عنيدان وبيت واحد
إن الخلافات والفشل
في المواجهةووجود بعض الصراعات
أمر لا مفر منه في الحياة الزوجية، فكيف يكون
باستطاعةاثنين متزوجين أن
يتمكنا من تجنب بعض النزاعات أو الخلافات على
الأقل؟
ألا
نميل كلنا لأن نرى
الأمور بصورة مختلفة نوعاً ما على الأقل بعض
الوقت؟أليس صحيحًا أننا
شديدوا الاقتناع بعض الأوقات بأننا على حق لدرجة
تجعلنانستخدم مناقشات
الآخرين بصورة ندعم بها مواقفنا؟
وهذا مردّه في
المقامالأول أننا مقتنعون
أننا ننظر بصورة صحيحة للأمور، وحتى عندما لا نكون
علىحق فمن السهل أن نلقي
باللائمة على شريك حياتنا، أو على موضوع ما، أو
نقاشما، أو خلاف أو حتى
عدم اتفاق كمبرر لعدم سعادتنا إلا أن الواقع يشهد
أنالجاني الحقيقي في
أغلب الأوقات هو عنادنا الشخصي، وعدم استعدادنا
وعدمرغبتنا في التنازل عن
حاجتنا أن نكون 'على صواب دائما'.
لو استطعنا
أننتخلى عن دافعنا
الذاتي ونروّض غرورنا وأن نتخلى عن ضرورة أن نكون
شديديالعناد، فمن المدهش
تلك السرعة التي تحل بها المشاكل بنفسها بدون أحداث
أيالم وبدون أي جهد
يبذل.
إن السر يكمن في
الإيمان الراسخ بأن النجاح لايعني أن نظل دائمًا
على صواب، وأن النجاح يتحقق بالتواضع، وأن عدونا
هوالعناد وليس شريك
حياتنا.
نحن نعتقد عزيزي
القارئ أنك ستوافق على أن التخلّي والعناد هو هدف يستحق بذل المزيد من
الجهد لتحقيقه.
عزيزي القارئ..
من المشاكل التي تعترض الحياة الزوجية مشكلة العناد؛ فالعناد والتصلّب فيالرأي والجمود وعدم المرونة تضفي على الأسرة جوّاً خانقًا وتنشر في البيتظلالاً قاتمة، وتهيئ المناخ لنفثات الشيطان وهمزاته، مما ينذر بالاقترابمن الخطر.
فمراعاة كلا الزوجين
لطباع الآخر ومحاولة التكيّف والتفاعلمع ما يصعب تغييره
أمر يحتمه الوعي 'والذكاء الزوجي'، والأزواج
والزوجاتحين يطرحون في
مناقشاتهم خيارات لا بديل عنها إنما بهذا يضعون
حياتهمالزوجية في مهب ريح
عاتية توشك أن تقتلع هذه العلاقة من جذورها
والمثليقول: 'العند يورث
الكفر'.
مشهد عنيد
وقف أحد الأزواج
يرنجرس الباب وزوجته
بالداخل نائمة لا تفتح، وحجّتها في ذلك أن معه
مفتاحًاللباب، فلماذا يرن
الجرس ويزعجها بالنهوض لفتح الباب له واستقباله
؟وتعتبر ذلك نوعًا من
الاستعباد لمجرد السيد الرجل وسيطرته، وظلت تهذي
بهذهالأفكار المنكرة على
الرغم من أنها رأته حاملاً في كلتا يديه بعض
طلباتالبيت من خبز وفاكهة
وخلافه وأنه كان يستعين ببعض ما تبقى له من أجزاء
يدهفي رن الجرس، وظلت
تبادله الحجّة بالحجّة وتجادله وتردّ عليه كلمة
بكلمة،وأنه كان بإمكانه وضع
ما معه على الأرض حتى يفتح الباب بالمفتاح ثم
يحملهذه الأشياء مرة
أخرى، فهل هذه زوجة تنشد الاستمرار والنجاح مهما
كانزوجها صبورًا واسع
الصدر ومَنْ يسبق مَنْ؟ عنادها أم
عناده؟
يقول
الأستاذ محمد فصيح
بهلول: 'الزوج الذي يتفرد برأيه مخطئ، والذي
يتخذالقرار غير الصائب
لمجرد مخالفة رأي زوجته وقد تبين له صوابها هو
رجلأحمق، لا يقدر
المصلحة، ويضع كبرياءه في غير موضعها، ويحقق انتصارات
زائفةلا مكان لها إلا في
عقله هو دون أحد سواه، كما أنه يفقد مكانته لدى
زوجته'.
'إن
الملاحظ دائمًا أن
عناد الزوج يسبق عناد الزوجة، فالأخير يأتي غالبًا
كردفعل لعناد الزوج،
وتعليل ذلك أمرر سهل، فالزوج يبذل ما يستطيع من
جهدلإثبات سيطرته
وهيمنته بإلغاء ومحو أي رأي خلاف رأيه، وهو حين يفعل
ذلكيضع الزوجة في موقف
يحتم عليها أن تتخذ لنفسها موقفًا من ثلاث إما
التصادممعه أو مهادنة هذا
الموقف المستفز والسكوت والهدوء، أو دفع الزوج لفتح
بابالحوار معها ؟ فتأخذ
شكل العناد السلبي لكسر صراحة رأي الزوج
وتمييعقراراته، كي تفتح
ثغرة للحوار والمناقشة بأقل قدر ممكن من
الخسائر'.
زوجتي عنيدة
عناد الزوجة وتصلب رأيها ومخالفتها الزوج كل هذه الأمور تدفع الزواج على طريقشائك قد ينتهي بما لا تشتهيه النفوس، والكثير من الأزواج يشكون 'زوجتيعنيدة' وهو لا يعلم أن عنادها قد يكون هو السبب فيه، فإن تسلط الزوجأحيانًا وعدم استشارته للزوجة في أمور المعيشة وتحقير رأيها والاستهزاء بهقد يدفع الزوجة في طريق العناد.
فهناك بعض الأزواج
لديهم أفكار خاطئةعن خيبة وفساد رأي
المرأة وأن مشورتها تجلب خراب البيوت، وهذه الأفكار
فوقأنها حمقاء فهي بعيدة
كل البعد عن هدي الإسلام، وتكفينا هنا الإشارة
إلىمشورة أم سلمة رضي
الله عنها التي كانت سببًا في نجاة المسلمين من
فتنةمعصية الله
ورسوله.
وقد يأتي عناد الزوجة
نتيجة لعدم التكيف مع الزوجوالشعور باختلاف
الطباع فيكون العناد صورة من صور التعبير عن رفض
الزوجةسلوك زوجها، وكذا
تعبيرًا عن عدم انسجامها معه في حياتهما
الزوجية.
همسة في أذن الزوجين
إن المرأة المسلمة المؤمنة تعرف عظم فضل زوجها عليها، وهي الزوجة الهينةاللينة الودود الولود كما وصفها الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم قال» ألا أخبركم بنسائكم في الجنة؟«قلنا: بلى يا رسول الله، قال: » ألا أخبركم بنسائكم من أهل الجنة الودود الولود العؤود على زوجها التي إذا آذت أو أوذيت جاءت حتى تأخذ بيد زوجها ثم تقول والله لا أذوق عضما حتى ترضى«رواه الطبراني وغيره.
إن هذا التراضي بين
الزوجين وهذا التواضع منقبل الزوجة ولين
الجانب ليس فقط يصلح ما بينها وبين الزوج وإنما
يكونسببًا في دخول الجنة
بإذن الله وقد كان أبو الدرداء رضي الله عنه
يقوللزوجته: 'إذا رأيتني
غضبتُ فرضني وإذا رأيتك غضبتِ رضيتكِ وإلا لم
نصطحب'.
فالزوج
أيضًا مطالب بأن يرضي
زوجته عند الغضب، يعني عندما تغضب، ولكن
الزوجغالبًا ما يعتبر نفسه
على حق، وهذا من صفات الرجال بصفة عامة، وعلى
الزوجةأن تدرك هذا الأمر
ولا تتهمه دائمًا، ولكن الزوجة الواعية هي من لا
تستثيرغضب زوجها، وإذا عرفت
أن أمرًا ما يغضبه فلا تأتيه، حفاظًا على
مشاعره،وإن أخطأت فعليها
بالاعتراف بالخطأ وأن لا تأخذها العزة بالإثم
وترفضاعتبار نفسها مخطئة،
فالزوج بطبيعته لن يقبل هذا.
والحديث الشريف
يقولللمرأة أن تتنازل
قليلاً عن كبريائها وتذهب إلى زوجها لترضيه وتصيغ ذلك
فيأسلوب رائع، بأن تأخذ
يده بيدها وتقول: لا ترى عيني النوم حتى ترضى،
يعنيلن أتركك تنام وأنت
بهذه الحالة من الغضب.
وعلماء النفس
ينصحونالأزواج بأن لا يبيت
أحدهم غضبان، وأن ينتهي أي خلاف بينهما قبل النوم
لأننوم أحد الزوجين
والغضب يأكله لا يأتي بأثر طيب على النفس، ويكون من
شأنهأن يكره الزوج زوجته
أو العكس، وليس من العدل أن تنام الزوجة قريرة
العينوينام زوجها غضبان
منها، إن هذا لا يرضى الله تعالى فقليلاً من
العنادأيتها الزوجة وكثيرًا
من الحب والود واللين.
هذا ويمكن علاج
العنادبتجنب الأسباب
المنشئة لهذا العناد، وإذا كان العناد طبعًا عند المرأة
أوعند الرجل فليصبر
الطرف الآخر وليحتسب وليحاول قدر المستطاع تجنب
مواطنالنزاع حتى يتخلص
شريكه شيئًا فشيئًا من هذه الصفة فالزمن هنا جزء كبير
منالعلاج
.
ومن العلاج حب الزوج
لزوجته وعطفه عليها واحترامها وعدمإهانتها بأي كلمة أو
إشارة، فإنه بذلك يكسب قلبها ويساعدها على
احترامهوعدم المكابرة
والعناد.
قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: «إذا
صلت
المرأة خمسها وصامت شهرها وحفظت فرجها وأطاعت بعلها [زوجها] دخلت
الجنه«رواه أحمد
وغيره.
وعن
معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: قال رسول
اللهصلى الله عليه
وسلم: »
لو كنت آمرًا بشرًا أن يسجد لبشر لأمرتُ الزوجة
أن
تسجد لزوجها، والذي نفسي بيده لا تؤدي المرأة حق ربها حتى تؤدي حق
زوجها«
فابدئي أنتِ أيتها
الزوجة بالخطوات الأولى من الود واللين
والحبفيسير على هداها
زوجك، ولا تنسي وصية أمامة بنت الحارث لابنتها أم
إياسعند زواجها: "كوني له
أمة يكن لك عبدًا". وأعظم من هذه الوصية قوله
تعالى{وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنْفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ
تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِإِنَّ
اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ}
[البقرة:110] فإن قدمتِ عزيزتيالزوجة الإحسان فهو
لنفسك وستجدين إحسانًا، وإن قدمتِ الحب فلنفسك
وستجديهحبًا وقربًا ومودة
{هَلْ جَزَآءُ الإِحْسَانِ إِلاَّ
الإِحْسَانُ}الرحمن:60
.
- التصنيف: