أمي بين (الأمس) و(اليوم)
خاطرة عن معاملة الأبناء لأمهاتهم
(بالأمس).. كانت أُمي وكُنتُ صغيرُها
(واليوم).. لا تزال أُمي ولا أزال وَليدها
لكن...
(بالأمس).. حملتني أمي بين جنباتها،، وبين يديها الحانيتين حتى قويت على المشي
(واليوم).. أتذمر إن طلبت مني حمل بعض الأغراض عنها
(بالأمس).. أرضعتني أمي وكان ذلك كالشهد بل أحلى عندي
(واليوم).. أتضجر من طعامها وأعترض عليه وأذهب لتناول الطعام خارجًا
(بالأمس).. كانت رائحتها تجذبني؛ كالمسك كانت بل أطيب
(واليوم).. أشمئز من رائحة عرقها الذي ما سال إلا من أجل تفانيها في خدمتي
(بالأمس).. كنتُ أتلهف لسماعِ صوتها.. أتشوفُ لقصةٍ من فمها
(واليوم).. أنزعج من صوتها عندما تخاطبني: "أمي رأسي يؤلمني، لا أريد أن أسمع شيئًا"
(بالأمس).. كنت أطلب منها أن تكرر على مسامعي تلك الحكاية المفضلة ولم أمَّل يومًا
(واليوم).. إن كررت حكاية موقف حدث لها أنزعج وأقول: "ألم تملي من هذا الحديث؟ هل أصابك الزهايمر؟"
(بالأمس).. كانت (أمي) تُسارع لتلبية رغباتي؛ لو طلبتُ عينيها ما بَخِلت
(واليوم).. أتأفف من طلباتها البسيطة،، وألوح بيدي اعتراضًا
(بالأمس).. كنتُ أسيرُ مُلاصِقًا لها.. إن نظر لي أحدهم أُمسك يدها بقوة وأصرخ: "أمي"؛ أنتِ الملاذ الآمن
(واليوم).. إن قابلتها أشيح بوجهي عنها وأُسرع الخُطى؛ لا أريد أن يعرف أحد أنها (أمي)
(بالأمس).. كنتُ حياتها.. لا أحد يفضُلني عندها
(واليوم).. الكلُ يفضُل أمي.. وهي الأخيرة في حياتي
(بالأمس).. كم سهرت أمي الليالي تُمرضني وترفع أكفها لرب السماء أن يحفظني
(واليوم).. لا أتذكرها.. أبخل عليها حتى بالدعاء
عُذرًا أمي فأنا (فاقد للذاكرة) (ناكر للجميل)
بين (الأمس) و(اليوم) أمي لا تزال كما هي
بين (الأمس) و(اليوم) صار حالي هكذا
ولكن...
بين (اليوم) و(الغد) سيكون هذا حالي مع ولدي
عُذرًا منكِ يا نفسي.. فما قدمتِ سيبقى لكِ لا محالة!
- التصنيف:
- المصدر: