«فانتظر السَّاعة»

منذ 2014-03-26

حال المجتمع العربي والإسلامي وتضييع الأمانة...

نشهد بزوغ علامة من علامات الساعة ومؤشرات اقترابها تطل علينا بكل وضوح؛ ألا وهي ارتفاع الأمانة، وندرة أهلها خاصةً وقد وُسِّد الأمر إلى غير أهله.

عن ابن عباس قال: "بينما النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في مجلس يُحدِّث القوم، جاء أعرابيٌّ فقال: متى السَّاعة؟ فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُحدِّث. فقال بعض القوم: سمع ما قال فكره ما قال، وقال بعضهم: بل لم يسمع. حتى إذا قضى حديثه قال: «أين أُراه السَّائل عن السَّاعة؟». قال: ها أنا يا رسول الله. قال: «فإذا ضُيِّعت الأمَانَة فانتظر السَّاعة». قال: كيف إضاعتها؟ قال: «إذا وُسِّد الأمر إلى غير أهله فانتظر السَّاعة»" (رواه البخاري مِن حديث أبي هريرة رضي الله عنه).     

لو نظرنا بعين المدقِّق لوجدنا ندرة الأمانة في جميع طبقات مجتمعاتنا؛ على مستوى المسئولية الكبرى...

على القارئ أن ينظر جيدًا ويُدقِّق في حال من وُسِّد لهم الأمر!

على مستوى الإعلام حدِّث ولا حرج... قلَّما نجد إعلاميًا أمينًا صادقًا!

على مستوى التعليم نفس الشيء... وأكبر دليل على ندرة الأمانة ما نراه من تدني مستويات الطلاب والتعليم بشكلٍ عام!

على مستوى الاقتصاد: يكاد الناس يتنفَّسون الربا مع الشكوى من ضعف الاقتصاديات العربية، وضعف الدخل العربي، وانعدام الأمانة في توزيع الثروات؛ خاصةً مع ما حبى الله به المنطقة العربية من ثروات وهِبات!

على المستوى الصحي نفس الشيء... وكذلك العسكري، والسياسي، والزراعي، والصناعي التقني!

تأخُّرنا في شتى المجالات؛ يُنبئ عن أزمة في الضمير وضياع للأمانات.

قال أبو بكر الصِّديق رضي الله عنه: "أصدق الصِّدق الأمَانَة وأكذب الكذب الخيانة".

وعن ابن أبي نجيح قال: "لما أُتِي عمر رضي الله عنه بتاج كسرى وسواريه جعل يُقلِّبه بعود في يده ويقول: والله إنَّ الذي أدَّى إلينا هذا لأمين. فقال رجل: يا أمير المؤمنين أنت أمين الله يؤدُّون إليك ما أدَّيت إلى الله فإذا رتعت رتعوا. قال: صدقت" (عيون الأخبار: لابن قتيبة).   

عن سفيان بن عيينة قال: "مَن لم يكن له رأس مال فليتخذ الأمَانَة رأس ماله" (الدر المنثور: للسيوطي).
  
وقال الشَّافعي: "آلات الرِّياسة خمس: صِدق اللَّهجة، وكتمان السِّرِّ، والوفاء بالعهد، وابتداء النَّصيحة، وأداء الأمَانَة" (سير أعلام النبلاء: للذهبي).     

وقال ابن أبي الدُّنْيا: "الدَّاعي إلى الخيانة شيئان: المهانة وقلَّة الأمَانَة، فإذا حسمهما عن نفسه بما وصفت ظهرت مروءته" (أدب الدنيا والدين: للماوردي).

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.