المحاكم الإسلامية ..... مأساة تتكرر

منذ 2007-01-29

بسم الله القائل ( وأن احكم بينهم بما أنزل الله ولا تتبع أهوائهم واحذرهم أن يفتنوك عن بعض ما أنزل الله إليك فإن تولوا فاعلم أنما يريد الله أن يصيبهم ببعض ذنوبهم وإن كثيراً من الناس لفاسقون) المائدة.

مأساة تلو مأساة وإخفاق يتبعه أخاه حتى تكاد مشاعر المسلم تتبلد ويكاد الثلج ينتشر في أوصال أوعية الأمة الدموية وتئن من تصلب حاد في شرايينها الواعية تكاد معه تفقد وعيها الحقيقي لتعيش بوعي مستعار يمليه عليها أعدائها, حتى نرى دولة فتية اختارت شرع ربها لتتحاكم إليه وتستنير بنوره وقد التفت حولها الأفعى اللدود صاحبة السم الزعاف أمريكا وذنبها النجس إسرائيل لتجتث هذه النبتة الطاهرة من جذورها وتقتلع بذور الإيمان من منابته , بعد أن كررت هذه الأفعى نفس المشهد مرات ومرات مع طالبان بأفغانستان , وحركة حماس بفلسطين والحركات الإسلامية بمصر والجزائر عن طريق خدامها هناك , والعجيب أنها تستخدم نفس الأسلوب وتتغلغل بنفس الطريقة حتى نكاد نشم رائحة التعود من موقف المسلمين إزاء قضية الصومال وموقفهم الغريب من المحاكم الإسلامية التي تمثل نبض الشعب الصومالي المسلم الذي اختار الإسلام .

الأمة في أشد الاحتياج لبث دماء شابة مؤمنة قوية العزيمة في شرايينها , وذلك ليس بمستحيل ولكنه يحتاج لإفاقة ووعي وعلماء وقادة صادقين غير ما نرى من تيوس مستعارة ليس لها هم إلا كرسي للحكم أو منصب للفتيا , وإنما قيادة تحكم لتحقق الحق والعدالة وإعلاء كلمة الله , وعلماء يتصدرون ليس إعلاء للذات وإنما إعلاء لشرع الله وكلمته .

وهذا يحتاج لجهد وصبر ومثابرة , يحتاج للعز بن عبد السلام عالم رباني يربي قادة أفذاذ , ويحتاج لجند كخالد وصلاح وقطز يعملون لتكون كلمة الله هي العليا فإن كانوا في المقدمة كانوا القادة العظام وإن كانوا في ساقة الجيش كانوا الجند المخلصين , لا هم لهم إلا نصر أمتهم وإرضاء ربهم .

نحتاج لوزراء مثل رجاء بن حيوة الناصح الأمين لعمر بن عبد العزيز حتى قيل أن من أسباب نجاح عمر وجود رجاء بن حيوة وزيره الناصح مع عبد الملك بن عمر مستشاره الأمين .

نحتاج لشعوب تعرف الحق فتتبعه , وتعرف المنكر فتبتعد عنه وتنكره , ولا تقر سلطانا على باطل أبداً , شعوب تختار الإيمان ولو جاعت ولو حوصرت ولو قوتلت , تعرف أن ما عند الله خير وأبقى , وتوقن بأن النصر مع الصبر , وأن مع العسر يسر.

ويا أمتنا هؤلاء أبناؤك اختاروا كتاب ربهم ليحكم بينهم وبذلوا وقدموا، فقفي معهم ولا تخذليهم , وأخيراً أهدي لكل مسلم هذه الآيات :

{إِنَّا أَنزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُواْ لِلَّذِينَ هَادُواْ وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ وَكَانُواْ عَلَيْهِ شُهَدَاء فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلاَ تَشْتَرُواْ بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلاً وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}[المائدة:44]

{وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ فَاحْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـكِن لِّيَبْلُوَكُمْ فِي مَآ آتَاكُم فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ . وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَآ أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللّهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِمْ وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ . أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [المائدة 48:50]

محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.