تعاونوا يرحمكم الله!
قال العلامة السعدي رحمه الله: "فإنَّ في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكَّنون مِن كلِّ أمر مِن الأمور، ويحصل لهم مِن المصالح التي تتوقَّف على الائتلاف ما لا يمكن عدُّها، مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى"...
مع سيادة النزعة الفردية وتقديم الذات لدى الأفراد والجماعات في سائر العالم الإسلامي، ومع شبه غياب للنزعة الجماعية وروح التعاون بين أفراد المجتمعات العربية والإسلامية... التي نزلت رسالتها بإعلاء التعاون بين أفراد وطوائف وطبقات المجتمع المسلم الذي يراه الإسلام لحمة واحدة وكيانًا واحدًا فريدًا متماسكًا.
النزعة الفردية وانتفاخ الأنانية وتسرُّب الثقافات الغربية القائمة على النفعية؛ أدَّت لتشتت وضعف شديد في تماسك المجتمعات الإسلامية التي خالفت بتفرُّقِها أمر ربها وسنة نبيها صلى الله عليه وسلم... خاصة مع انتشار ما يُعرَف الانتماء الحزبي للجماعة أو الحزب أو حتى الغلو في الشيخ.
لذا كان لِزامًا تقديم نظرة الإسلام للتعاون كعلاج حقيقي لضعف الأمة الإسلامية وتشتُّتِها وتفرُّق أبناءها بين أفكار مختلفة.
قال سبحانه: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [المائدة من الآية:2].
قال ابن كثير: "يأمر تعالى عباده المؤمنين بالمعاونة على فعل الخيرات، وهو البرُّ، وترك المنكرات وهو التَّقوى، وينهاهم عن التَّناصر على الباطل، والتَّعاون على المآثم والمحارم" (تفسير القرآن العظيم: [2/12]).
وقوله عزَّ وجلَّ: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىَ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [آل عمران:103].
قال العلامة السعدي رحمه الله: "فإنَّ في اجتماع المسلمين على دينهم، وائتلاف قلوبهم يصلح دينهم وتصلح دنياهم، وبالاجتماع يتمكَّنون مِن كلِّ أمر مِن الأمور، ويحصل لهم مِن المصالح التي تتوقَّف على الائتلاف ما لا يمكن عدُّها، مِن التَّعاون على البرِّ والتَّقوى" (تيسير الكريم الرَّحمن، ص: [141]).
قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم: «البخاري: [481]، ومسلم: [2585]).
قال ابن تيمية: "حياة بني آدم وعيشهم في الدُّنْيا لا يتم إلَّا بمعاونة بعضهم لبعضٍ في الأقوال أخبارها وغير أخبارها وفي الأعمال أيضًا" (الفتاوى الكبرى: [6/364]).
وقال أبو حمزة الشَّيباني لمن سأله عن الإخوان في الله مَن هم؟ قال: "هم العاملون بطاعة الله عزَّ وجلَّ المتعاونون على أمر الله عزَّ وجلَّ، وإن تفرَّقت دورهم وأبدانهم" (الإخوان؛ لابن أبي الدُّنْيا، ص: [99]).
- وقال أبو الحسن العامري: "التَّعاون على البرِّ داعية لاتِّفاق الآراء، واتِّفاق الآراء مجلبة لإيجاد المراد، مكسبة للوداد" (البصائر والذخائر؛ لأبي حيان التَّوحيدي: [9/148]).
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
- التصنيف: