حب حقيقي
الشوق للقاء إذا بعدت .. وحمل هم لحظة الفراق إذا قربت .. حديث العيون .. وعجز الحروف .. وبلاغة الدموع .. طيب الأمنيات، وروعة الأحلام المشتركة .. وذلك البيت الصغير تلوح أنواره في أفق المستقبل .. أيقنت أن شجرة الحب بدأت تلقي على حياتنا بظلالها .. لكني لم أدر أن هذه مجرد الظلال .. وما الزواج إلا التنعم بثمرة تلك الشجرة، تحلي طعم الأيام مهما شابتها مرارة الدنيا .. وتصفي كأس العمر مهما خالطه من كدر .. وصرت لا أخرج من البيت حتى أفتقدها .. ووقتي في بعدها تعليل للنفس بقرب لقائها!!
وتبقى الأمانة في الطرح تقتضي مراعاة الواقع، وأحوال الناس، وإن كان ما تحياه أنت مختلفا !!
يحكي قائلا: "هي ابنة عمي، وأعرف طباعها وأخلاقها منذ الصغر، لم يتحرك قلبي يوما ناحيتها لأتخيلها زوجة!!، علم الله أني كنت أذكرها في قيامي -وسط من أذكرهم- داعيا لها بزوج يستحقها، يعينه الله على إسعادها، لم يخطر ببالي قط أن أكونه!!، يوم تقدمت لها -بعد تشجيع أمي-، تقدمت بدافع من عقل قبل القلب، هاتف بداخلي يقول: وماذا تطلب فوق ذلك؟!
يوم الرؤية الشرعية -وبعد خمس سنوات مرت على انتقابها، لم يكن في الذاكرة إلا ملامحها الطفولية- لم يرفرف قلبي ولم تسر قشعريرة الحب في جسدي!!، كنت فقط مقتنعا أنها خير رفيق على طريق الجنة بإذن الله، يوم الخطوبة أرادوا إكرامي ورفع الحرج عني بطلب رؤية ثانية فأدخلوها علي بفستان جميل -كما تصف هي الآن لي-؛ لكني لم أره ولم أرها!!، غضضت طرفي وألزمته الأرض -وليتني اكتفيت- ثم قلت: "العزم قد استقر والعين بك راضية قبل أن أدخل البيت حتى، ولذا لا أراه يحل لي النظر إليك حتى نعقد". قامت متفهمة -كما بدا لي- ثم عادت بنقابها وكامل حجابها، وإن كنت مضطرا للاعتذار حتى اللحظة كلما ذكرتني مبكتة لي على إحراجها، تقول: ألم يكن يسعك السكوت يا عم الشيخ؟!
فترة العقد كانت وكعادة الملتزمات -والتي ليس دائما ميزة- صامتة غالب الوقت، لكني كنت أكتفي بشيء أفهمه من عينيها، غرست البذرة في تربة قلبها الخصبة وظللت بالصبر أرعاها، وبغيث الروح أسقيها، طامعا في الله مستعينا به أن تؤتي يوما أكلها، وبدأ الحب يدب في القلب الخالي، وبدأت البذرة تخرج شطأها وتستوي على ساقها.
الشوق للقاء إذا بعدت .. وحمل هم لحظة الفراق إذا قربت .. حديث العيون .. وعجز الحروف .. وبلاغة الدموع .. طيب الأمنيات، وروعة الأحلام المشتركة .. وذلك البيت الصغير تلوح أنواره في أفق المستقبل .. أيقنت أن شجرة الحب بدأت تلقي على حياتنا بظلالها .. لكني لم أدر أن هذه مجرد الظلال .. وما الزواج إلا التنعم بثمرة تلك الشجرة، تحلي طعم الأيام مهما شابتها مرارة الدنيا .. وتصفي كأس العمر مهما خالطه من كدر .. وصرت لا أخرج من البيت حتى أفتقدها .. ووقتي في بعدها تعليل للنفس بقرب لقائها!!
ولا أكاد أصدق أن هذه هي التي لم يتحرك قلبي يوم رأيتها .. ولا أجد في قاموسي معنى لمصطلح "الحب من أول نظرة" .. حياتي مع حبيبتي تؤكد لي يوما عن يوم أنه مجرد وهم!!"، هذه حكاية صاحبنا..يقول: ما زدت فيها ولا تجملت -والعهدة عليه- !!
محمد عطية
كاتب مصري
- التصنيف:
- المصدر: