تأنَّى في أمورك كلها!

منذ 2014-04-02

عجلة الرجل في اتخاذ القرار تذهب بوقاره وهيبته وتتسبب في خسائر لا يعلمها إلا الله فقد يخسر الإنسان دينه وقد يخسر ماله أو زوجه أو منصبه أو حتى نفسه بسبب استعجاله وعدم تأنيه...

عجلة الرجل في اتخاذ القرار تذهب بوقاره وهيبته وتتسبب في خسائر لا يعلمها إلا الله فقد يخسر الإنسان دينه وقد يخسر ماله أو زوجه أو منصبه أو حتى نفسه بسبب استعجاله وعدم تأنيه.

قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَتَبَيَّنُواْ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلاَمَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فَعِندَ اللّهِ مَغَانِمُ كَثِيرَةٌ كَذَلِكَ كُنتُم مِّن قَبْلُ فَمَنَّ اللّهُ عَلَيْكُمْ فَتَبَيَّنُواْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا} [النِّساء:94].

قال الطَّبري: "{فتبيَّنُواْ}، يقول: فتأنَّوا في قتل مَن أشكل عليكم أمره، فلم تعلموا حقيقة إسلامه ولا كفره، ولا تعجلوا فتقتلوا مَن الْتَبَس عليكم أمره، ولا تتقدَّموا على قتل أحدٍ إلَّا على قتل مَن علمتموه -يقينًا- حرْبًا لكم ولله ولرسوله" (جامع البيان في تأويل القرآن؛ للطبري).

 وقال عزَّ مِن قائل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن جَاءكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ} [الحجرات:6].

"قرأ الجمهور:{فتبيَّنُواْ} مِن التَّبيُّن، وقرأ حمزة والكسائي: {فتبيَّنُواْ}، مِن التَّثبُّت، والمراد مِن التَّبيُّن: التَّعرُّف والتَّفحُّص، ومِن التَّثبُّت: الأناة وعدم العَجَلَة، والتَّبصُّر في الأمر الواقع، والخبر الوارد حتى يتَّضح ويظهر" (فتح القدير؛ للشَّوكاني).

عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ -أشجِّ عبد القيس رضي الله عنه-: «إنَّ فيك خصلتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة»" (رواه مسلم).

قال القاضي عياض: "الأناة: تربُّصه حتى نظر في مصالحه ولم يعجل، والحِلْم: هذا القول الذي قاله، الدَّال على صحَّة عقله، وجودة نظره للعواقب".

وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «التَّأنِّي مِن الله، والعَجَلة مِن الشَّيطان» (حسَّنه الألباني في صحيح الجامع).

قال المناوي: "التَّأنِّي مِن الله تعالى أي: ممَّا يرضاه ويثيب عليه، والعَجَلَة مِن الشَّيطان أي: هو الحامل عليها بوسوسته؛ لأنَّ العَجَلَة تمنع مِن التَّثبُّت، والنَّظر في العواقب" (فيض القدير شرح الجامع الصَّغير).

وعن سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه أنَّه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «التُّؤدة في كلِّ شيء خيرٌ إلَّا في عمل الآخرة » (صحَّحه الألباني في صحيح سنن أبي داود).      

قال أبو عثمان بن الحداد: "مَن تأنَّى وتثبَّت تهيَّأ له مِن الصَّواب ما لا يتهيَّأ لصاحب البديهة" (جامع بيان العلم   وفضله؛ لابن عبد البر: [2/1127]).

وقال أبو حاتم: "الخائب مَن خاب عن الأناة، والعَجِل مخطئٌ أبدًا كما أن المتثبِّت مُصيبٌ أبدًا" (روضة العقلاء   ونزهة الفضلاء).     

- وقال أيضًا: "إنَّ العاجل لا يكاد يلحق، كما أنَّ الرَّافق لا يكاد يُسْبَق، والسَّاكت لا يكاد يندم، ومَن نطق لا يكاد يَسلم، وإن العَجِل يقول قبل أن يَعلم، ويُجيب قبل أن يفهم، ويحمد قبل أن يجرِّب" (روضة العقلاء ونزهة الفضلاء).

قال النَّابغة:

الرِّفقُ يُمْنٌ والأناةُ سعادةٌ *** فتأنَّ في رفقٍ تُلاقِ نجاحا
 

 

المصدر: خاص بموقع طريق الإسلام

أبو الهيثم محمد درويش

دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.