سلام اللا سلام

منذ 2007-07-11

سحرة ملوك زماننا الحاضر وحكام الجور هي أجهزة الإعلام مرئية كانت أو مسموعة أو مقروءة, وقد ظهر الدور الحقير لأجهزة الإعلام العالمية بشتى انتماءاتها ومناحيها, في قضية إظهار الإسلام وأهله والطهر وصحبه على هيئة الشرير المتطرف

بسم الله نبدأ وعلى هدي نبيه صلى الله عليه وسلم نسير
أحبتي في الله:
في زمان أضحت فيه الشعارات سلاح كل جبان, وأصبح فيه سيف الحق هو الوحيد المدان, نهدي هذه الكلمات عسى أن تزيل غشاوة من على أعين أي حيران.

عندما قص النبي الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم على صحبه الكرام قصة أصحاب الأخدود, بدأها بأنه كان ملك, وكان له ساحر, وهنا فسر أهل العلم وظيفة الساحر بأنه يزين للناس الحق فيظهره في أعينهم باطلاً, ويزين للناس الباطل الحقير الذليل فيلبسه في أعينهم ثوب الحق الجليل.

قال الثقات من أهل العلم في هذا الزمان الحاضر بأن سحرة ملوك زماننا الحاضر وحكام الجور هي أجهزة الإعلام مرئية كانت أو مسموعة أو مقروءة, وقد ظهر الدور الحقير لأجهزة الإعلام العالمية بشتى انتماءاتها ومناحيها, في قضية إظهار الإسلام وأهله والطهر وصحبه على هيئة الشرير المتطرف المتضجر, وإظهار كل من دونهم من أهل الملل على صورة المتحضر المتحرر.

وهكذا قوبل الأنبياء الأطهار والأئمة العلماء الأبرار من قبل بداية من نوح عليه السلام مروراً بإبراهيم الخليل عليه السلام ثم أبنائه من الأنبياء من بعده, ومن أبرز قصص العداء عداء بني إسرائيل لأنبيائهم وتقتيلهم إياهم, ومن ذلك ما حدث ليحيى السيد الحصور عليه السلام, وأبيه زكريا الذي لم ينج من اللئام, ثم عيسى الذي رفعه إليه الكريم الذي لا ينام.

وقد ابتليت الأمة الإسلامية من لدن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وإلى عصرنا الحاضر بسحرة الملوك وملأ الأمراء والسلاطين الذين يزينون للناس الباطل فيظهرونه حقاً ويلبسون الحق ثوب الباطل, فقد أوذي الرسول الكريم عليه أفضل الصلوات والتسليم, وقد حاول الكفار تشويه رسالته بادعاء الكذب عليه من الكهانة أو تعاطي السحر أو الشعر, بل لما حاروا قالوا إنما يعلمه بشر, وإنما قصدوا بها بحيراً الراهب الذي بشر به قبل بعثته صلى الله عليه وسلم فيما روى ابن اسحق في السيرة, وظل هؤلاء المارقين مع أتباعه وخلفائه صلى الله عليه وسلم بنفس الطريقة والأسلوب فوقف لهم الصديق بالمرصاد عندما حارب المرتدين, ثم استمر مقرر الإثم عندما قتلوا عمر رضي الله عنه وأرضاه, وفتحوا بمقتله باب الشر على الأمة, ثم توالت الفتن زاحفة على الأمة من أعدائها بمقتل عثمان والخروج عليه ثم الخروج على علي ومقتله وظهور فتنتي الخوارج والسبئية, ثم اشتد عود الفتنة بعد ذلك وبرز وظهر في عصر الإمام أحمد رضي الله عنه, ثم بدأ الانحدار الكبير والانحراف العقدي الخطير, والذي أظهر حقد أهل الكتاب جلياً على خير أمة عندما جاءوا بحدهم وحديدهم ومعهم جحافل الظلم والعدوان, بادين لنا العداوة والحقد الأسود متمثلاً في سلسلة الحروب الصليبية, والتي نالت من سلوكيات الأمة وأثرت في صفاء عقيدتها الكثير والكثير, فالمستعمر دائماً كان يحيي البدعة وأهلها ويحارب السنة والشرع وأهله, وما ذاك إلا لأن أهل الأهواء دائما يهادنون المستعمر بل في الغالب يوالونه, لما لديهم من انخرام ظاهر على مر التاريخ في عقيدة الولاء والبراء.

وكذا فأهل السنة دائما هم أهل الحق والجهاد وإعلاء كلمة الله, وهذه الحروب الصليبية قد ظن الكثير من مغفلي قومنا أو قل مستغفليهم أو قل بمعنى أحرى عملاء الكفر وطابورهم الخامس في صفوف المسلمين, هلل هؤلاء بأن زمن الحروب الصليبية قد انتهى, وأن الوقت وقت سلام وأن من يدعون بأن المعسكر الكفري يخطط للنيل من المسلمين هم غافلون فالقوم قد تخطونا منذ زمن ونحن الآن في ذيلهم فعلينا بالأخذ بركب حضارتهم واتباع منهجهم وملتهم, وإن تنازلنا عن الكثير من ديننا بل حتى لو تركناه كله فلا حرج طالما الأمر في سبيل الوصول للتقدم والرقي المنشود, ومن أقوالهم ما قاله بوقهم الأدبي طه حسين: "علينا أن نأخذ بركب الحضارة الغربية بحلوها ومرها", أي بتقدمها وحضارتها ولا مانع من الأخذ بكفرها ودعرها, ومن هنا فلا حرب ولا مكيدة والزمن زمن سلام سلام سلام.

يا ويح قومي كيف نامت أسدهم *** في أيّ صقعٍ خلفوا العزماتِ
ناموا على عزف السلام وما صحوا *** فغدت مرابعنا بدون حماةِ
يا ويح قومي حرّفوا قرآنهم *** لم يأخذوا بدلالة الآياتِ
يا ويح قومي أغفلوا سنن الهدى *** زرعوا الخلاف وأشعلوا الثََوراتِ
حسبوا بأن المجد يأتي عندما *** يتسابقون بأطول الكلمات
حسبوا بأن الفوز يأتي عندما *** يتضاحكون بأمتع السهراتِ
حسبوا بأن النصر يأتي عندما *** يتفاخرون بأفضل الحفلاتِ
ظنوا بأن طريقهم سَيُريحهم *** من كل ما يشكون من أزماتِ
لكنهم وأدوا الكرامة عندما *** مدّوا الإخا لمحرفي التوراة
لكنهم ضلوا طريق سموِّهم *** سهروا على الأوتار والنغماتِ
لا يا أحبة ليس يرجع حقنا *** إلا بحزم يُحرق الشهواتِ
لا يا أحبة ليس يرجع حقنا **** إلا بسيف ينصر الحرماتِ
هذا هو التاريخ يروي مجدكم *** فلتقرؤوا إن شئتم الصفحاتِ


وقد أظهرت الأحداث وكشفت عورات عملاء الغرب في ديار الإسلام, بل كشف الكفر وجهه الحقيقي, من تعاون تام بين نصارى العالم ويهودهم, وإن اختلفوا فيما بينهم فقد اتفقوا على الإسلام, ثم زرعوا في أوساطنا عملاء يهللون بسلامهم المزعوم, فتجد الحديث عن السلام في نفس اللحظات التي يقتل فيها المسلم ويذبح على عتبات الأقصى الجريح, وتجد الحديث عن محاربة التطرف والإرهاب وأبناءنا في العراق يذبحون ويحرمون وأخواتنا في الشيشان تنتهك أعراضهن ويمزقن قرباً, ومثلهم أهل كشمير والأفغان, فيالعرض الإسلام ينتهك, ويالها من مأسأة في زمن قل فيه الرجال.

أحبتي في الله الواقع مر والحقائق موجعة, ولكن معرفة حقيقة الداء هي الطريق الصحيح لتعاطي الدواء, لذا علينا أن نعلم أننا في حرب مقدسة سلاحنا فيها كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولن ننتصر إلا بمنهج السماء المنهج الرباني, لن ننتصر بمنهج أرضي ولا قانون وضعي ولا سلاح السلام الواسع الفضفاض, حربنا حرب اعتقاد, حربنا حرب دعوة, حربنا حرب إعداد, فلا تقعد ولا تركن, إبدأ بنفسك وأعد العدة ولا تقصر في التسلح بسلاح العقيدة الصحيحة والدعوة المباركة وإعداد البدن والنفس ليوم قريب قريب تفتح فيه الأمصار موحدة ممجدة لله الواحد القهار, إن الإسلام اليوم في حاجة إلى إعداد الرجال, فعلى جند الله أن يحملوا المشاعل ويسيروا في دياجير الظلام وفي ظلمات الجهل والتخلف العقدي, لنشر نور الإسلام, لنشر ملة إبراهيم حنيفا, لنشر شرعة خير البشر محمد صلى الله عليه وسلم, والحذار الحذار من التأخر في العلم والعمل والدعوة والجهاد, فالقطار يسير ولا مكان لبطيء ولا متكاسل, هلم رجال الغد هلم يداً في يد, العلم بداية الطريق ولكنه ليس كله فابدأ به وأكمله بالعمل والتطبيق وبالدعوة إلى الحق والصبر على ما يلاقيك, واعلم أن الفجر آت لا محالة, ولكنها أخي الحبيب أزمة رجال.. أزمة رجال.. أزمة رجال.. فكن منهم كن من هؤلاء الرجال.

لازلت أبحث في وجوه الناس عن بعض الرجال
عن عصبة يقفون في الأزمات كالشم الجبال
فإذا تكلمت الشفاه سمعت ميزان المقال
وإذا تحركت الرجال رأيت أفعال الرجال
أما إذا سكتوا فأمطار لها وقع النبال
يسعون جهداً للعلا بل دائماً نحو الكمال
يمشون للغايات لو كانت على بعد المحال
ويحققون مآثرا ً كانت خيالاً في خيال
همم لهم تسموا إذا ما رامها نجم الشمال
أفكارهم خطط تقود الكل نحو الاعتدال
لا يشتهون الدون أو أحوال أشباه الرجال
بل يشتهون الخوض في حرب الهدى ضد الضلال
يتعشقون الموت في أوساط ساحات القتال
ويرون أن الحر عبد إن توجه للضلال


وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين , اللهم انصر الإسلام وأعز المسلمين

بقلم: محمد أبو الهيثم
محمد أبو الهيثم
المصدر: خاص بإذاعة طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.