أيام.. مع سارة الخنيزان

منذ 2006-08-01


ماذا أقول؟؟ ومن أين أبدأ.. فهذه السطور لا تكفي للحديث عن حياتي مع أعز صديقه لي (سارة الخنيزان)..

كان ذلك في عام 1998م في مدينة بولدر الواقعه بولاية كولورادو الأمريكية حيثكان أول اجتماع لي مع المسلمين هناك.. يوم الجمعة الذي رأيت فيه مجموعة منالأخوات المسلمات.

جلست أنظر في وجوه الحاضرات لا أدري مع من أتحدث وكيف ستكون حياتي في هذه البلاد البعيدة.
نظرات خانقة بعد فراق الأحبة، واستيطان الغربة.

فإذا بعزيزتي سارة تقترب مني لتبادلني الحديث وتزيل همّي, وتشاركني وحدتي. ولنأنسى حديثها معي ماحييت، لما كنت فيه من ضيق ووحشة لا يعلم بها إلا اللهسبحانه .

بعدها بأيام اتصلت لتدعوني في بيتها، ومنذ ذلك اليوم وأنالا استطيع مفارقتها إن لم يكن بالنظر إليها فبسماع صوتها. أعادها الله معأبنائها وزوجها سالمة غانمة إن شاء الله.

وقد صعقت بعد سماع خبر محاكمتها وزوجها بسبب سوء معاملتها للخادمة، فكان لزاماً عليّ أن أروي بعض الوقفات من حياتي معها.

كانت سارة هي أمي وأختي وصديقتي في غربتي في الولايات المتحدة الأمريكية, لاتكف عن مناصحتي، تساعدني عند حاجتي إليها. علمتني الكثير في حياتيالزوجية، حيث أنني تزوجت في مقتبل عمري وكنت في حاجة لمن ينصحني ويوجهنيفي ذلك.

بعد أربعة أشهر انتقل زوجي إلى فورت كولونز، وكانت تبعدساعة عنهم. لم نستطع مفارقتهم؛ فأصبحنا نتردد عليهم مرتين في الأسبوع،وأحياناً أكثر من ذلك. بعد ذلك شاء المولى لننتقل إلى ولاية بعيده عنهموهي ولاية كنتكت، ليكمل زوجي دراسته هناك.

انتقلنا وفارقت صديقتيالحبيبة سارة بعد أن ذرفت الدموع على فراقها، وتذكرت عندها فراق أهليوأحبابي. وبعد انتقالنا للولاية الجديدة تعرّفت على عدد من الأخواتالسعوديات ولكن كان جل حديثي معهم عن ذكرياتي مع سارة، حتى كانت إحداهندائماً تقول لي (ياليتني أشوف أم تركي اللي تحكين عنها). وكنت على اتصالشبه يومي معها؛ أستشيرها في كل خطوة أخطوها. وبعد انتهاء زوجي من دراستهذهبنا إلى ولاية كولورادو لتوديعهم قبل رحيلنا إلى أرض الوطن.

فمكثنا بضيافتهم لمدة أسبوعين، رأيت فيها تلك الخادمة التي أعجبني تعامل عزيزتيسارة معها؛ لم أرى أرقى من ذلك التعامل: فإذا خرجت تحضر لها الحلوى كماتحضره لأطفالها, وإذا جلسنا على الغداء تجلسها بجانبنا كما لو كانت إحدىبناتها، كما كانت تقوم بمساعدتها في أعمال البيت ولا تكلفها ما لا تطيق... والكثير الكثير من الدروس الرائعة والأخلاق العالية التي استفدتهاوتعلمتها من عزيزتي سارة، التي لا يكفي هذا المقال لذكرها. أثنيت على طيبمعاملتها لخادمتها فقالت لي: (هذه كأختي.. ولا تنسي أنها تحس كما نحسبالغربة وفراق الأحبة)! فالله المستعان؟؟!!!

وبعد كل هذا التعاملالراقي من قبل أسرة التركي للخادمة، تتهم السلطات الأمريكية بسوءالمعاملة!! وفي الوقت ذاته تعذب القوات الأمريكية الأسير في غوانتنامووتهتك أعراض المسلمات في العراق، ويقف القضاء الأمريكي ليصفق بحرارة لهذاالإنجاز بعد أن يفتح تحقيقاً تلو الآخر وكأن شيئاً لم يكن!!!

غير أن هذا الاتهام لا يستحق ترويع هذه المرأة الشريفة وبناتها الأربعومعاملتها بهذه الطريقة؛ فيسلط عليها السلاح ليلاً و ينتزع حجابها نهاراً،وتوزع صورتها بالإعلام بلا حجاب، ثم تسجن أسبوعين هي وزوجها ليترك الأطفالبلا أب ولا أم؟! وليس هذا فقط بل تمنع إحدى صديقات سارة من زيارة أبنائهاوتهدد بزيارتهم أو حتى محاولة الاتصال بهم!

ويتكرر السؤال آلاف المرات في ذهني.. ماذا فعلت وماذا اقترفت يداها لتعامل هي وأبنائها الصغار بتلك الوحشية في بلد الديموقراطية!!

أما زوجها فلا أبالغ حين أقول أنه كان نِعْمَ الرجل في كرمه ودينه -ولا أزكيعلى الله أحدا- حيث كان محباً لمساعده غيره بكل ما يملك وكل ما يستطيع.

الذي سجن شهراً كاملاً ولم يخرج إلا بدفع غرامة مالية قدرها 25000ريال، وفيالمقابل يترك مايكل جاكسون حراً طليقاً بعد أن فعل ما فعل من تحرشات معالأطفال في أمريكا..

وشتان بين الحالتين!! فوربي لو كان ما يسمى)بمايكل جاكسون) ناشطاً إسلامياً لكان قابعاً في أحد سجون أمريكا الآن!!! ولكن الأدهى والأمر أن تستقبله دولة عربية وتحتفل بقدومه لها وأن يطبق صمتعربي عن ظلم أسرة التركي.


عجباً لهذا الذل والهوان! إلى متى يهان شبابنا وطلابنا في تلك البلاد؟

أحبتي لابد من نداء موحد لنصرة أبو تركي ليرجع سالماً مع أسرته إلى بلده.. لا بد من دعوة في ظهر الغيب... ولا تملّوا الدعاء؛ فمع علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنصر في يوم الأحزاب، إلا انه ضل باسطاً كفيه إلى السماء حتى أشفق عليه أبوبكر رضي الله عنه.

إلى صديقتي العزيزة سارة.. استمري على صبرك كما عهدتك.. وتوكلي على الحي القيوم الذي بيده كل شيء سبحانه.
ستفرج كربتكِ.. وسأذكركِ بذلك بعد عودتك إلينا بإذن الله.

إلى لمى ونورة التركي.. عليكم بالدعاء والصبر والثبات، وبهذا ينال المسلم مبتغاه كما أخبرنا المصطفى صلوات ربي عليه. ستعودون لأرض الوطن وسنحتفل بقدومكم قريباً بإذن الله تعالى.

اللهم فرج كربتهم وردهم مع أمهم وأبيهم سالمين غانمين عاجلاً غير آجل.. ياحي ياقيوم ياذا الجلال والإكرام..