الفيس بوك نعمة أم نقمة

منذ 2014-04-08

هناك من بني جلدتنا من استغل تلك النعمة -الفيس بوك- أسوء استغلال، فحولها إلى نقمة فكانت طريقه السهل لنشر الشائعات والفتن، فما أن يكتب كلمة كاذبة إلا وتنتشر مثل الرماد لا يستطيع أحد إيقافها، فتتسبب تلك الفرية في إثارة الفتن، وإشعال نار الفرقة والتنازع..

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته


يقول تعالى: {...كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور:21].
{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ . وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُوْلَئِكَ هُمْ الْفَاسِقُونَ} [الحشر:18-19].

تلك الآيات وغيرها في كتاب الله كثير رسائل ربانية للبشر، ليعلم كل إنسان أن كل ما يفعله سواء بالقول أو بالفعل مسجل عليه، ولا ينسى أن الله يراه وسبحانه خبير عليم بكل ما يفعله سواء في السر أو الجهر، ويجب علينا قبل أن نقول شيء أو نفعله ألا ننسى الله، ونتفكر دائمًا هل هذا يرضيه أم لا، حتى لا نكون ممن نعتهم الله بالفسق والعياذ بالله..

إن الله سبحانه وتعالى نعمه لا تعد ولا تحصى، وقد أوجب علينا أن نستغل تلك النعم فيما ينفع ويفيد، والبعد عن كل ما يضر ويُفسد.. ولكن -للأسف- نفس الإنسان الأمارة بالسوء تنسيه تلك الآيات والرسائل الربانية، وتتجه ناحية كل ما ينهى عنه الله ورسوله، مستغلة في ذلك ما أنعم الله عليها به..

من تلك النعم شبكة التواصل الاجتماعي -الفيس بوك- تلك النعمة التي لو تم استغلالها فيما يرضي الله لأصبحت منارة تشع بالإسلام الصحيح وتنشره وتدعو إليه بأقل مجهود، ومن خلالها يتناصح المسلمون فيما بينهم، وتقرب البعيد، وهي نعمة جعلت أفراد الأمة تتواصل فيما بينها بالرغم من بعد المسافات دون الحاجة لتأشيرة دخول..

ولكن للأسف هناك من بني جلدتنا من استغل تلك النعمة أسوء استغلال، فحولها إلى نقمة فكانت طريقه السهل لنشر الشائعات والفتن، فما أن يكتب كلمة كاذبة إلا وتنتشر مثل الرماد لا يستطيع أحد إيقافها، فتنتقل من صفحة إلى صفحة، وتتناقلها الأقلام والأفواه دون تبين أو تأكد من صحتها، ودون أن رادع من قول الله تعالى: {إِذْ تَلَقَّوْنَهُ بِأَلْسِنَتِكُمْ وَتَقُولُونَ بِأَفْوَاهِكُمْ مَا لَيْسَ لَكُمْ بِهِ عِلْمٌ وَتَحْسَبُونَهُ هَيِّنًا وَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ عَظِيمٌ} [النور:15].

فتتسبب تلك الفرية في إثارة الفتن، وإشعال نار الفرقة والتنازع، ونسي أو تناسى قول الحبيب عليه الصلاة والسلام: «إنَّ اللهَ كرِه لكم ثلاثًا: قيلَ وقالَ وإضاعةَ المالِ وكثرةَ السُّؤالِ» (صحيح البخاري:7281)، فكيف لمن شهد أن لا إله إلا الله محمد رسول أن يفعل ما يكرهه الله؟ وأن يفعل ما هو عند الله عظيم؟ كيف سيقابل رب العزة وقد تسبب بكلمة كاذبة منه إما في خراب بيت، أو سفك دمٍ حرام، أو إشعال فتنة داخل الوطن بسببها يتفرق الناس إلى جماعات كل جماعة تحارب الأخرى؟

وكل ذلك بسبب كلمة خرجت ممن لا يتقي الله..
واعلموا جميعًا إن تلك الصفحات -الفيس بوك- ستكون شاهدًا إما علينا أو لنا، فكل شيء مدون عند مالك الملك.
فلينتبه كل إنسان ماذا يكتب، وماذا ينشر، وليعلم أن الله ليس بغافل عما نعمل، ولكنه سبحانه قد يمهلنا لوقت لا ينفع مالٌ ولا بنون.
 

ليت الجمع يتقي الله وليجعل صفحته تضيء بالدعوة لله، والنصح لأبناء الأمة، فكم من كلمة غيرت جبابرة في الظلم والطغيان، وكم من كلمة أدخلت آخذها في بحر من الظلمات..

ولا أقول لمن يفعل ذلك سوى: {وَاتّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمّ تُوَفّىَ كُلّ نَفْسٍ مّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ} [البقرة:281]. 

أم سارة

كاتبة إسلامية من فريق عمل موقع طريق الإسلام