سواء المتضررين بالاستعمار أو منكوبي الزلازل والمحن ، ولماذا لا ننشر على تجمعات مشاهدي مباريات كأس العالم قوائم بالمواقع الإسلامية ومقتطفات من ثمارها اليانعة ، والمجال مفتوح للابتكارات الدعوية والأمة وَ لادة ولله الحمد.
وأخيراً اللهم انصر عبادك المستضغفين في العراق وألف بين قلوبهم وأصلح ذات بينهم اللهم انصر عبادك المستضعفين في فلسطين والشيشان وأفغانستان وفي كل مكان ، إنك ربُّ ذلك والقادر عليه.
هذا والله أعلم وسبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك.
محمد أبو الهيثم

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.