إجلال الله، هل يعطله علمنا بنواميس الكون؟

منذ 2014-02-25

الكثير منا يقول "سبحان الله" على الشيء الذي يتعجب منه. وهذا لا شيء فيه لأن المقولة شُرعت من أجل التعجب. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا نتعجب أصلاً ولماذا لا نتعجب دائماً؟

الكثير منا يقول "سبحان الله" على الشيء الذي يتعجب منه. وهذا لا شيء فيه لأن المقولة شُرعت من أجل التعجب. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، لماذا نتعجب أصلاً ولماذا لا نتعجب دائماً؟


والجواب هو أننا عادةً لا نتعجب إلا لو كنا لا ندرك كنه هذا الشئ المُتعجب منه أما إذا عرفنا مبادئ بسيطة عن كيفية تصرفه فإننا لا نتعجب ومن ثم لا نقول "سبحان الله"!!. إننا نرى الشمس تطلع علينا كل يوم وتغرب ولا نقول "سبحان الله"! هل كان هذا الإهمال في التعجب وبالتالي في تنزيه الله وتعظيمه سيحدث لو لم نكن نعلم أن الأرض تدور حول نفسها وأن هذه هي "السبب" المظنون لطلوع الشمس وغروبها ولهذا نكرر المثل الخاطيء، في رأيي، "إذا عرف السبب بطل العجب"؟!

ومما يدعو إلى السخرية أنه لا دوران الأرض حول نفسها تُعَدُ "سببًا" في طلوع الشمس ولا أنه بالإمكان معرفة سبب أي شيء إلا أن الله أراده هكذا، وفي ذلك كل العجب والإجلال لإله الكون، وإنما أقصى ما يمكننا معرفته عن طريق العلم المادي هو وصف "كيف" حدوث الظاهرة الطبيعية بقوانين طبيعية. فإننا نصف طلوع الشمس بناءًا على علمنا بنمط حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس، أما "سبب هذه الحركات" فإن مرجعه إلى إرادة الله تعالى.

لقد توقفنا عن قول سبحان الله لمجرد أننا تعرفنا على بعض أوصاف الظواهر التي نراها فحسبنا الأوصاف "أسبابًا" وبالتالي زال العجب!! فالعجب منا كل العجب لهذا التصرف الغريب. أمعرفتنا بوصف عمل الأشياء يزيل العجب من قدرة الله سبحانه على صنع هذه الأشياء وإبداعها وإبداع طرق عملها!؟ وكأن معرفة الأوصاف عطل الشعور بإعجاز الله في خلقه، مع أن العكس هو المفترض فـ  {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} [فاطر: 28]، وأخشى ما أخشاه أن يعد ذلك السلوك العقلي ضربًا من الشرك بالله (الشرك الغير مكفر) حيث صَدَنَا إلفُنا المظاهرَ والقوانين التي ما هي إلا وصف لطريقة حكمه في الكون، عن تمجيد الله وتسبيحه وإرجاع كل فعل في الكون إليه.

قال تعالى:  {أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ . وَإِن يَرَوْا كِسْفًا مِّنَ السَّمَاء سَاقِطًا يَقُولُوا سَحَابٌ مَّرْكُومٌ} [الطور: 43-44].  

فبالله علينا ألا نجعل "الأسباب الموهومة" أو الأوصاف الظاهرة التي ليس لها أي علاقة بحقيقة ما يجري في الكون صادًا لنا عن التعجب في كل لحظة وحين، وبالتالي تمجيد الله وتنزيهه من إعجازه تعالى في إبداع خلقه وتصريفه إياه.

والله أعلى وأعلم 

أحمد كمال قاسم

كاتب إسلامي