واجبنا تجاه أسرانا

منذ 2006-08-04

بسم الله الرحمن الرحيم

 

قرأت -كما قرأ غيري- خبر أسرى كوبا وهم: مانع العتيبي وياسر الزهراني وبطل ثالث من أهل اليمن -رحمهم الله تعالى- وادّعت أمريكا بأنهم قاموا بالانتحار.

ولي مع هذه القضية الوقفات التالية:

 

الوقفة الأولى: إلى متى يظل إخواننا أُسارى بيد العدو الحاقد؟!

أربعة أعوام من الزمان تمرّ على إخواننا وهم في أقفاص حديدية!! إن أسرانا هناك يعانون ألمين: ألم الأسر الذي يعيشونه تحت وطأة النصارى الحاقدين، وألم خذلان المسلمين لهم وعدم الوقوف معهم في شدتهم ونسيان قضيتهم، وكأن شيئاً لم يكن! فكيف يطيب للمسلمين عيش، ويهنأ لهم طعام وإخوانهم أسارى بأيدي العدو؟! فلا حول ولا قوة إلا بالله.

 

 

الوقفة الثانية: مسألة الانتحار... لا شك أنها مسرحية تافهة ألَفها الأمريكان، ولا أدل على ذلك ما ذكره الأخ (عادل كامل عبد الله) البحريني الذي خرج قريباً من هناك، فقد قال وفقه الله: (وبعد عيد الفطر كان الأخ السعودي مشعل الحربي محتجزاً في زنزانة انفرادية في العنبر إنديا، وفي الفترة المسائية وبعد صلاة المغرب، قام أحد الجنود بالاستهزاء بالدين الإسلامي والقرآن الكريم، ثم بدأ بلمس المصحف والاستهزاء به، فغضب المعتقلون وبدؤوا بالصياح والضرب على شبك الزنازين، ولكن هذه المرة أراد القائد الجديد للمعتقل أن يكسر عزيمة المعتقلين بالقوة، فتم جلب فرقة أو فرقتين من قوات الشغب العسكرية، ثم قاموا بإطفاء الأنوار في الزنازين وفي الساحات الخارجية للمعتقل، حتى أصبح عنبر إنديا في ظلام دامس جداً، ثم بدأت قوات الشغب بالدخول على المعتقلين في الزنازين وفي الزنازين الانفرادية الواحدة تلو الأخرى، وفي أيديهم كشافات قوية يوجهونها إلى أعين المعتقلين، ثم يقومون بضرب المعتقل بشكل جماعي، حتى سال الدم من أجساد العديد من الشباب ومن وجوههم وأفواههم وأنوفهم. وفجأة سمعنا بعض الهمهمات والهمسات بين الجنود وقوات الشغب، ثم أعيدت الأنوار.

 

كان الشباك في الزنزانة الانفرادية التي وضع بها أحد الإخوة المعتقلين ليست محكمة الإغلاق وكانت قريبة من الزنزانة الانفرادية التي وضع بها الأخ السعودي مشعل الحربي، وقد أخبرنا هذا الأخ وكذلك شاهِد آخر من الإخوة أثناء إعادته من غرفة التحقيق بأنهما شاهدا قوات الشغب يخرجون مشعل من زنزانته والدم ينزف من فمه وأنفه ثم حملوه إلى العيادة. وكانت الدماء موجودة في الممرات وفي الزنزانة الانفرادية التي وضع بها مشعل، وقد حضر المسئولون بالسجن للتحقيق في الحادث، ورؤية الدماء وأغلقوا الزنزانة.

 

ثم جاء بعض الخبراء الذين يلبسون الملابس البيضاء في اليوم التالي ورفعوا البصمات وأخذوا عينات من الدماء التي في الزنزانة وفي الممرات، واستمرت التحقيقات والتحريات مدة يومين، ثم قاموا بغسل الدم من الممرات ومن الزنزانة ثم أقفلوها وشمّعوها بالشمع الأحمر ومنعوا الدخول إليها. بدأ المعتقلون يلحّون في السؤال عن مشعل، وتعالت الأصوات المطالبة بمعرفة حالته الصحية، وأشيع بين المعتقلين أن مشعل قد مات تحت التعذيب، وطالبنا المسئولين بالكشف عن الحقيقة، فارتبك مدير السجن والجنود ونفوا أن يكون مشعل قد مات، وأكدوا لنا بأنه في المستشفى وأنهم سيوافوننا بأخباره أولا بأول.

 

وبعد أسبوع جاء بعض الأطباء ليخبرونا بكذبة من كذبات الأمريكان التي لا تنتهي وهي أن مشعل قد حاول الانتحار في الزنزانة الانفرادية وذلك بشنق نفسه بالمنشفة الصغيرة التي يعطونها لنا، والتي لا تكفي حتى للفها حول الوسط ناهيك عن ربطها في السقف ولفها على الرقبة!! ولأننا نعرف أن هذا الأمر مستحيل فقد اتهمناهم بالكذب وتلفيق الاتهامات ضدّنا وضد أخينا مشعل الذي يتمتع بقوة عزيمته وصبره، وكان هو الذي ينصحنا دائماً بالصبر واحتساب الأجر، فكيف سيقدم على الانتحار؟!

 

والحقيقة أن مشعل قد تعرض للضرب خلال فترة إطفاء الأنوار، وكان الهدف من إيذاء مشعل بهذه الطريقة الوحشية هو إرعاب باقي المعتقلين لثنيهم عن التمادي في العصيان والاعتراض على الأوامر. كان الصليب الأحمر يدافع عن المحققين الذين اعتدوا على مشعل ويلفق الأكاذيب ضده، وكانوا يؤكدون أن لنا بأن مشعل قد حاول الانتحار، فلما رأوا إصرارنا على الدفاع عن مشعل واتهامنا لهم بأنهم كذابون وأنهم يعينون الأمريكان على تجاوزهم على حقوقنا المقررة دولياً، قام بعض موظفي الصليب الأحمر بالتشكيك في رواية الانتحار وأكدوا لنا بأنه قد تعرض للضرب.

 

كما أخبرنا هؤلاء بأن مشعل قد يتعرض للموت الدماغي بسبب إصابته البليغة في الرأس وبسبب تعرضه للضرب من الخلف على منطقة النخاع الشوكي، وقالوا بأنه قد أصيب بالشلل الكلي. ولما طلبنا منهم أن يرفعوا تقريراً بذلك اعتذروا بأنهم ينفذون الأوامر التي تأتيهم من رؤساؤهم فقط وأنهم لا يمكنهم تجاوز مسئوليهم).

 

وقال أيضا وفقه الله: (كانت إدارة السجن تشيع بأن بعض المعتقلين قد حاول الانتحار، وكانت تسرب هذه الإشاعات للخارج، وقد تكون لهذه الإشاعات مآرب متعددة منها كسر معنويات الإخوة ورفع معنويات الجنود، ومنها تشويه سمعة المعتقلين وأنهم لم يعودوا قادرين على الصمود والصبر، ومنها وهو الأهم أن أي معتقل يموت تحت التعذيب سيقولون بأنه قد حاول الانتحار عدة مرات، وأنهم فشلوا هذه المرة في إنقاذ حياته. والحقيقة أنه لم يحاول أي من المعتقلين الانتحار ولم يفكر حتى بذلك، فكيف يعكف المعتقل على حفظ كتاب الله، بل إن غالبية المعتقلين أتم حفظ كتاب الله في المعتقل، مما يدل على الهمة العالية عند المعتقلين، ثم يقدم على الانتحار وهو يعلم أن المنتحر جزاؤه الخلود في النار. وعلى العكس فقد كان الأطباء يعالجون مرضاهم النفسيين من الجنود الأمريكان ويقدمون لهم العقاقير المهدأة، وكانوا يحاولون جاهدين إقناعهم بالعدول عن فكرة الانتحار، وبالفعل فقد أقدم العديد من الجنود على الانتحار ونجح بعضهم في ذلك) (1).

 

 

الوقفة الثالثة: وإذا أردنا أن نحاكمهم إلى قوانينهم التي ارتضوها، فبأي حق يعاملون الأسرى خارج الشرعية الدولية التي ليست لديها شرعية لدينا؟!! كخرقهم للاتفاقيات الدولية -كاتفاقية جنيف مثلاً- ووضعهم في كوبا ليضلوا خارج القانون الأمريكي والقانون الدولي مع مرور أربع سنوات والتحقيقات لا تزال جارية! والتهم أيضاً لا تستند إلى أي دليل!! ولم تثبت أي تهمة وجهة إليهم وهذا ما جعلهم في مأزق يرفضون فيه التحاكم إلى أي نظام قانوني حتى لو كان القانون والنظام الأمريكي.

 

 

الوقفة الرابعة: الأدلة والنصوص الشرعية وأقوال السلف كلها تحث على المبادرة لفكاك الأسرى قال صلى الله عليه وسلم: «فُكّوا العاني» أي الأسير. قال الإمام مالك: واجب على الناس أن يفدوا الأسرى بجميع أموالهم، وهذا لا خلاف فيه لقوله صلى الله عليه وسلم «فكوا العاني». انتهى كلامه.

 

وقد قال علماء الإسلام: لو أنفقت الدولة خزينتها على فداء أسرى المسلمين من الكفار ما كان هذا كثيراً. فالله المستعان.

 

 

الوقفة الخامسة: أوصي الجميع حيال هذا الموضوع بما يلي:

 

أولاً: إحياء قضية الأسرى إعلامياً، وتسليط الأضواء عليها وفضح السياسة الأمريكية تجاه المسلمين وقضاياهم.

ثانياً: الاتصال بالهيئات والمنظمات المهتمة بحقوق الإنسان للتدخل وتخفيف وطأة العذاب على الأسرى المجاهدين.

ثالثاً: مخاطبة الولاة للمطالبة بهم وإرجاعهم إلى بلادهم.

رابعاً: تكوين هيئة من المحامين المخلصين لتحريك هذه القضية داخلياً وخارجياً.

خامساً: عقد مؤتمر دولي للتعريف بأحوالهم وقضيتهم، يستضاف فيه الأسرى المفرج عنهم وعلماء أجلاء لتبين واجب الأمة تجاههم.

سادساً: تفحّص أحوال أُسَرِهِم وكفالة من يحتاج من تلكم الأسر الفقيرة منها.

سابعاً: القيام بإصدارات للتعريف بقضيتهم وأحوالهم: أفلام وثائقية - أشرطة كاسيت - محاضرات - ندوات - نشرات ومجلات وكتب.

ثامناً: الدعاء لهم بالفرج.

المصدر: شبكة نور الإسلام